الكثير منا يحن بل ويتشوق في حياته لأشياء ومواقف وأشخاص
ومن منا يخلو من لحظة مرت عليه ولن تعود؟
.. صحيح أنه قد يرجع ما هو أحسن منها إلا أنها بحذافيرها لن تعود مطلقآ
فالأحداث تتغير بسرعة وفق ما كتبه الله لنا .........
أحداث كل فصل جديد يفرض نفسه على حياة كل منا من دون إرادة منه, فالسنوات والذكريات
تتناوب ما بين تحليق وهبوط في نفوسنا .فتتقارب وتتباعد ونحن من يملك تفسير مواقفها ومفاتيحها لأنها أصبحت في عداد الماضي , ورغم ذلك نظل نقلب في أوراقنا القديمة ونسعد بلحظات السعادة ونقف طويلآ أمام الأساءة التي تجعل الجرح القديم ينزف بعد ان التأم.
ففي الذاكرة أماكن محددة نحتفظ فيها بأحلى الكلمات التي سمعناها على مر الأيام .
وأجمل ضحكة وأجمل موقف ,ومهما مر زمان عليها فلها ذكرى قابعة بداخلنا
لأننا وحدنا نعلم بأثرها في نفوسنا ,فلا يمكن لأحد منا أن يحس بالفرحة التي تعتريك من موقف معين مع شخص معين من كلمة معينة حتى من صمــــــــت معين .
وأحيانآ تكون الذكريات مؤلمة كثيرة وموجعة لحد البكاء ,تدور لتذكرنا بالجحود والنكران
والأنانية ,ولكن نحن بأيدينا ممكن أن نغير بهذه النظرة السوداوية للألم . فنتذكر ما هو جميل من الشخص الذي آلمنا , ونتذكر كل ما أحببناه فيه وكل ما جذبنا أليه
إن كان من طريقة تفكيره التي أعجبتنا ,أو من كلمة صادقة خرجت منه تجاهنا ,أو من وقفة معينة وقفها معنا بكل أخلاص وتفاني ولم نكن نتوقع منه أن يكون بجانبنا فيها .
لأن من الممكن أن يكون الشخص الذي جرحنا أو آلمنا قد دفعه شيء ما لفعل هذا....!
فلا أحد يتألم من شخص لا يحبه ولا يكن له شيء من المعزة إن كانت طفيفة .
كثيرآ ما ننسى أن الأيام التي تأكل المعاني الجميلة وتنسينا أجمل اللحظات لكثرة الهموم والمعاناة ويحل مكانها شيء جديد.
فلا داعي للتمسك بأوهام نحفرها في قلوبنا وندونها في ذاكرتنا ونبكي على لهفتنا
وتوقعاتنا ووأحلامنا التي تضيع منا دون أن نقطف ثمارها بسبب التفكير السيء.
فلا بد أن يأتي يوم ونستيقظ من غفلة وحماقة الفكرة التي تسيطر علينا أيامآ وأشهر وربما أعوام
وأحتكرت مشاعرنا , وأستبدت بنا وصالت وجالت بغير سلطان أو برهان ونحاكم بعدها أنفسنا بعد ضياع عمرنا .
فتجربتنا في الحياة تؤكد أن تذكر ما كان من الأساءة بمثابة إقامة عوائق لوخز النفس وتوزيعها كأشلاء لا فائدة منها , وتدوين الماضي وتذكره قد يأتي بالسلب لا الإيجاب , فالذكريات المؤلمة موجودة داخل كل منا ولكن إصرار الإنسان نفسه على تذكره وكأنه يستعذب الألم .
والأفضل لنا من وقت لأخر الوقوف برهة مع الأيام بساعاتها ودقائقها وثوانيها لحساب النفس :
ماذا أعطت..؟ وماذا أخذت ..؟ وتكون نتائجها دائمآ بحسابات العقل وتجميع مواقفنا
لا لننكد على أنفسنا بهموم الماضي ولكن لنتعلم منها , ولا نتذكر ماضينا المرير من أجل وضع نقط سوداء أمام الشخص الذي أخطأ معنا .فإذا كنا نريد أن نبقي العلاقة مع هذه الأشخاص فعلينا أن نبحث عن سبب هذه الجروح ونبتعد عنها , وإن كان لا يهمنا إن أستمرينا بعلاقتنا فعلينا أن ننسى لكي يرتاح بالنا ........!
إن علينا حرق الآلام التي تكدر الخاطر وجعلها رمادآ حتى لا تصول ولا تجول في نفوسنا لنحيا حياة أفضل ولا نفكر من الظالم والمن المظلوم ...ومن السيء ومن المنصف ؟ومن الصالح ومن الطالح؟ لنترك التفاهات التي أختلقناها من أجل الألم .
علينا أن نقتنع بأن العمر دائمآ فيه ما هو أحلى مما مر بنا من آلام ومشاكل , وأن الحياة سنعيشها بحلوها ومرها ,بحزنها وفرحها ,بنجاحها وفشلها , وننظر بخطى وائقة لمستقبل مشرق مليء بالفرح والسعادة .
فالعمر يوم .......إن عشته بهناء فأنت ممن أنعم الله عليهم ...وإن أصريت على عذابك وتذكر أخطاء الأخرين فهذه الجحيم بحد ذاتها .
فتغيير ما بأنفسنا هو الذي سيجعل الفرح والهناء يتقدم ويتطور في نفوسنا , أما البحث في الأوراق القديمة فلن يجلب لنا إلا الهم والغم والنكد فقد يهزم الحاضر الماضي إذا كان الحاضر أقوى وأجمل , إخواني لماذا لانرتاح من التفكير بالمعاناة؟ ونجعل من ثقتنا بالله أجنحة تطير بنا لنجعل الهموم بعيدة عنا بلا رجعة...........................!