تشبهنا المدن ونحن نشبهها..وقد نصير غرباء لا نعرفها ولا تعرفنا عندما تنقطع خيوط التلاقي وخطوط الحوار.
مدن تغفو على حواف الذاكرة ومدن تدخل القلب ولا تخرج..
لكن المدينة التي نبحث عنها هي المدينة التي تتسع لأحزاننا وأفراحنا وأحبتنا,
هي المدينة التي نتوزع على أرصفتها وشرفاتها ونصبّح على سكانها وجيرانها من الأشجار والأطيار..?
مع ذلك..لا بد أنك حزين مثلي..
صحيح بإمكانك أن تشرب القهوة على الشرفة وتضرب عن مشاهدة التلفزيون,لقد أتعبك القتل وصوت الجرافات وأنين الأمهات,لذلك لا تصرخ في وجه الشاشة,تقدر أن تراقب طوابير المساء وهي تنزل الشارع وتمر بالحارات إلا أنك ستنهض عن كرسيك وتغير مكانك أكثر من مرة لأن (طرطيرة تشخر هناك) وأخرى تنقض على كيس قمامة الجيران..وثالثة تخرج أحشاء حاوية ضخمة تختار منها أشياء وأشياء وتترك الباقي مبعثراً,مثيراً للاشمئزاز على أرض الشارع,وخلال ساعة تكون الأكياس السوداء كلها "مفجوءة" الأحشاء والقطط تموء والرائحة تموء والجرذان تعبر بسلام بين المارة..
ستظن أن المشهد انتهى إلا أنه حان الآن دور الأطفال على دراجات نارية تثير الضجة والغبار..يتلقف الطفل بأنامله القذرة الأكياس ويبدأ رحلة البحث من جديد ثم يشتم الذين سبقوه لأنهم لم يتركوا له شيئاً .
بالتأكيد ستشعر بالقهر وستترك الشرفة وتعود أدراجك حيث تتصخر أمام الشاشة..إلا أن المواء يخرج من الشاشة الفضية وتحتار أهو من الفنانة الصاعدة أم هو من الشارع?! لكن لا بأس..بإمكانك متابعة البرامج الترفيهية -برامج الثرثرة-المنتشرة على كل المحطات الفضائية ..ولكنك لن تعرف مذيعة من أخرى حيث أصبحن يتحدثن بلغة واحدة ويسألن أسئلة واحدة ويضعن مكياجاً واحداً حتى أنهن جميعاً أصبحن امرأة واحدة.
هذا التشابه يقلقك لأنك تريد التغيير والتجديد والتحديث.و. والآن تريد أن تقدر على النوم في بيتك ولكنك غريب عن هذا البيت . لقد هرب النوم . هذا يصرخ في آخر الليل مناديا جاره.. وذاك يطلق زمور سيارته لتهبط زوجته ..وثالث يترك هاتفه يرن بجرس يشبه أجراس محطة القطارات وكأنه ينادي امرؤ القيس في آخر الزمان .
أما المراهق? الذي يفتتح محلاً للأشرطة الهابطة والصاعدة لا يقبل إلا أن يعمم الخبط واللبط والطبل والزمر على الجيران إلى أن يصيح ديك الجيران المدلل والقابع على السطح مع صاحبته المدللة .
عليك ألا توجّه أي ملاحظة . لأن الجميع سيقول لك : نحن أحرار..أما أنت فلست حرا.. !!!
وربما قالوا : (هذا باب رزق. وربما عطفوا عليك ووضعوا لك شريطاً أجنبياً بديلاً من الصيصان?? والزرافات والرخ.
ليس عليك أن تضرب رأسك في الجدار,ألا يوجد غيرك "إنسان" في المدينة ?!
الفجر يقترب. يمشي بهدوء من الجبال باتجاه البحر. نجمة الصبح تتجه بعيداً,و رياح الصبح بدأت تدب ببطء باتجاه أناملك. تهدأ المدينة- أو الحارة - للحظة ..تتنفس الصعداء. إلا أن هدير - الطرطيرات والموتورات- يبدأ صاخباً.. إنها حارة الطرطيرات الفذة- حارة الموتورات ناطحات الهدوء . تليها أصوات السرافيس الرومانسية...
تخرج إلى الشرفة ثم إلى المطبخ تعد القهوة من جديد ... !!!
رجـــاء : فلتكن هذه بداية خطوة على الطريق .
مدن تغفو على حواف الذاكرة ومدن تدخل القلب ولا تخرج..
لكن المدينة التي نبحث عنها هي المدينة التي تتسع لأحزاننا وأفراحنا وأحبتنا,
هي المدينة التي نتوزع على أرصفتها وشرفاتها ونصبّح على سكانها وجيرانها من الأشجار والأطيار..?
مع ذلك..لا بد أنك حزين مثلي..
صحيح بإمكانك أن تشرب القهوة على الشرفة وتضرب عن مشاهدة التلفزيون,لقد أتعبك القتل وصوت الجرافات وأنين الأمهات,لذلك لا تصرخ في وجه الشاشة,تقدر أن تراقب طوابير المساء وهي تنزل الشارع وتمر بالحارات إلا أنك ستنهض عن كرسيك وتغير مكانك أكثر من مرة لأن (طرطيرة تشخر هناك) وأخرى تنقض على كيس قمامة الجيران..وثالثة تخرج أحشاء حاوية ضخمة تختار منها أشياء وأشياء وتترك الباقي مبعثراً,مثيراً للاشمئزاز على أرض الشارع,وخلال ساعة تكون الأكياس السوداء كلها "مفجوءة" الأحشاء والقطط تموء والرائحة تموء والجرذان تعبر بسلام بين المارة..
ستظن أن المشهد انتهى إلا أنه حان الآن دور الأطفال على دراجات نارية تثير الضجة والغبار..يتلقف الطفل بأنامله القذرة الأكياس ويبدأ رحلة البحث من جديد ثم يشتم الذين سبقوه لأنهم لم يتركوا له شيئاً .
بالتأكيد ستشعر بالقهر وستترك الشرفة وتعود أدراجك حيث تتصخر أمام الشاشة..إلا أن المواء يخرج من الشاشة الفضية وتحتار أهو من الفنانة الصاعدة أم هو من الشارع?! لكن لا بأس..بإمكانك متابعة البرامج الترفيهية -برامج الثرثرة-المنتشرة على كل المحطات الفضائية ..ولكنك لن تعرف مذيعة من أخرى حيث أصبحن يتحدثن بلغة واحدة ويسألن أسئلة واحدة ويضعن مكياجاً واحداً حتى أنهن جميعاً أصبحن امرأة واحدة.
هذا التشابه يقلقك لأنك تريد التغيير والتجديد والتحديث.و. والآن تريد أن تقدر على النوم في بيتك ولكنك غريب عن هذا البيت . لقد هرب النوم . هذا يصرخ في آخر الليل مناديا جاره.. وذاك يطلق زمور سيارته لتهبط زوجته ..وثالث يترك هاتفه يرن بجرس يشبه أجراس محطة القطارات وكأنه ينادي امرؤ القيس في آخر الزمان .
أما المراهق? الذي يفتتح محلاً للأشرطة الهابطة والصاعدة لا يقبل إلا أن يعمم الخبط واللبط والطبل والزمر على الجيران إلى أن يصيح ديك الجيران المدلل والقابع على السطح مع صاحبته المدللة .
عليك ألا توجّه أي ملاحظة . لأن الجميع سيقول لك : نحن أحرار..أما أنت فلست حرا.. !!!
وربما قالوا : (هذا باب رزق. وربما عطفوا عليك ووضعوا لك شريطاً أجنبياً بديلاً من الصيصان?? والزرافات والرخ.
ليس عليك أن تضرب رأسك في الجدار,ألا يوجد غيرك "إنسان" في المدينة ?!
الفجر يقترب. يمشي بهدوء من الجبال باتجاه البحر. نجمة الصبح تتجه بعيداً,و رياح الصبح بدأت تدب ببطء باتجاه أناملك. تهدأ المدينة- أو الحارة - للحظة ..تتنفس الصعداء. إلا أن هدير - الطرطيرات والموتورات- يبدأ صاخباً.. إنها حارة الطرطيرات الفذة- حارة الموتورات ناطحات الهدوء . تليها أصوات السرافيس الرومانسية...
تخرج إلى الشرفة ثم إلى المطبخ تعد القهوة من جديد ... !!!
أنيسة عبـــود
رجـــاء : فلتكن هذه بداية خطوة على الطريق .