من طرف Hip Hop Girl 16/6/2010, 11:51
..بسم الله الرحمن الرحيم..
::تمهيد::
قال ابن عرقوبويه..
"إن أردتَ أن تكتسب رفعةً وعزةً.. فعليك بالطناشة"..
وثبت عن ابن فطيرة أنه قال..
"الطناشة مكمن الفخر.. وبه تُقاس الرجال"..
وأنشد الصخلوجي..
إن الطناشةَ والحماقةَ والعَمَهْ ... مفخرةٌ للغِـرِّ أي مفخرة
::مدخل::
عرَّف أبو المناكر "الطناشة" في كتابه القيم..
.."أصول علم التطنيش.. والتجاهل والتحشيش"..
فقال ما نصه: "الطناشة"..
- لغةً: مصدر من طنَّشَ يطنِّش تطنيشاً..
على وزن خرَّبَ يخرِّب تخريباً..
أي: لوى عنقَه وهَرَبَ ببصره إلى الفضاء..
ومنه قول عرب 2006
"طنِّشْ.. تعِشْ.. تنتعِشْ"
- واصطلاحاً: التجاهل والتغافل عن ملاقاة ومواجهة المعارف
من الزملاء والأصدقاء بلا سبب.
::صُـوَرُه::
1- أن تلقى صديقك الذي عاشرتَه سنوات طوالاً..
وكان بينكما الخبز والملح _ كما يقال _ وفرقتكما الأيام..
فإذا رأيتَه فجأةً من غير ما موعدٍ سابق أو تصورٍ للقاء..
فإنك من فرحة اللقاء غير المتوقع.. تخفض بصرك أرضاً..
وكأنك تبحث عن شعرة سقطتْ عفواً من شاربك.. أو تلوي عنقكَ..
هرباً من نظرة صديقك.. حتى لا تتفجر ينابيع الحب..
فتغرقكما معاً"
_ يا للحب/المسخرة _.
2- أو أن تكون ماشياً في مكان ما..
وفجأةً تبصر بزميل لك قادم باتجاهك..
فتتحول أنت عن الطريق.. حتى تفسح له مجالاً للمرور..
دون أن تؤذي مشاعره _ كما تظن _ إن أنت بقيت في مكانك..
3- أو تُدعى إلى حفل ما..
فتتجمل بما تستطيع..
وتتعطر بأطايب العطور..
وتخرج إلى الناس بدراً..
فإذا وصلتَ إلى مقر الاحتفال..
كنتَ نجمَ المكان.. وصرتَ تختال في مشيتك..
توزع الابتسامات بلا سخاء على الحضور..
وفجأةً..
حدث ما لم يكن في الحسبان..
إذ طلعَ عليك ذلك الأخ الذي تعرفتَ عليه قبل أسبوع..
وملأتَ سمعَه بالعبارات البراقة..
التي توحي بالمحبة والتكريم..
فلما أبصرتَه في الحفل.. ماتت كل ابتساماتك..
وبحثتَ عن عمود تختفي خلفه..
وأسدلتَ على وجهك الشماغ في محاولة فاشلة منك
لإخفائه عن ذلك الأخ..
ولكنك ألفيتَ الدروب تتهرب منك..
كما تحاول أنت التهرب من هذا الأخ..
وقضيتَ ساعاتٍ عصيبةً للغاية.
4- أو أن تكون واقفاً مع آخرين عند مدخل القاعة الدراسية..
تتحدثون بلا هدف.. وتطرقون كل مجال.. وتلجون كل باب..
وتنثرون الضحكات والنكات بلا حساب..
غير عابئين بالداخل أو الخارج..
إلى أن فاجأكم ذلك الزميل الذي يشاطرك كثيراً من محاضراتك..
ويناصفك الأنشطة المتنوعة..
فما إن طلع عليكم..
حتى تبخر منك أنتَ بالأخص كل مظاهر المرح..
وغارت الضحكات من وجهك..
واكتسى وجهك بالتجهم والجدية..
وكأن صاعقةً قد حلت بك.. أو نازلة نزلت بك..
فصَيَّرَتْكَ إلى البؤس والشقاء..
::لماذا؟!!::
نصل الآن إلى لب الموضوع..
وهو..
- لماذا يتعمد أحدنا إلى تجاهل من يعرفه من إخوانه وزملائه؟!!..
- لماذا حينما الواحد منا يرى صديقه أو زميله..
يحاول جهده ألا يلتقي به..
حتى ولو تصادما بالنظرات.. وعرف كل منهما الآخر؟!!..
- لماذا عندما يمر أحدنا على مجموعة من زملائه..
لا يُجَابَـهُ إلا بالإعراض والتجاهل؟!!..
- وإذا مد يده مصافحاً عبستِ الوجوه..
وامتدت الأيدي إلى يده تصافحه على مضض..
وكأنه يطلب منهم إحساناً؟!!..
- ألا يعلم هؤلاء وأمثالهم..
أن الإسلام إنما حث على التآخي والتواصل..
وليس التجاهل والتطنيش؟!!..
- ألا يعلمون أن الصحابة – رضوان الله عليهم -..
كانوا إذا ساروا سوياًّ في طريق..
فإذا اعترضتهم شجرة أو صخرة كبيرة أثناء مسيرهم..
وافترقوا..
فإذا تجاوزوها عادوا وتصافحوا مسَلِّمِين على بعضهم..
وكأنهم لم يلتقوا من دهر؟!!..
- ألا يعلمون ما في لقاء المؤمن للمؤمن بالوجه الطلق..
والبسمة الصادقة من أجر عظيم؟!!..
"ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"..
"وتبسمك في وجه أخيك صدقة"..
(أو كما قال – صلى الله عليه وسلم-)..
- ألا يعلمون كم في السلام والمصافحة من خير..
وكم من حسنات نهدرها بتركنا السلام والمصافحة؟!!..
"السلام عليكم = 10 حسنات"
"السلام عليكم ورحمة الله = 20 حسنة"
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته = 30 حسنة"
(والله يضاعف لمن يشاء).
- أليس لنا في شرع الله..
وفي هدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم –..
وفي آثار أصحابه أسوة حسنة..
وقدوة مثالية ومنهجاً للحياة؟!!..
- أم أننا زاهدون في مثل هذه المعاني الرفيعة..
وهذه المبادئ السامية؟!!..
راغبون عن هدايا ربنا وعطاياه الجزيلة؟!!..
نسأل الله من فضله..
::أخيراً::
ليُجبْ..
كلٌّ..
منا..
على..
نفسه..
بصدق..
وإخلاص..
ولنحاول التغيير..
إلى الأفضل..
ودمتم..
بود..