منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

أهلاً بكم في منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

بتسجيلكم والدخول الى حساباتكم تصبحون قادرين على المشاركة وارسال المساهمات وتبادل المعلومات والرسائل الخاصة مع باقي الأعضاء ضمن حدود الإحترام..

نرجو منكم الالتزام بالأخلاقيات العامة واحترام الآخرين وارسال المساهمات ذات القيمة المضافة وذكر مصدر أي معلومة جديدة تضيفونها الى المنتدى في مشاركاتكم تحت طائلة العقوبة..

شكراً لإهتمامكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

أهلاً بكم في منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

بتسجيلكم والدخول الى حساباتكم تصبحون قادرين على المشاركة وارسال المساهمات وتبادل المعلومات والرسائل الخاصة مع باقي الأعضاء ضمن حدود الإحترام..

نرجو منكم الالتزام بالأخلاقيات العامة واحترام الآخرين وارسال المساهمات ذات القيمة المضافة وذكر مصدر أي معلومة جديدة تضيفونها الى المنتدى في مشاركاتكم تحت طائلة العقوبة..

شكراً لإهتمامكم

منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    العواصـــــــــف

    avatar
    Bassel
    إبن البلد
    إبن البلد


    ذكر عدد الرسائل : 420
    العمر : 43
    العمل/الترفيه : Mechanical Engineer
    المزاج : متفائل
    تاريخ التسجيل : 24/03/2009

    العواصـــــــــف Empty العواصـــــــــف

    مُساهمة من طرف Bassel 23/4/2009, 00:12

    رؤيـــــــــــا
    عندما جَنَّ الليل و ألقى الكَرَى رداءه على وجه الأرض تركُ مضجعي و سرتُ نحو البحر قائلاً في نفسي: البحر لا ينام. و في يقظة البحر تعزيةٌ لروحٍ لا تنام.


    بلغتُ الشاطئ و كان الضباب قد انحدر من أعالي الجبال و غمر تلك النواحي مثلما يوشي النقاب الرمادي وجه الصبية الحسناء. فوقفتُ محدقاً فوقفتُ محدقاً إلى جيوش الأمواج مصغياً إلى تهاليلها،مفكراً بالقوى السرمدية الكامنة وراءها، تلك القوى التي تركض مع العواصف و تثور مع البراكين و تبتسم بثغور الورود و تترنم مع الجداول.


    و بعد هنيهة التفتُ فإذا بثلاثة أشباحٍ جالسين على صخرٍ قريبٍ و أغشية الضباب تسترهم و لا تسترهم، فمشيتُ نحوهم ببطء كأن في كيانهم جاذباً يستمليني قسر إرادتي.


    ولما صرتُ على بعد بضع خطواتٍ منهم وقفتُ شاخصاً بهم كأن في المكان سحراً أجمد ما بي من العزم و أيقظ ما في روحي من الخيال.


    في تلك الدقيقة وقف أحد الأشباح الثلاثة, و بصوتٍ خلته آتياً من أعماق البحر قال:
    - الحياة بغير الحب كشجرةٍ من غير أزهار و لا ثمار، و الحب بغير الجمال كأزهارٍ بغير عطر، و أثمارٍ بغير بذور..... الحياة و الحب و الجمال ثلاثة أقانيم _كلمة سريانية مفردها أقنوم و تعني الشخص أو الأصل_ في ذاتٍ واحدة مستقلةٍ مطلقةٍ لا تقبل التغيير ولا الانفصال. قال هذا و جلس في مكانه.


    ثم انتصب الشبح الثاني، و بصوتٍ يماثل هدير مياهٍ غزيرة قال:

    - الحياة بغير تمرد كالفصول بغير ربيع. و التمرد بغير حق كالربيع في الصحراء القاحلة الجرداء.... الحياة و التمرد و الحق ثلاثة أقانيم في ذاتٍ واحدة لا تقبل الانفصال ولا التغيير.


    ثم انتصب الشبح الثالث، و بصوتٍ كقصف الرعد قال:
    - الحياة بغير الحرية كجسمٍ بغير روح. و الحرية بغير فكر كالروح المشوشة ..... الحياة و الحرية و الفكر ثلاثة أقانيم في ذاتٍ واحدةٍ أوليةٍ لا تزول ولا تضمحل.


    ثم وقف الأشباح الثلاثة، و بأصواتٍ هائلةٍ قالوا معاً:
    - الحب و ما يولده. و التمرد و ما يوجده. و الحرية وما تنميه. ثلاثة مظاهر من مظاهر الله . و الله ضمير العالم العاقل.


    و حدث إذا ذاك سكوتٌ مفعمٌ بحفيف أجنحةٍ غير منظورةٍ و ارتعاش أجسام أجسامٍ أثيريةٍ. فأغمضتُ عيني مصغياً إلى صدى الأقوال التي سمعتها. و لما فتحتها و نظرتُ ثانيةً لم أر غير البحر متشحاً بدثار الضباب، فاقتربتً من الصخرة حيث كان الأشباح الثلاثة جالسين فلم أر إلا عموداً من البخور متصاعداً نحو السماء.
    Anonymous
    زائر
    زائر


    العواصـــــــــف Empty رد: العواصـــــــــف

    مُساهمة من طرف زائر 23/4/2009, 00:51

    Bassel كتب:
    - الحب و ما يولده. و التمرد و ما يوجده. و الحرية وما تنميه. ثلاثة مظاهر من مظاهر الله . و الله ضمير العالم العاقل.

    أروع كلام قرأته..لجبران برأيي.يختصر الحياة بأسرها بالفعل.

    شكرا باسل على هالمسوية الغييير شكل.
    avatar
    Bassel
    إبن البلد
    إبن البلد


    ذكر عدد الرسائل : 420
    العمر : 43
    العمل/الترفيه : Mechanical Engineer
    المزاج : متفائل
    تاريخ التسجيل : 24/03/2009

    العواصـــــــــف Empty رد: العواصـــــــــف

    مُساهمة من طرف Bassel 23/4/2009, 11:15

    يا بني أمي:
    ماذا تريدون مني يا بني أمي؟


    أتريدون أن أبني لكم من المواعيد الفارغة قصوراً مزخرفة بالكلام وهياكل مسقوفة بالأحلام ، أم تريدون أن أهدم ما بناه الكاذبون والجبناء وأنقض ما رفعه المراؤون والخبثاء؟


    ماذا تريدون أن أفعل يا بني أمي؟


    أأهدل كالحمائم لأرضيكم أم أزمجر كالأسد لأرضي نفسي؟


    قد غنيت لكم فلم ترقصوا ونحت أمامكم فلم تبكوا ، فهل تريدون أن أترنم وأنوح في وقتٍ واحد؟


    نفوسكم تتلوى جوعاً وخبز المعرفة أوفر من حجارة الأودية،ولكنكم لا تأكلون. وقلوبكم تختلج عطشاً ومناهل الحياة تجري كالسواقي حول منازلكم، فلماذا لا تشربون؟


    للبحر مدٌ وجزر،وللقمر نقصٌ وكمال،وللزمن صيفٌ وشتاء،أما الحق فلا يحول ولا يزول و لا يتغير، فلماذا تحاولون تشويه وجه الحق؟


    ناديتكم في سكينة الليل لأريكم جمال البدر وهيبة الكواكب،فهببتم من مضاجعكم مذعورين وقبضتم على سيوفكم ورماحكم صارخين:أين العدو لنصرعه؟ عند الصباح وقد جاء العدو بخيله و رَجله ناديتكم فلم تهبوا من رقادكم، بل ظللتم تغالبون مواكب الأحلام.


    قلت لكم:تعالوا نصعد إلى قمة الجبل لأريكم ممالك العالم فأجبتم قائلين:في أعماق هذا الوادي عاش آباؤنا وجدودنا،و في ظلاله ماتوا،وفي كهوفه قبروا،فكيف نتركه ونذهب إلى حيث لم يذهبوا؟


    قلت لكم:هلموا نذهب إلى السهول لأريكم مناجب الذهب وكنوز الأرض،فأجبتم قائلين:في السهول تربض اللصوص وقطاع الطرق.


    قلت لكم:تعالوا نذهب إلى الساحل حيث يعطي البحر خيراته،فأجبتم قائلين:ضجيج اللجة يخيف أرواحنا وهول الأعماق يميت أجسادنا.
    لقد كنت أحبكم يا بني أمي وقد ضر بي الحب ولم ينفعكم،واليوم أكرهكم والكره سيل لا يجرف غير القضبان اليابسة،ولا يهدم سوى المنازل المتداعية.


    كنت أشفق على ضعفكم يابني أمي والشفقة تكثر الضعفاء وتنمي عدد المتوانين ولا تجدي الحياة شيئاً،واليوم صرت أرى ضعفكم فترتعش نفسي اشمئزازاً وتنقبض ازدراءً.


    كنت أبكي على ذلكم وانكساركم،وكانت دموعي تجري صافيةً كالبلور،ولكنها لم تغسل أدرانكم الكثيفة بل أزالت الغشاء عن عينيَّ،ولا بللت صدوركم المتحجرة بل أذابت الجزع في قلبي،واليوم صرت أضحك من أوجاعكم والضحك رعودٌ قاصفة تجيء قبل العاصفة ولا تأتي بعدها


    ماذا تريدون مني يابني أمي؟


    أتريدون أن أريكم أشباح وجوهكم في أحواض المياه الهادئة؟ تعالوا إذا وانظروا ما أقبح ملامحكم.


    هلموا وتأملوا؛فقد جعل الخوف شعور رؤوسكم كالرماد، وعَرَكَ السهر عيونكم فأصبحت كالحفر المظلمة،ولمست الجبانة خدودكم فبانت كالخِرق المجعدة،وقبَّل الموت شفاهكم فأمست صفراء كأوراق الخريف.


    ماذا تطلبون مني يا بني أمي-بل ماذا تطلبون من الحياة والحياة لم تعد تحسبكم من أبنائها؟


    أرواحكم تنتفض في مقابض الكهان والمشعوذين، وأجسادكم ترتجف بين أنياب الظغاة والسفاحين، وبلادكم ترنعش تحت أقدام الأعداء والفاتحين، فماذا ترجون من وقوفكم أمام وجه الشمس؟


    سيوفكم مغلفة بالصدأ، ورماحكم مكسورةُ الحراب، وتروسكم مغمورة بالتراب، فلماذا تقفون في ساحة الحرب والقتال؟


    دينكم رياء ودنياكم ادعاء وآخرتكم هباء،فلماذا تحيون والموت راحة الأشقياء؟


    إنما الحياة عزمٌ يرافق الشبيبة، وجدٌ يلاحق الكهولة، وحكمةٌ تتبع الشيخوخة، أما أنتم يابني أمي فقد ولدتم شيوخاً عاجزين ثم صغرت رؤوسكم وتقلصت جلودكم فصرتم أطفالاً تتقلبون علىالأوحال وتترامون بالحجارة.


    إنما الإنسانية نهرٌ بلوري يسير متدفقاً مترنماً حاملاً أسرار الجبال إلى أعماق البحر. أما أنتم يابني أمي فمستنقعاتٌ خبيثةٌ تدب الحشرات في أعماقها وتتلوى الأفاعي على جنباتها.


    إنما النفس شعلةٌ زرقاء متقدةٌ مقدسةٌ تلتهم الهشيم وتنمو بالأنواء وتنير أوجه الآلهة-أما نفوسكم يابني أمي فرمادٌ تذريه الرياح على الثلوج وتبدده العواصف في الأودية.


    أنا أكرهكم يابني أمي؛لأنكم تكرهون المجد والعظمة.


    أنا أحتقركم؛لأنكم تحتقرون نفوسكم.


    أنا عدوكم؛لأنكم أعداء الآلهة ولكنكم لا تعلمون!!!
    avatar
    Bassel
    إبن البلد
    إبن البلد


    ذكر عدد الرسائل : 420
    العمر : 43
    العمل/الترفيه : Mechanical Engineer
    المزاج : متفائل
    تاريخ التسجيل : 24/03/2009

    العواصـــــــــف Empty رد: العواصـــــــــف

    مُساهمة من طرف Bassel 23/4/2009, 23:17

    البنفسجة الطموحة
    كان في حديقةٍ منفردةٍ بنفسجة جميلة الثنايا، طيبة العرف،تعيش قانعةً بين أترابها و تتمايل فرحةً بين قامات الأعشاب.
    ففي صباحٍ، و قد تكللت بقطر الندى، رفعت رأسها و نظرت حوالي ما أغباكِ ها فرأت وردةً تتطاول نحو العلاء بقامةٍ هيفاء و رأسٍ يتماسى متشامخاً كأنه شعلةٌمن النار فوق مسرجةٍ من الزمرد.
    ففتحت البنفسجة ثغرها الأزرق و قالت متنهدةً: ما أقل حظي بين الرياحين، و ما أوضع مقامي بين الأزهار!فقد ابتدعتني الطبيعة صغيرةً، حقيرةً، أعيش ملتصقةً بأديم الأرض و لا أستطيع أن أرفع قامتي نحو ازرقاق السماء أو أحوِّل وجهي نحو الشمس مثلما تفعل الورود.
    و سمعت الوردة ما قالته جارتها البنفسجة فاهتزت ضاحكةً ثم قالت:ما أغباك بين الأزهار! فأنت في نعمةٍ تجهلين قيمتها. فقد وهبتك الطبيعة من الطيب والظرف ما لم تهبه لكثيرٍ من الرياحين. فخلي عنك هذه الميول العوجاء والأماني الشريرة وكوني قنوعاً بما قُسم لك. واعلمي أن من خفض جناحه رُفع قدره، وأن من طلب المزيد وقع في النقصان.


    فأجابت البنفسجة قائلة: أنت تعزينني أيتها الوردة لأنك حاصلة على ما أتمناه،وتغمرين حقارتي بالحكم، لأنك عظيمة. وما أمُرَّ مواعظ السعداء في قلوب التاعسين، وما أقسى القوي إذا وقف خطيباً بين الضعفاء!


    وسمعت الطبيعة ما دار بين الوردة والبنفسجة فاهتزت مستغربة،ثم رفعت صوتها قائلة:
    ماذا جرى لك يا ابنتي البنفسجة؟ فقد عرفتك لطيفة بتواضعك،عذبة بصغرك،شريفة بمسكنتك،فهل استهوتك المطامع القبيحة أم سلبت عقلك العظمة الفارغة؟


    فأجابت البنفسجة بصوتٍ ملؤه التوسل والاستعطاف:
    أيتها الأم العظيمة بجبروتها،الهائلة بحنانها،أضرع إليك بكل ما في قلبي من التوسل،وما فيروحي من الرجاء، أن تجيبي طلبي،وتجعليني وردةً ولو يوماً واحداً.


    فقالت الطبيعة:أنت لا تدرين ما تطلبين،ولا تعلمين ماوراء العظمة الظاهرة من البلايا الخفية،فإذا رفعت قامتك،وبدلت صورتك،وجعلتك وردة تندمين حين لا ينفع الندم.


    فقالت البنفسجة:حولي كياني البنفسجي إلى وردة مديدة القامة مرفوعة الرأس ... ومهما يحل بي بعد ذلك يكن صنع رغائبي ومطامعي.


    فقالت الطبيعة:لقد أجبت طلبك أيتها البنفسجة الجاهلة المتمردة. ولكن، أذا دهمتك المصائب والمصاعب فلتك شكواك من نفسك.


    ومدت الطبيعة أصابعها الخفية السحرية ولمست عروق البنفسجة فتحولت بلحظةٍ إلى وردة زاهية متعالية فوق الأزهار والرياحين.


    ولما جاء عصر ذلك النهار تلبد الفضاء بغيومٍ سوداء مبطنة بالإعصار،ثم هاجت سواكن الوجود فأبرقت ورعدت وأخذت تحارب تلك الحدائق والبساتين بجيشٍ عرمرم من الأمطار والأهوية،فكسرت الأغصان،ولوت الأنصاب،واقتلعت الأزهار المتشامخة،ولم تُبق إلا على الرياحين التي تلتصق بالأرض أو تختبئ بين الصخور.


    أما تلك الحديقة المنفردة فقد قاست من هِياج العناصر ما لم تقاسه حديقة أخرى.


    فلم تمر العاصفة وتنقشع الغيوم حتى أصبحت أزهارها هياءً منثوراً،ولم يسلم منها بعد تلك المعمعة الهوجاء سوى طائفة البنفسج المختبئة بجدار الحديقة.


    ورفعت إحدى صبايا البنفسج رأسها فرأت ما حل بأزهار الحديقة وأشجارها،فابتسمت فرحاً ثم نادت رفيقاتها قائلة:ألا فانظرن ما فعلته العاصفة بالرياحين المتشامخة تيهاً وعُجباً.


    وقالت بنفسجة أخرى:نحن نلتصق بالتراب،ولكننا نسلم من غضب العواصف والأنواء.


    وقالت بنفسجة ثالثة:نحن حقيرات الأجسام غير أن الزوابع لا تستطيع التغلب علينا.


    ونظرت إذ ذاك مليكة طائفة البنفسج على مقربة منها الوردة التي كانت بالأمس بنفسجة،وقد اقتلعتها العاصفة وبعثرت أوراقها الرياح،وألقتها على الأعشاب المبللة فبانت كقتيلٍ أرداه العدو بسهم.


    فرفعت مليكة البنفسج قامتها،ومدت أوراقها،ونادت رفيقاتها قائلةً:تأملن وانظرن يا بناتي. انظرن إلى البنفسجة التي غرتها المطامع فتحولت إلى وردةٍ لتتشامخ ساعة ثم هبطت إلى الحضيض. ليكن هذا المشهد أمثولة لكن.


    عندئذٍ ارتعشت الوردة المحتضرة واستجمعت قواها الخائرة،وبصوتٍ متقطع قالت:
    ألا فاسمعن أيتها الجاهلات القانعات ،الخائفات من العواصف و الأعاصير.لقد كنت بالأمس مثلكن أجلس بين أوراقي الخضراءمكتفيةً بما قُسِم لي، و قد كان الاكتفاء حاجزاً منيعاً يفصلني عن زوابع الحياة و أهويتها و يجعل كياني محدوداً بما فيه من السلامة، متناهياً بما يساوره من الراحة و الطمأنينة. و لقد كان بإمكاني أن أعيش نظيركن ملتصقةً بالتراب حتى يغمرني الشتاء بثلوجه و أذهب كمن ذهب قبلي إلى سكينة الموت و العدم، قبل أن أعرف من أسرار الوجود و مخبآته غير ما عرفته طائفة البنفسج مذ وُجد البنفسج على سطح الأرض. لقد كان بإمكاني الانصراف عن المطامع و الزهد في الأمور التي تعلو بطبيعتها عن طكبيعني. و لكني أصغيتُ في سكينة الليل فسمعتُ العالم الأعلى يقول لهذا العالم:"إنما القصد من الوجود الطموح إلى ما وراء الوجود". فتمردت نفسي على نفسي و هام وجداني بمقامٍ يعلو عن وجداني، و مازلتُ أتمرد على ذاتي و أتشوقُ إلى ما ليس لي حتى انقلب تمردي إلى قوةٍ فعالة و استحال شوقي إلى إرادةٍ مبدعة فطلبتُ إلى الطبيعة_ و ما الطبيعة سوى مظاهر خارجية لأحلامنا الخفية_ أن تحوَّلني إلى وردةٍ ففعلت، و طالما غيرت الطبيعة صورها و رسومها بأصابع الميل و التشويق.
    و سكتت الوردة هنيهة ثم زادت بلهجةٍ مفعمةٍ بالفخر و التفوق: لقد عشتُ ساعةً كملكة. لقد نظرت إلى الكون من وراء عيون الورود, و سمعتُ همي الأثير بآذان الورود، و لمستُ ثنايا النور بأوراق الورود, فهل بينكن من تستطيع أن تدعي شرفي؟
    ثم لوت عنقها، و بصوتٍ يكاد يكون لهاثاً قالت: أنا أموت الآن. أموت و في نفسي ما لم تكنه نفس بنفسجةٍ من قبلي. أموت و أنا عالمةٌ بما وراء المحيط المحدود الذي وُلدت فيه، و عذا هو القصد من الحياة. هذا هو الجوهر الكائن وراء عرضيات الأيام و الليالي.
    و أطبقت الوردة أوراقها و ارتعشت قليلاً ثم كاتت و على وجهها ابتسامة علوية، ابتسامة من حققت الحياة أمانيه، ابتسامة النصر و التغلب، ابتسامة الله.
    avatar
    .....
    مُمَيَّز الشِّعر (الأم) .. شاعر قلبك في همسه
     مُمَيَّز الشِّعر (الأم) .. شاعر قلبك في همسه


    ذكر عدد الرسائل : 300
    العمر : 42
    العمل/الترفيه : أزرع نيسان ..في جسمي!
    المزاج : راهــــــــــــب ~~^
    تاريخ التسجيل : 03/04/2009

    فري زون
    ملاعب بانياس الساحل:

    العواصـــــــــف Empty رد: العواصـــــــــف

    مُساهمة من طرف ..... 23/4/2009, 23:35

    أشكرك على النقل الرائع

      الوقت/التاريخ الآن هو 6/5/2024, 13:36