وفي متابعة لعرض مواضيع ضيوف الشرف
هذا مقال رائع لأستاذنا الكبير الأستاذ الأخ أبو العبد ( خالد عثمان ) يسعدني أن أقدم لكم هذا الموضوع بعنوان التميز
لنقرأ معاً
أبو العبد
التميّز
من الأدب دائما أن نقرع باب البيت قبل أن ندخل حتى ولو كان باب بيتنا.عدت مرة إلى البيت بعد دوامي المسائي وحين قرعت الباب أخبرتني زوجتي أن لدينا في المنزل إحدى قريباتنا فقلت أهلا وسهلا ثم دخلت فسلّمت وجلست مع الضيوف .بعد قليل دخلت الصالون طفلة صغيرة جميلة جدا بشعر أسود فاحم وبشرة بيضاء كالثلج وعينين سوداوين جميلتين كعيني الفقمة (وكأنها عبلة كما وصفها عنترة )للوهلة الأولى تعطيك هذه الطفلة انطباعا رائعا فأحببتها .اقتربت منها ثم سألتها ثم قلت لها (مااسمك ياحلوة )قالت متلعثمة بلسان يكاد لايعرف طريقه للفظ من صعوبة اسمها (فاسيليسيا ).
فاسيليسيا ؟قالت امها نعم فاسيليسيا .
-لماذا فاسيليسيا ؟هل تحبين الروس مثلا أو ...او
-قالت الأم لا أنا اكرههم لكن هذا الأسم جديد عندنا ولم يسمّه أحد من قبل .
-لم أهتم للأمر باديء ذي بدء لكن حين رأيت بقية أبناءها أثارني العجب فالبنت الكبيرة اسمها ناتاليا أما الطفل الاوسط فقد كان اسمه ( فاسا )لقد دفعني تطفلي لأن أسالها عن سبب تسمية هذه المسمّيات وبشكل خاص أنه يوجد في لغتنا العربية أسماء أسهل منها بكثيرلفظاً وأفصح دلالةً وأجمل ترنّما وموسيقيةً .
-قلت لها :من الذي سمّى هذه الأسماء أنت ام كمال (زوجها )؟
-قالت :كمال ترك لي حرية الخيار وقد أقنعته بأننا يجب أن نكون عائلة مميزة.
-عائلة مميزة ؟وكيف تكون العائلة مميزة ؟
-قالت :أريد أن يكون أبنائي مميزين عن ابناء الناس جميعا لذا اخترت لهم اسماء لم يسمها أحد من قبل .ثم أضافت دون ان تنتظر جوابي :يبدو انك متخلّف كبقية مجتمعك لقد خيبت ظني فقد سمعت عنك بأنك مثقف .وقد كنت أعتقد بأنك ستهنئني على تميّزي .فلا تقل لي أنني من جيل مهزوم ثقافيا أما الغرب .
-قلت لها العفو (تأدبا مع الضيف )أن لم أعترض أبدا ولم أنبس ببنت شفة إنما سألتك لمجرد المعرفة فقط .-أجابتني على الفور :صحيح أنك لم تقل شيئا لكنك لاتستطيع أن تخفي ما تقوله قسماتك. ثم تابعت مسترسلة :لقد أرسلت ابنتي تدرس في دمشق ولاأريدها ان تعود لتسكن هذه المدينة المتخلفة واريد أن اقول لك بأنني اكره كل عاداتنا الموروثة واتمنى من كل امرأة أن تخصص سلّة زبالة خاصة لترمي فيها كل هذه القيم القديمة .
سالتها باستغراب :كل ما ورثناه من عادات أم المتخلّف منها ؟
قالت :أنا أراها متخلّفة جميعها بالإطلاق .
-سيدتي سؤال واحد ولااريد ان اطيل عليك: هل أحببت هذه التسميات مثلا. أو لها معنى جميل أعجبت به .أو هناك أعلام تحبينهم يحملون هذه الأسماء ؟.
-قالت لا بالمطلق لكني أبحث عن أسماء لم يستعملها أحد قبل ممن هم حولي من المجتمع أحب أن أكون متميزة فقط ثم قالت بغضب يكفيك تدخل في خصوصيات عائلتي .وقد بدا عليها التأثّر واضحا.
-انسحبت من مجلسها ورحت أفكر مامعنى التميز كيف يكون الإنسان متميزا .أليس هناك إشارة جبر للتميز كأن نقول تميز موجب (أو تميز في تقديم الخير )وتميز سالب (تميز في امتهان الشر )هل يتساوى الشاب الذي ضحّى بنفسه وبشبابه من أجل وطنه مع مجرم متميز يقتل الشيوخ والاطفال دون أسف هل يتساويان في أنهما متيزان حقا 0أذكر انني قرأت حادثة قديمة في كتاب (فئران الأنابيب لميشيل كليرك )تروي القصة حادثة احتفال أحد فئران البترول وهو(سعودي الجنسية )بعيد ميلاده واثناء سهرة السواريه قامت زوجته الاوروبية الجميلة بالتعري الكامل في وسط الأحتفال أمام ضيوفه وعندما اخذته ما تبقّى لديه من حميّة استنكر عليه الضيوف ذلك ونعتوه بالمتخلّف واخبروه بأن ما قامت به هو منتهى التضحية فقد تعرّت لتجعله متميّزا فيكون مشهورا (ولاأعلم أنا كمتخلّف في أي خانة من التميّز يصنّف هذا )
أما السؤال الحقيقي فهو :أليست إسرائيل متميزة في قتل الأبرياء .اليست الولايات المتحدة متميزة في استغلال خيرات الشعوب .هل تعلمون ما عدد العمليات الإنقلابية التي دبرّتها المخابرات المركزية في دول العالم الثالث أليس هذا تميزا .فهل نبحث عن التميز دون إشارة جبرية (موجب أو سالب ) ام نبحث عن التميز لمجرد التميز كما فعلت سيد تنا وسمّت ابناءها .لقد سعى السعوديون لدخول موسوعة غينيس بصنع أكبر طبق من الكبسة 0واللبنانيون بصنع أكبر طبق من الفتة .فبماذا ستدخل سيدتنا ومن سار معها في نفس الطريق موسوعة غينيس ؟؟
التميّز
من الأدب دائما أن نقرع باب البيت قبل أن ندخل حتى ولو كان باب بيتنا.عدت مرة إلى البيت بعد دوامي المسائي وحين قرعت الباب أخبرتني زوجتي أن لدينا في المنزل إحدى قريباتنا فقلت أهلا وسهلا ثم دخلت فسلّمت وجلست مع الضيوف .بعد قليل دخلت الصالون طفلة صغيرة جميلة جدا بشعر أسود فاحم وبشرة بيضاء كالثلج وعينين سوداوين جميلتين كعيني الفقمة (وكأنها عبلة كما وصفها عنترة )للوهلة الأولى تعطيك هذه الطفلة انطباعا رائعا فأحببتها .اقتربت منها ثم سألتها ثم قلت لها (مااسمك ياحلوة )قالت متلعثمة بلسان يكاد لايعرف طريقه للفظ من صعوبة اسمها (فاسيليسيا ).
فاسيليسيا ؟قالت امها نعم فاسيليسيا .
-لماذا فاسيليسيا ؟هل تحبين الروس مثلا أو ...او
-قالت الأم لا أنا اكرههم لكن هذا الأسم جديد عندنا ولم يسمّه أحد من قبل .
-لم أهتم للأمر باديء ذي بدء لكن حين رأيت بقية أبناءها أثارني العجب فالبنت الكبيرة اسمها ناتاليا أما الطفل الاوسط فقد كان اسمه ( فاسا )لقد دفعني تطفلي لأن أسالها عن سبب تسمية هذه المسمّيات وبشكل خاص أنه يوجد في لغتنا العربية أسماء أسهل منها بكثيرلفظاً وأفصح دلالةً وأجمل ترنّما وموسيقيةً .
-قلت لها :من الذي سمّى هذه الأسماء أنت ام كمال (زوجها )؟
-قالت :كمال ترك لي حرية الخيار وقد أقنعته بأننا يجب أن نكون عائلة مميزة.
-عائلة مميزة ؟وكيف تكون العائلة مميزة ؟
-قالت :أريد أن يكون أبنائي مميزين عن ابناء الناس جميعا لذا اخترت لهم اسماء لم يسمها أحد من قبل .ثم أضافت دون ان تنتظر جوابي :يبدو انك متخلّف كبقية مجتمعك لقد خيبت ظني فقد سمعت عنك بأنك مثقف .وقد كنت أعتقد بأنك ستهنئني على تميّزي .فلا تقل لي أنني من جيل مهزوم ثقافيا أما الغرب .
-قلت لها العفو (تأدبا مع الضيف )أن لم أعترض أبدا ولم أنبس ببنت شفة إنما سألتك لمجرد المعرفة فقط .-أجابتني على الفور :صحيح أنك لم تقل شيئا لكنك لاتستطيع أن تخفي ما تقوله قسماتك. ثم تابعت مسترسلة :لقد أرسلت ابنتي تدرس في دمشق ولاأريدها ان تعود لتسكن هذه المدينة المتخلفة واريد أن اقول لك بأنني اكره كل عاداتنا الموروثة واتمنى من كل امرأة أن تخصص سلّة زبالة خاصة لترمي فيها كل هذه القيم القديمة .
سالتها باستغراب :كل ما ورثناه من عادات أم المتخلّف منها ؟
قالت :أنا أراها متخلّفة جميعها بالإطلاق .
-سيدتي سؤال واحد ولااريد ان اطيل عليك: هل أحببت هذه التسميات مثلا. أو لها معنى جميل أعجبت به .أو هناك أعلام تحبينهم يحملون هذه الأسماء ؟.
-قالت لا بالمطلق لكني أبحث عن أسماء لم يستعملها أحد قبل ممن هم حولي من المجتمع أحب أن أكون متميزة فقط ثم قالت بغضب يكفيك تدخل في خصوصيات عائلتي .وقد بدا عليها التأثّر واضحا.
-انسحبت من مجلسها ورحت أفكر مامعنى التميز كيف يكون الإنسان متميزا .أليس هناك إشارة جبر للتميز كأن نقول تميز موجب (أو تميز في تقديم الخير )وتميز سالب (تميز في امتهان الشر )هل يتساوى الشاب الذي ضحّى بنفسه وبشبابه من أجل وطنه مع مجرم متميز يقتل الشيوخ والاطفال دون أسف هل يتساويان في أنهما متيزان حقا 0أذكر انني قرأت حادثة قديمة في كتاب (فئران الأنابيب لميشيل كليرك )تروي القصة حادثة احتفال أحد فئران البترول وهو(سعودي الجنسية )بعيد ميلاده واثناء سهرة السواريه قامت زوجته الاوروبية الجميلة بالتعري الكامل في وسط الأحتفال أمام ضيوفه وعندما اخذته ما تبقّى لديه من حميّة استنكر عليه الضيوف ذلك ونعتوه بالمتخلّف واخبروه بأن ما قامت به هو منتهى التضحية فقد تعرّت لتجعله متميّزا فيكون مشهورا (ولاأعلم أنا كمتخلّف في أي خانة من التميّز يصنّف هذا )
أما السؤال الحقيقي فهو :أليست إسرائيل متميزة في قتل الأبرياء .اليست الولايات المتحدة متميزة في استغلال خيرات الشعوب .هل تعلمون ما عدد العمليات الإنقلابية التي دبرّتها المخابرات المركزية في دول العالم الثالث أليس هذا تميزا .فهل نبحث عن التميز دون إشارة جبرية (موجب أو سالب ) ام نبحث عن التميز لمجرد التميز كما فعلت سيد تنا وسمّت ابناءها .لقد سعى السعوديون لدخول موسوعة غينيس بصنع أكبر طبق من الكبسة 0واللبنانيون بصنع أكبر طبق من الفتة .فبماذا ستدخل سيدتنا ومن سار معها في نفس الطريق موسوعة غينيس ؟؟