ولد مارسيل خليفة عام 1950 في عشميت، القرية اللبنانية الواقعة على هضبة فسيحة شمالي محافظة جبيل، حيث أشجار السنديان و الصنوبر تظلل نهري بعشتا و الفرطوش، و حيث الشاطئ يحتضن السهل و يُسَورُه الجبل، و الميناء الصغير يودع الصيادين صباحا، ليستقبلهم مساء بالشفق و يحضنوه بالأغنيات. كان والده ميشال خليفة يعمل سائق أجرة في القرية ليوفر العيش لأسرته المكونة من زوجته ماتيلدا و أبنائه مارسيل و أنطوان و شقيقاتهما الأربع. و كانت عشميت تعرف تمايزا واضحا بين الناس، فمن جهة كانت هنالك قلة من الإقطاعيين الذين ورثوا الأراضي عن أيام حكم العثمانيين و ورثوا معها لقب "البكوات"، و من جهة أخرى كان الفقراء الذين يُدعون "العرمط"، و إلى هؤلاء تنتمي أسرة خليفة.
كانت ماتيلدا تحمل معها ابنها مارسيل إلى الكنيسة، فيُسَر كثيرا بسماع التراتيل الكنائسية. كما يسر بسماع صوت الآذان القادم من مئذنة في كفر سلا القريبة من عشميت، و بصوت الأرمونيوم الطالع من مدرسة الفرير. وفي مساءات عشميت الصافية ينتظر مع الآخرين عند الميناء عودة البحارة وهم يغنون من بعيد.
في الأعياد، كان ميشال يستضيف بعض الغجر الذين يَعبرون الضيعة. و مقابل بعض القروش يعزفون و يغنون في حين ترقص غجرية جميلة. و في الأماسي تجتمع الأسرة لتستمع إلى أغاني محمد عبد الوهاب الطالعة من الفونغراف القديم مصحوبة بالكثير من الخشخشة، و لتغني رفقة الجد يوسف الذي كان صيادا و فنانا معروفا في عشميت، يغني و يعزف على الناي و يرقص الدبكة. كان مارسيل يحب جده كثيرا لحنوه و مرحه و ولعه بالموسيقى:
كان الصبيً آنذاك لا أتجاوز الخامسة من عمري, أقفُ على عتبة القبو ألعب بطابةٍ صغيرة، وانتظر جدي يوسف في زيارته اليومية لنا، وعندما أسمع رندحة العتابا والميجانا من بعيد أترك الطابة وأركض مسرعاً باتجاههِ أتعربش على أكتافهِ العريضة، و وجهاً لوجه أمام طربوشه الأحمر، فأمسك الشرابة التي كانت تتدلى على النقرة من الخلف وأبدأ بهزها يميناً ويساراً مع إيقاع أغنية سكابا يا دموع العين سكابا".
كانت ماتيلدا تحمل معها ابنها مارسيل إلى الكنيسة، فيُسَر كثيرا بسماع التراتيل الكنائسية. كما يسر بسماع صوت الآذان القادم من مئذنة في كفر سلا القريبة من عشميت، و بصوت الأرمونيوم الطالع من مدرسة الفرير. وفي مساءات عشميت الصافية ينتظر مع الآخرين عند الميناء عودة البحارة وهم يغنون من بعيد.
في الأعياد، كان ميشال يستضيف بعض الغجر الذين يَعبرون الضيعة. و مقابل بعض القروش يعزفون و يغنون في حين ترقص غجرية جميلة. و في الأماسي تجتمع الأسرة لتستمع إلى أغاني محمد عبد الوهاب الطالعة من الفونغراف القديم مصحوبة بالكثير من الخشخشة، و لتغني رفقة الجد يوسف الذي كان صيادا و فنانا معروفا في عشميت، يغني و يعزف على الناي و يرقص الدبكة. كان مارسيل يحب جده كثيرا لحنوه و مرحه و ولعه بالموسيقى:
كان الصبيً آنذاك لا أتجاوز الخامسة من عمري, أقفُ على عتبة القبو ألعب بطابةٍ صغيرة، وانتظر جدي يوسف في زيارته اليومية لنا، وعندما أسمع رندحة العتابا والميجانا من بعيد أترك الطابة وأركض مسرعاً باتجاههِ أتعربش على أكتافهِ العريضة، و وجهاً لوجه أمام طربوشه الأحمر، فأمسك الشرابة التي كانت تتدلى على النقرة من الخلف وأبدأ بهزها يميناً ويساراً مع إيقاع أغنية سكابا يا دموع العين سكابا".