إنَّهُ عالمٌ جديد
مع غروب شمس آخر أيّام ذي الحجّة تنطوي من أعمارنا صفحةٌ لتبدأ صفحةٌ جديدة عامٌ مضى ..بآماله وآلامه بأفراحه
وأتراحه .. ،
في الزمن القديم عندما كان الملوك يخطبون في رعاياهم مع بداية العام الجديد كانوا يبدؤون كلامهم بالقول
"عالمٌ مضى وعالمٌ جديد قد أتى" نعم العام عالم أليس حلقة تتكرر في مسير الزّمن ؟
عالمٌ شهد قدوم أناس وطوى أناساً غيرهم فكم ممن كان يحدوهم الأمل ببلوع هذا اليوم وتراودهم الأحلام طواهم
ولم يعبأ بهم ولا بآمالهم لا بكى عليهم ولا عطّل من أجلهم مسيره ولو لطرفة عين وأناسٌ أتوا إلى هذا العالم
الله أعلم كيف ستكون أحوالهم عندما يبلغ لمن قدّر له منهم أن يبلغ ما بلغنا من العمر ، منذ أن وعيت على هذا
العالم ونحن نتبادل التهاني بقدوم العام الجديد فعلامَ يهنّيء بعضنا بعضاً إذا كان كل عام يأتي علينا وحال العرب
و المسلمين من سيّء لأسوأ ذلا وضعفاً وهواناً على النّاس اللهم إلا الزيادة في الرفاه المأكل والملبس ومتع الحياة الزّائفة
نهنيء بعضنا أن أحيانا الله عاماً آخر و زادت همومنا ومشكلاتنا وآلامنا؟
***
عبقريّة الفاروق هي التي قضت بأن يكون تاريخنا نحن المسلمين مبتدأً بالهجرة ربما لأنّه أدرك بعبقريّته رضي الله عنه
أنها الحدث الأهمّ بعد هبوط الأمين بالوحي على قلب الحبيب محمّد صلى الله عليه وسلّم وربّما أراد لنا
الفاروق أن تتوقف عند كلّ عام ونتذكّر أن الهجرة التي انقضت بوجهها الظاهر عند هجرة النبي وصحبه من أمّ
القرى إلى يثرب،لم تنقض بوجهها المعنوي بل أنها متاحةٌ لنا أيضاً لنكون ممن رضي الله عليهم من المهاجرين ألم يقل
الحبيب صلى الله عليه وسلّم :(المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)
صلى الله على قائد المهاجرين والذين هاجروا معه وأنصاره وتابعيه.
************
2
القادر كذّب عبد القادر
القادر كذّب عبد القادر مثلٌ شعبي يضرب عندما يخيّب الله نبوءة أحد العباد وعلى وجه الخصوص إذا ما كانت نبوءةً لا
تسرّ وتروي قصّة هذا المثل أنّ رجلاً يدعى "عبد القادر" كان من أصحاب الكرامات يتنبأ
بأحوال الطقس وأمورٍ أخرى أتته مرّةً امرأةٌ تسأل عن جنس الجنين الّذي تحمله في أحشائها إذلم يكن ثمّة
"إيكو" في ذلك الزمن فأخبرها بأنّها ستنجب ولداً فتهلل وجه المرأة غبطةً وسروراً لأنّها لم تكن قد أنجبت
ذكراً بعد ولكنّ المرأة وضعت أنثى فجاء أهلها " عبد القادر" يعاتبونه فابتدرهم بالقول : إني رأيته ولداً بأمّ العين
ولكنّ القادر شاء أن يكذّب عبد القادر
و" القادر" سبحانه كذّب عبد القادر الليلة الفائتة حين أذن بالمطر إذ جادت علينا السّماء بغيثها بعد
احتباسٍ والحقّ أنّ الخوف قد بلغ بالعباد مبلغاً عظيماً مما قيل عن تبدلاتٍ مناخية تطال الأرض وتتهدد
منطقتنا بالتصحر والجفاف وزاد طين المخاوف بلةً قول المشايخ أن المعاصي
منعتنا الغيث حتى أنني سمعت أحدهم يقول: ( لا تحلموا بالغيثِ هذا العام )
مع ساعات الفجر الأولى بدأت السماءُ بتسبيح ربها برعدٍ ترتعدُ له القلوب خوفاً وطمعاً وأسبلت إثره على أفقنا
حبالاً من غيثٍ مغيث .. ولأني بطبعي أعشقُ المطر قمت أرقب هطله من خلفِ بلور النافذة
فليس ثمّة جو يأسرني ويهيج افتتاني أكثر من جوٍّ ماطر
انقطع التيار فغدا الجو عقب انقطاعه أكثر سحراً .. وقفت منتشياً بصوت سياطه تجلد صفحة
الأرض مسبّحاً بصمتي مع الرّعد: سبحان من سبّحتَ له .. ، اقتحم صومعة صمتي صوت امرأتي :
أوقد شمعة ..ابتعدتُ عن النافذة وأنا أحدث نفسي :
أن توقد شمعةً خيرٌ لك من أن تَلْعَنَ الظّلام أو .. الكهرباء.
أيّها الأحبّة : عامٌ مضى..عامٌ أتى..كلّ عامٍ وأنتم بخير
ملاحظة:
تأخر هذا الموضوع عن وقته المناسب يومين بسبب مشاكل في الحاسوب ..فعذراً