لو كان المتكلمون نوعاً واحداً ... لرضينا وتجلـَّدنا ... ولكنهم أنواع وأشكال لا عدد لها:
" فهناك طائفة (( المستضعفين )) الذين يعيشون في المستنقعات ... النهار وطوله ... وعندما يجيء المساء ... يقتربون من الشواطيء ... رافعين رؤوسهم فوق سطح الماء ... مفعمين صدر الليل بضجيج قبيح ... تأباه المسامع والأرواح.
" وهناك طائفة (( المستبعضين )) والبعوض من مولدات المستنقعات أيضاً ... وهُم الذين يرفرفون حول أذنك بنغمة تافهة رفيعة شيطانية ... سداها النكاية ... ولحمتها البغضاء ...
" وهناك طائفة (( المستطحنين )) وهي طائفة غريبة ... في داخل كل فرد من أفرادها ... حجر يدار بالكحول ... فيولـِّدَ جعجعة جَهنـَّميّة ... أخـَفـّها ... أثقل مما تـُحدثه حجارة الرحى ...
" وهناك طائفة (( المستبقرين )) وهم الذين يملؤون أجوافهم حشيشاً ... ثم يقفون على منعطفات الشوارع والأزقـَّة ... مبطـِّنين الهواء بخوار ... ألطفه ... أغلظ من خوار جاموس ...
" وهناك طائفة (( المستبومين )) وهُم الذين يصرفون الساعات بين مقابر الحياة وأجداثها ... محوّلين سكينة الدُّجى ... إلى عويل ... أفراحه ... أحْزَن من نعيب البُوم ...
" وهناك طائفة (( المستنشرين )) وهُم الذين لا يرون من الحياة إلاّ أخشابها ... فيصرفون الأيام بتجزئتها وتفصيلها ... محدثين بذلك خشخشة ... أعذبها ... أضنك مما تحدثه المناشير...
" وهناك طائفة (( المستطبلين )) وهُم الذين يقرعون نفوسهم بمطارق ضخمة ... فيخرج من أفواههم الفارغة ... قرقعة ألطفها ... أغلظ من قرقعة الطبول ...
" وهناك طائفة (( المستعلكين )) وهُم الذين لا شُـغلَ لهم ولا عمل ... فيجلسون حيثما يجدون مقعداً ... ويمضغون الكلام ... ولكنهم لا يلفظونه ...
" وهناك طائفة (( المستهزئين )) وهُم الذين يستغيبون الناس ... ويستغيبون بعضهم بعضاً ... ويستغيبون نفوسهم على غير معرفة من نفوسهم ... ولكنهم يدْعُون الإستغابة بإسم المُجون ... والمُجون ... ضَرب من الجد ... ولكنهم لا يعلمون ...
" وهناك طائفة (( الأنوال )) التي تـُحَرِّك الهواء بالهواء ... ولكنها تظل هي بدون قمصان ولا سراويل ...
" وهناك طائفة (( الزرازير )) التي قال عنها الشاعر:
لمّا حام حائمها توهَّمت ـــــــــ أنها صارت شَواهينا
" وهناك طائفة (( الأجراس )) وهي تدعو الناس إلى الهياكل ... ولكنها لا تدخلها ...
" وهناك طوائف وعشائر لا تـُعَد ولا تـُحصى ولا تـُوصَف ... أغربها في عقيدتي ... طائفة نائمة ... تملأ الفضاء غطيطاً ... ولكنها لا تدري .....
... والآن ... أنا كالطبيب المُعْـتـَل ... أو كمجرم يقف واعظاً بين المجرمين ... فقد هجوت الكلام ... ولكن بالكلام ... وتطيرت من المتكلمين ... وأنا واحد منهم ...
" جبران خليل جبران "
" فهناك طائفة (( المستضعفين )) الذين يعيشون في المستنقعات ... النهار وطوله ... وعندما يجيء المساء ... يقتربون من الشواطيء ... رافعين رؤوسهم فوق سطح الماء ... مفعمين صدر الليل بضجيج قبيح ... تأباه المسامع والأرواح.
" وهناك طائفة (( المستبعضين )) والبعوض من مولدات المستنقعات أيضاً ... وهُم الذين يرفرفون حول أذنك بنغمة تافهة رفيعة شيطانية ... سداها النكاية ... ولحمتها البغضاء ...
" وهناك طائفة (( المستطحنين )) وهي طائفة غريبة ... في داخل كل فرد من أفرادها ... حجر يدار بالكحول ... فيولـِّدَ جعجعة جَهنـَّميّة ... أخـَفـّها ... أثقل مما تـُحدثه حجارة الرحى ...
" وهناك طائفة (( المستبقرين )) وهم الذين يملؤون أجوافهم حشيشاً ... ثم يقفون على منعطفات الشوارع والأزقـَّة ... مبطـِّنين الهواء بخوار ... ألطفه ... أغلظ من خوار جاموس ...
" وهناك طائفة (( المستبومين )) وهُم الذين يصرفون الساعات بين مقابر الحياة وأجداثها ... محوّلين سكينة الدُّجى ... إلى عويل ... أفراحه ... أحْزَن من نعيب البُوم ...
" وهناك طائفة (( المستنشرين )) وهُم الذين لا يرون من الحياة إلاّ أخشابها ... فيصرفون الأيام بتجزئتها وتفصيلها ... محدثين بذلك خشخشة ... أعذبها ... أضنك مما تحدثه المناشير...
" وهناك طائفة (( المستطبلين )) وهُم الذين يقرعون نفوسهم بمطارق ضخمة ... فيخرج من أفواههم الفارغة ... قرقعة ألطفها ... أغلظ من قرقعة الطبول ...
" وهناك طائفة (( المستعلكين )) وهُم الذين لا شُـغلَ لهم ولا عمل ... فيجلسون حيثما يجدون مقعداً ... ويمضغون الكلام ... ولكنهم لا يلفظونه ...
" وهناك طائفة (( المستهزئين )) وهُم الذين يستغيبون الناس ... ويستغيبون بعضهم بعضاً ... ويستغيبون نفوسهم على غير معرفة من نفوسهم ... ولكنهم يدْعُون الإستغابة بإسم المُجون ... والمُجون ... ضَرب من الجد ... ولكنهم لا يعلمون ...
" وهناك طائفة (( الأنوال )) التي تـُحَرِّك الهواء بالهواء ... ولكنها تظل هي بدون قمصان ولا سراويل ...
" وهناك طائفة (( الزرازير )) التي قال عنها الشاعر:
لمّا حام حائمها توهَّمت ـــــــــ أنها صارت شَواهينا
" وهناك طائفة (( الأجراس )) وهي تدعو الناس إلى الهياكل ... ولكنها لا تدخلها ...
" وهناك طوائف وعشائر لا تـُعَد ولا تـُحصى ولا تـُوصَف ... أغربها في عقيدتي ... طائفة نائمة ... تملأ الفضاء غطيطاً ... ولكنها لا تدري .....
... والآن ... أنا كالطبيب المُعْـتـَل ... أو كمجرم يقف واعظاً بين المجرمين ... فقد هجوت الكلام ... ولكن بالكلام ... وتطيرت من المتكلمين ... وأنا واحد منهم ...
" جبران خليل جبران "