هل كان رمضان في عصر النبي- صلي الله عليه وآله وسلم- كما هو حال رمضان في عصرنا وتحديداً هل كان سلوك
النبي- صلي الله عليه وآله وسلم- مع رمضان هو نفس سلوكنا الحالي؟
رمضان شهر الطهر والتزكية والسمو,شهر تتجلى فيه عبادة المسلمين فتسموا أرواحهم وتصفو نفوسهم وتزول أدران الإنسان فيهم وترتقي في عالم الروح ,أحاسيسهم مترفعة عن متاع الدنيا الفانية يصوم المسلم في رمضان النهار ويقوم الليل متبتلا مبتهلا إلى الله راغبا في طاعته مقبلا علي ما يقربه إليه من فربات
هذا هو رمضان ,لقد جاء على الامة الاسلامية اليوم ,وحالها ليس كخالها بالامس, زمن الرسول (ص) وصحابته,وزمن السلف الذي عرف معني الصوم وفهم مقاصدة فادي الشهر حقه,ليس رمضان اليوم كرمضان الامس ,فرمضان الامس كما فهمه المسلمون وصاموه كان رفعا للنفس الانسانية عن جميع شهواتها المادية وتهيئتها لعظائم الامور,وتعويدها الصبر والاختمال,عكس رمضان اليوم فمعظم المسلمين غابت عن مفاهيمهم مقاصد شهر الصيام الحقيقية,لقد غابت عنهم ان الاحساس بان مشقة الصيام زاد روحي ومتاع الدنيا كلها,فغدا الكثيرون في مختلف اقطار الدنيا يستقبلون هذا الشهر باسلوب مختلف عن اساليب الاجداد ,فهم ينظرون الى رمضان وكانه شهر الراحة لا شهر الانتصارات التي عرفها المسلمون في رمضان, _لقد نسي مسلموا اليوم وللاسف_ان الرسول (ص) كان يصوم كلما هم بغزوة من الغزوات وذلك توطينا لنفسه الشريفة علي احتمال ما يلاقيه تقربا الى الله,فمعظم الناس لا يراعون الفرق بين رمضان وغيره من الشهور ,ففي النهار يبقي نائما الي موعد الافطار ,ثم ينطلق يومه بعد الافطار وكالعادة لعب ولهو الي موعد السحور وهكذا دواليك وينتهي نصف رمضان وتاتي العشر الاواخر وهو لم يقم باي عمل يدل علي انه مدرك لاهمية هذا الشهر الشهر بل وتمر العشر الاواخر وتاتي ليلة القدر وهو لايزال في لعبه ولهوه وينتهي رمضان وهو على نفس الحالة ايضا ،، يمر رمضان كاملا وهو لم يغفر له فيكون ممن اغلق على قلبه .
لقد كان رمضان محور العام كله .. يقضي الناس ستة أشهر قبله يدعون الله أن يبلّغهم إياه ، وستة أشهر بعده يدعون الله أن يتقبل منهم طاعاتهم ، وهم يكتسبون فيه عاماً بعد عام قوة إيمانية وعلواً نفسياً و طهارة قلبية ، فلقد كان مصفاة لقلوبهم .. ينقّونها من شوائب الدنيا ويغسلون عنها أدرانها ، ومطهّرة لنفوسهم يتحلّلون من أمراضها ، ورياضة لأبدانهم يقوّونها ليستعينوها على الطاعة ، ومقبرة لأهوائهم يدفنونها ليتخلصوا تماماً من أسباب الأرض و نداء الطين ؛اما اليوم فاصبح لا يذكر الا قبل قدومه بقليل وعندما يأتي يتمنى البعض رحيله سريعاً ! ويتبرّم البعض من نهاره ، ويتأفف آخرون من صيامه ! وعندما يذهب يفرح البعض بانقضائه ، ويودعه البعض بأسى تحسراً على مجالس الليل العامرة و موائد الطعام الفاخرة ، ويخرج منه هؤلاء و أولئك كما دخلوه أول مرة ، قد حُرموا من خيراته فلم يحظوا بشيء من كنوزه، ولم تصبهم بعض رحماته ، أو ترقّق قلوبهم ، خرجوا بأيدٍ فارغة وقلوب خاوية وسينسوه جميعهم حتى يقرب موعده من العام المقبل !
رمضان الامس كان مظهرا من مظاهر التكافل الاجتماعي,فقبل رمضان بيومين يتم تجهيز الصدقات ليلا من طرف الميسورين ويتم وضعها بالاتفاق امام بيوت المحتاجين,الذين لا علم لهم حقا من هو صاحب تلك الصدقة,اما اليوم فقد صارت الصدقات اعلاميا مسموعا ومرئيا ,بدون مراعاة لعزة الانسان المحتاج وكرامته.
رمضان الامس كان مناسبة فريدة للتواصل بين الاهل,كانوا يتواصلون بالمحبة التي كانت تزول معها الاحقاد والعداوات,لتصفي بعد ذلك القلوب التي جمعها خشوع العبادة لله,عكس اليوم فالتكنولوجيا في زمننا افقدتنا الروابط الاسرية اذ اكتفينا بالتهنئة من خلال الهاتف او رسائل المحمول.
اما على مستوى الاجهزة الرسمية في الدول الاسلامية فان استقبال رمضان شذ عن الذي فعله رسول الله (ص),حتى صار رمضان كما يراه المسلمون جميعا موسما من مواسم اللهو ولا سيما علي شاشة التلفاز الذي دخل كل بيت وللاسف وكثيرا ما تبث تلفزيونات الدول الاسلامية ما يسئ الى مقاصد الصوم واهدافه.اضافة الي قدرتها علي عزل الانسان عن التواصل مع اخيه الانسان حتي ضمن المنزل الواحد فالكل مشغول برؤية مسلسله.
اننا لو قارنا بين ما فعله الاوائل في رمضان وما يفعله الناس اليوم لوضعنا الف علامة استفهام علي الذين يشجعون علي مجالات اللهو والتسلية في هذا الشهر الكريم,فهؤلاء يمارسون_من حيث يشعرون او لا يشعرون_سياسة مفادها تفريغ هذا الشهر من جوهره الذي يقوم علي مقاصد روحية وسلوكية ,شانها ان تمد المجتمع بالحركة والتماء والتماسك.
وهنا يجدر بنا الوقوف وتذكير شباب المسلمين بان اسلافهم لم يجعلوا من رمضان شهرا للمهرجانات ولا موسما للسهرات_خصوصا مع تزامنه مع هذه الفترة من السنة_وانما كان شهرا حافلا بالفتوح التي دكت معاقل الشرك وزلزلت اركان الوثنية ونشرت الاسلام في ربوع الارض, فاين هذا مما يعيشه المسلمون اليوم؟
ان المجتمع الاسلامي مطالب اليوم بفهم معاني رمضان كما فهمها اسلافنا ,وهو مطالب باعادة قدسية هذا الشهر بتطهير الساحة من جميع الظواهر التي يكثر ظهورها في رمضان. وتسخير كل الوسائل لخدمة مقاصد الصوم في هذا الشهر الكريم.واعادة قيمه الاخلاقية التي بفقدانها فقد رمضان جماله وفقدنا نحن انسانيتنا.
رمضان فرصة ان نعدل امورنا مع ربنا ..فرصه ان نعدل علاقاتنا مع الناس..فرصه ان نبدا حياة جديدة وانطلاقه متميزه لباقي العمر
فرصة عمرك لا تضيعها
جعلنا الله واياكم من عتقاء رمضان
فرصة عمرك لا تضيعها
جعلنا الله واياكم من عتقاء رمضان
من تنسيقي من عدة مصادر
(المجتمع الاسلامي-احياء علوم الدين)