الأطفال من أكثر ضحايا الألغام الأرضية
في أول مارس عام 1999 تم التصديق في أوتاوا على اتفاقية هامة تحظر بنودها إنتاج وتسويق الألغام، وتمنع التدريب عليها، وتنص أيضا على تدمير جميع المخزون لدى الدول الموقعة خلال 4 سنوات، وإزالة الألغام خلال 10 سنوات من تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
وبعد توقيع 133 دولة على الاتفاقية وعضوية 156، لا تزال أمريكا في مقدمة الدول التي ترفض التوقيع على الاتفاقية، ومعها في ذلك روسيا، والصين، والهند -وكلهم أعضاء في النادي النووي- على رأس قائمة تضم 37 دولة رافضة للتوقيع على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام، رغم أن تلك الألغام تحصد 40 ضحية يوميا بين قتيل، ومعاق، ومشوه، وأبتر.
هذا طرف من الجانب السياسي للمسألة، بيد أن الجانبين التقني والمالي لهما أيضا مشاكلهما؛ فبالنسبة للثاني -وعلى سبيل الإيجاز- تقدر منظمة الصليب الأحمر كلفة إزالة الألغام الأرضية على مستوى العالم بحوالي 33 مليار دولار، في حين تبلغ كلفة إنتاج اللغم الواحد 3 دولارات، وكلفة الإزاحة ألف دولار، وتلك الأرقام متحركة؛ إذ تنشر البلدان الرافضة للاتفاقية في حروبها -وربما الموقعة- عشرات الآلاف من الألغام الأرضية لاسيما المضادة للأفراد، وما أكثر حروب أمريكا وإسرائيل.
والمدهش أن مصر التي تحمل أراضيها 20% من الألغام الأرضية في العالم تأتي ضمن الدول التي لم توقع على الاتفاقية؛ إذ يجثم على صحراء العلمين ما يزيد على 17 مليون لغم من مخلفات الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى نحو 5 ملايين لغم في أماكن متفرقة من شبه جزيرة سيناء، وسواحل البحر الأحمر، وأكناف قناة السويس التي كانت مسرحا للعمليات الحربية مع إسرائيل أو أماكن لتمركز قوات الطرفين.
أما الجانب التقني فهو ذو شقين: شق يتعلق بالكشف عن الألغام الأرضية، وآخر بصدد تفجيرها أو إبطال مفعولها.
ولتحقيق الهدف المنشود من الشق الأول هناك عدد من التقنيات والأساليب للكشف عن الألغام الأرضية، منها استخدام أجهزة استشعار مختلفة بتكنولوجيات متعددة وشديدة التباين، بينما تستفيد بعض الدول من الحيوانات في الكشف عن المدفون منها مستخدمة في ذلك الكلب، والخنزير، واليربوع، والفراش، وأخيرا النحل.
البكتيريا.. حل رخيص
الجديد في هذا الشأن هو استخدام البكتيريا؛ حيث نشر موقع ساينس ديلي المعني بالشأن العلمي تقريرا الإثنين 16-11-2009 عن استخدامها في إطار "اختبار بسيط يمكن أن يقدم حلا رخيصا لاكتشاف الألغام الأرضية"، كما جاء عنوان التقرير.
فقد قام طلاب من جامعة أدنبرة البريطانية باستنبات بكتيريا خصيصا بغرض الكشف عن الألغام الأرضية؛ بحيث تضيء لونا أخضر مشعا عندما تلامس الكيماويات المتسربة من المتفجرات المدفونة.
تعليقا على الإنجاز، يقول أليستر إيلفيك من كلية الهندسة بالجامعة، والذي شارك في الإشراف على مشروع الطلبة: "هذا المجس المضاد للألغام نموذج عظيم على المدى الذي يمكن أن يكون الابتكار في العلوم عائدا بالفائدة على المجتمع الأرحب، وهو يوضح كيف يمكن بالتقنيات العلمية الجديدة تصميم الجزئيات لغرض محدد".
هذا هو الشأن العلمي في المسألة، أما الجانب التقني فيمكن أن يكون عبارة عن مزج هذه البكتيريا بمحلول بلا لون، عندما يتم رشه من الجو فوق الأرض فإنه تتكون عليها بقع خضراء مشعة في حالة وجود ألغام أرضية.
ويقول الباحثون: إن هذا الكائن الدقيق رخيص الإنتاج، ويمكن رشه من طائرة على الأراضي التي يرجح وجود ألغام فيها، والنتيجة سوف تظهر في غضون ساعات قليلة، وهذه البكتيريا ليست ضارة للإنسان أو للحيوانات.
ووفقا للمؤسسة الخيرية الدولية لرعاية المعاقين، فإن ضحايا الألغام الأرضية والذخائر التي لم تنفجر تتراوح بين 15 ألفا إلى 20 ألف ضحية كل عام، وتوجد الألغام الأرضية غالبا في شكل حقول ألغام ممتدة في نحو 87 دولة أبرزها الصومال، وموزمبيق، وكمبوديا، والعراق، وأفغانستان.
وبحسب التقرير، فقد تمكن العلماء والباحثون من استنبات تلك البكتيريا خصيصا لغرض الكشف عن الألغام الأرضية التي لم تنفجر، بعدما استخدموا تقنية جديدة واعدة يطلق عليها BioBricking، وهي عبارة عن أسلوب يمكن من تجميع جزئيات البكتيريا على هيئة كما لو كانت ماكينة صغيرة مكونة من أجسام دقيقة متراصة بعضها إلى بعض.
ويقول الباحثون المشاركون في المشروع إنه بالرغم من عدم وجود خطط لجعل منتجهم تجاريا، فإنهم يرون المنتج رخيصا سهل المنال، وبديلا سهل الاستخدام عن أية أجهزة استشعار أخرى تستخدم للكشف عن الألغام الأرضية.
ولم يضف التقرير توضيحا أكثر أو تفاصيل أدق حول التقنية الجديدة، ولا خصائص البكتيريا، ولا عن نوعها، ولم يقدم إجابات شافية عن الكيفية التي تشع بها البكتيريا، ولماذا اللون الأخضر تحديدا
منقول عن موقع قراصنة غزة