استخدامات الفيمتو ثانية
أكثر من مجرد "كليك"!
مجلة (التدريب والتقنية). العدد 85¡ فبراير 2006
أكثر من مجرد "كليك"!
مجلة (التدريب والتقنية). العدد 85¡ فبراير 2006
ذهبت أول جائزة نوبل في الفيزياء إلى الألماني (كارل رونتيغن) عام 1901 بفضل اكتشافه للأشعة السينية – أشعة إكس.. والتي لم تكن في الواقع أكثر من وسيلة تصوير متقدمة. ثم كانت أول نوبل علمية للعرب بعدها بـ 98 عاماً هي تلك التي حصدها (أحمد زويل) عن تقنيته للتصوير الفائق في زمن الفيمتو ثانية.
بين (إكس – رونتغن) و (فيمتو ثانية – زويل) يمتد تاريخ عريض من تقنيات التصوير العلمية التي كان وجه العلم والحضارة سيتغير تماماً بدونها. لكن أهمية التصوير في التاريخ البشري تبرزها تطبيقات أبسط بكثير من الفتوح العلمية التي جاء بها الرجلان. فكاميرات التصوير العادية التي تتكدس في بيوتنا باتت تمثل ما يشبه الذاكرة البشرية التي ستنقل تاريخنا للأجيال القادمة على نحو أفض بمراحل مما فعلته الأشعار أوراق البردي ومنحوتات الغرانيت مع أسلافنا. والتصوير السينمائي جاء ليعيد صياغة التجربة البشرية ويعيد تعريف الأدب والدراما وليقدم بدوره تاريخاً موثقاً كان له الدور الأبرز في صقل الشخصية الإنسانية المعاصرة عبر التلفزيون والسينما وحتى عبر أفلام الفديو العائلية. ويمثل التصوير الرقمي حلقة جديدة في العلاقة بين الإنسان والصورة التي بدأتها نقوش الكهوف القديمة. وسائط التصوير والتخزين الرقمية وصلت بالعملية لدرجة من البساطة جعلت من كل مواطن عادي محترف تصوير.. على نحو أوسع بكثير مما فعلته أفلام (الكوداك) وتقنيات (بولارويد) الفورية العتيدة. وهكذا نجح التصوير في الارتقاء بناحية تقنية بحتة صاعداً بها إلى خانة (الفن).. وهو إنجاز فذ يحتسب لذاته. وفيما تتوقف شركات آلات التصوير عن إنتاج الكاميرات الفيلمية للأبد.. تتواتر الأنباء عن قرب توافر تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد على نحو تجاري رخيص خلال سنوات قليلة قادمة.
بالعودة للجانب العلمي البحت لنعمة التصوير تعالوا نحاول إحصاء بعض التطبيقات العلمية التي تدين بالكثير للعدسات والأفلام وللصورة ككل. هناك أولاً الطب الذي رفدت الأشعة السينية إياها فرع العظام منه قبل أن يتم إدراج تقنيات أخرى في عمليات المناظير وكشف الخلايا السرطانية وتصوير المواليد وفي كل تطبيق جراحي يمكن تخيله تقرباً. التصوير يفرض ذاته بشكل أو بآخر حيثما كان هناك مختبر و (مجهر). والصورة المرئية تبدو كإثبات حقيقي يضاهي إن لم يتفوق على كل الحسابات الرياضية اللازمة لتأكيد نظريات الفيزياء والكيمياء الجامدة.
خارج النطاق الذرة والخلية وانطلاقاً في الكون الرحب كانت الصورة خير إثبات لمدى جفاف صحراء القمر. ولعدد الكواكب حول الشمس واتساع أجواز الكون. وفيما احتاج (غاليليو) لعقود من التحديق عبر عدسات تلسكوبه ليدرك أن الأرض هي التي تدور حول الشمس فإن مسباراً واحداً فقط (هابُل) كان له الفضل في مضاعفة المعرفة البشرية في علم الفلك خلال بضع سنوات.
يبقى هناك الكثير كي نكتشف ونشاهد. ومع تتابع فصول المعرفة البشرية لتغضي ماهو أضأل وأسرع أو ما هو أكبر وأبعد تتوالى تقنيات التصوير الأكثر تعقيداً ومهارة. وحتى بغض النظر عن المتطلبات الدقيقة لنخبة العلماء والبحاثة يظل التطوير في علم التصوير مطلوباً من قبل أفراد جمهور عريض متعطش للفن البصري ولتخليد ذكريات يومه وإن عبر عدسة عادية وضغطة عابرة على زر الغالق.
يتبع ..
عدل سابقا من قبل عبد الرحمن الجندي في 21/11/2009, 23:10 عدل 1 مرات