المصدر: سيريا نيوز .. بقلم : الدبلوماسي المستقل
ملاحظة : المقال عبارة عن اضاءة لمصطلح البراغماتية وهو لا يتقصّد أحد ، أسأل الله الفائدة منه للجميع فحسب ، وشكرا سلفا للموقع الكريم على النشر ...
البراغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني ( PRAGMATISM ) ومعناه العمل ويترجم هذا المصطلح الى العربية بمصطلح الذرائعية ولكن هذا المصطلح لا يغطي معنى البراغماتية ولا يعطي فكرة شاملة عنه ولا يعكس جوهر الكلمة الأجنبية أما المصطلح العربي الأقرب اليها هو " النفعية " .
الأصل اللغوي للمصطلح يرجع إلى الكلمة اليونانيةrogma وتعني (عمل) أو (مسألة علمية), ولقد استعار الرومان المصطلح واستخدموا عبارةrogmaticus فقصدوا بها "المتمرس" وخاصة المتمرس في المسائل القانونية.
أما من ناحية تاريخ الفكر فالمصطلح يشير إلى تلك الحركة الفلسفية التي ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وارتبطت بأسماء الفلاسفة الأمريكيين بيرس ووليام جيمس وجون ديوي والتي تتمركز فلسفتها حول مقولة مؤداها:
لا يمكن التوصل إلى معاني الأفكار, ومن ثم لا يجب تفسيرها, إلا بالنظر إلى النتائج المترتبة عليها, كما أنه لا يمكن تحديد المعتقدات أو تبرير التمسك بها إلا بالأخذ في الاعتبار النتائج العملية المترتبة على الإيمان بهذه المعتقدات,
فالحقيقة إذن ثانوية إذا ما قورنت بالممارسة العملية, ذلك أن الحقيقة وفقاً للنظرية البراغماتية ما هي إلا الحل العملي والممكن لمشكلة ما, كما أن المبرر الوحيد للإيمان بأي شيء هو أن التمسك به والعمل وفقاً له يجعل الفرد في وضع أفضل مما لو كان إذا لم يتمسك به.
أما بصورة أوسع فالمصطلح يستخدم للإشارة إلى أي مدخل يركز بالأساس على ما يمكن عمله في الواقع لا على ما يجب عمله بالنظر إلى عالم المثاليات.....
فالبراغماتية بدلاً من أن تركز على مقدمات الأفكار فإنها تركز على النتائج المترتبة على تلك الأفكار, فهي تُوجه نحو الاهتمام بالأشياء النهائية وبالنتائج ومن ثم, هي لا تعني بالسؤال عن ماهية الشيء أو أصله بل عن نتائجه, فتوجه الفكر نحو الحركة ونحو المستقبل........ ولكن لايغرّنكم هذا المعنى الظاهري الفضفاض لأنه محاولة لاخفاء جوهرها، القائم على قياس كل عمل اوشيء، او حالة، بما تحققه من فائدة او ضرر، فالشيء جيد وصالح اذاكان نافعاً، وهو سييء اذا كان ضاراً. والمشكلة هنا هو أن من يقرر الفائدة والضرر هوالشخص المعني معتمداً على معاييره الخاصة كاداة لتقويم الاعمال والاشياء،
ومن ثم يفقد الشيء خصائصه الموضوعية، « مثلاً الحق يصبح نسبياً، حسب الشخص المتعامل معه، وليس حالة تحددها عوامل موضوعية»، ويصبح عرضة لثقافة ومزاج ومصالح ونوعية قيم الشخص ذاته!
للبراغماتية معاني وتعاريف عديدة تصل الى التناقض في أحيان كثيرة منها ،ولعل هذا التنوع في الأصول الفكرية لمذهب البراغماتية هو الذي جعل وضع تعريف شامل جامع لمفهوم البراغماتية مهمة صعبة للغاية, وليس أدل على ذلك من أن آرثر لوفجوي قد نجح في عام 1908 في تجميع ثلاثة عشر معنى مختلفاً للبراغماتية بل ودلل على أن بعضها يضاد البعض الآخر، حيث تعرّف بأنها طريقة حل المشاكل والقضايا بواسطة وسائل عملية ، وتعرّف بأنها مذهب فلسفي سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة ، وتعرّف بمقولة " الغاية تبرر الوسيلة " ، وتعرّف بأنها " خيار الواقعية " ........ الخ
يتبع ..
ملاحظة : المقال عبارة عن اضاءة لمصطلح البراغماتية وهو لا يتقصّد أحد ، أسأل الله الفائدة منه للجميع فحسب ، وشكرا سلفا للموقع الكريم على النشر ...
البراغماتية اسم مشتق من اللفظ اليوناني ( PRAGMATISM ) ومعناه العمل ويترجم هذا المصطلح الى العربية بمصطلح الذرائعية ولكن هذا المصطلح لا يغطي معنى البراغماتية ولا يعطي فكرة شاملة عنه ولا يعكس جوهر الكلمة الأجنبية أما المصطلح العربي الأقرب اليها هو " النفعية " .
الأصل اللغوي للمصطلح يرجع إلى الكلمة اليونانيةrogma وتعني (عمل) أو (مسألة علمية), ولقد استعار الرومان المصطلح واستخدموا عبارةrogmaticus فقصدوا بها "المتمرس" وخاصة المتمرس في المسائل القانونية.
أما من ناحية تاريخ الفكر فالمصطلح يشير إلى تلك الحركة الفلسفية التي ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وارتبطت بأسماء الفلاسفة الأمريكيين بيرس ووليام جيمس وجون ديوي والتي تتمركز فلسفتها حول مقولة مؤداها:
لا يمكن التوصل إلى معاني الأفكار, ومن ثم لا يجب تفسيرها, إلا بالنظر إلى النتائج المترتبة عليها, كما أنه لا يمكن تحديد المعتقدات أو تبرير التمسك بها إلا بالأخذ في الاعتبار النتائج العملية المترتبة على الإيمان بهذه المعتقدات,
فالحقيقة إذن ثانوية إذا ما قورنت بالممارسة العملية, ذلك أن الحقيقة وفقاً للنظرية البراغماتية ما هي إلا الحل العملي والممكن لمشكلة ما, كما أن المبرر الوحيد للإيمان بأي شيء هو أن التمسك به والعمل وفقاً له يجعل الفرد في وضع أفضل مما لو كان إذا لم يتمسك به.
أما بصورة أوسع فالمصطلح يستخدم للإشارة إلى أي مدخل يركز بالأساس على ما يمكن عمله في الواقع لا على ما يجب عمله بالنظر إلى عالم المثاليات.....
فالبراغماتية بدلاً من أن تركز على مقدمات الأفكار فإنها تركز على النتائج المترتبة على تلك الأفكار, فهي تُوجه نحو الاهتمام بالأشياء النهائية وبالنتائج ومن ثم, هي لا تعني بالسؤال عن ماهية الشيء أو أصله بل عن نتائجه, فتوجه الفكر نحو الحركة ونحو المستقبل........ ولكن لايغرّنكم هذا المعنى الظاهري الفضفاض لأنه محاولة لاخفاء جوهرها، القائم على قياس كل عمل اوشيء، او حالة، بما تحققه من فائدة او ضرر، فالشيء جيد وصالح اذاكان نافعاً، وهو سييء اذا كان ضاراً. والمشكلة هنا هو أن من يقرر الفائدة والضرر هوالشخص المعني معتمداً على معاييره الخاصة كاداة لتقويم الاعمال والاشياء،
ومن ثم يفقد الشيء خصائصه الموضوعية، « مثلاً الحق يصبح نسبياً، حسب الشخص المتعامل معه، وليس حالة تحددها عوامل موضوعية»، ويصبح عرضة لثقافة ومزاج ومصالح ونوعية قيم الشخص ذاته!
للبراغماتية معاني وتعاريف عديدة تصل الى التناقض في أحيان كثيرة منها ،ولعل هذا التنوع في الأصول الفكرية لمذهب البراغماتية هو الذي جعل وضع تعريف شامل جامع لمفهوم البراغماتية مهمة صعبة للغاية, وليس أدل على ذلك من أن آرثر لوفجوي قد نجح في عام 1908 في تجميع ثلاثة عشر معنى مختلفاً للبراغماتية بل ودلل على أن بعضها يضاد البعض الآخر، حيث تعرّف بأنها طريقة حل المشاكل والقضايا بواسطة وسائل عملية ، وتعرّف بأنها مذهب فلسفي سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة ، وتعرّف بمقولة " الغاية تبرر الوسيلة " ، وتعرّف بأنها " خيار الواقعية " ........ الخ
يتبع ..