عرف عن البيت الدمشقي وجود ارض الديار في وسطه وتملؤها النباتات والاشجار
الدمشقية من حولها
فلنبدأ بالأشجار المعروفة في بيوت الشام .
.
فمن النارنج والكباد والليمون الحامض والليمون الحلو والفراسكين ( الكريفون ) والدرابزين الخرمسي ( أصل اسمه بالتركية - طرابزون هورمه سي - أي تمر طرابزون ) و الطرنج ( بومللي ) والمشمش الهندي ( أكدنيا ) والبرتقال ثم دوالي العنب بأنواعها .. ودوالي العنب في بيوت الشام تطعم عادة بالطعمين ( البلدي والحلواني ) . وكثيراً ما نرى أهل الشام يعتنون بالعنقود فيغطونه بشبك نسيجي أو أكياس نافذة للهواء لتفادي هجمات (العصافير ) .. والعنب البلدي يمتاز بأن قشره رقيق جداً وهناك العنب الزيني وسواه من الأنواع الفاخرة .. وكان أهل الشام يقولون عن عنب الديار بأنه ( يطول الأعمار ) ويستخدمون ورق الليمون والنارنج مغلياً وهو شراب طيب ومفيد .. فهذه هي الأشجار المثمرة ..
أما أشجار الورد والزهر فمنها .. شجيرات الياسمين الأبيض ( علامة سالم ) والياسمين الأصفر والأزرق التي تعرش في الدور .. والياسمين العراتلي .. والنبات العطري المعروف بإسم ( الساعة ) والبنفشا التي لها أزرار زهر لا تحصى ولو كانت بدون رائحة .. والمجنونة بالوانها الحمراء والبنفسجية والبرتقالية .. وهناك شجر المانوليا ذات الرائحة العبقة الرائعة
وفي الفسحة المسماة ( الديار ) نجد قطع النباتات الزهرية والعطرية ويسميها أهل الشام ( الزريعة ) ونجدها إما في أحواض في الأرض أو اصص فخارية وكثير منها في ( تنكات ) الزيت الفارغة .. وهي على أطراف ( الديار ) أو حول البحرة .. أو معلقة على الجدران .. أو على سلم معدني متعدد الدرجات أو في أحواض على ( الشبابيك ) المطلة على الديار .. يعني جنة للناظرين ..
وأهم تلك النباتات أوراق القصب ( هوا خشن وهوا ناعم ) والشمشير .. والهوا حيفا الذي هو ناعم هفهاف الأوراق كأنها الهواء .. والقرطاسية ( هورتنسيا ) والبوغونيا .. والشب الظريف .. والختمية .. والبنفشاية .. والدادا .. والجميل .. وآه يا أنا (حسب ماعرفت هي نبتة : ) والعطرة .. والشكرية والهرجاية .. والبرنجك والمدادة .. والمكحلة والسجادة .. واللحلح ( شجر زهر الليلك ) والزلف والكولونيا ..
وبعض النباتات الزهرية لها أسماء غريبة وذات مغزى .. مثل .. ليلة القدر التي تتفتح في ليلة واحدة فقط في السنة ؟ .. والمحكمة .. وكف العروس .. وراخي شعرو .. والحماية والكناين .. وسوالف العروس .. ولسان الحماية .. كما لم يكن يخلو بيت شامي من قطعة ( غناجة ) وهي نبات اذا لمسته أغلق أوراقه ثم عاد بعد قليل ففتحها.. وهنالك أيضاً ( تم السمكة ) وطريقة الامساك بها بحيث تفتح كلما ضغطنا عليها كفم السمكة تماما ... والسيكارة ( ويقولون عنها أحياناً جيكارة ) وورق الصالون للصالونات .. وقلب عبد الوهاب ( وهو نبات حديث التواجد ) .. والشمعة .. والمضعف الذي يباع بكثرة في شوراع دمشق وهو أصفر اللون له رائحة حلوة خفيفة .. والطقطيقي ويطلق على النباتات الزهرية القليلة الزهر .. والمطبق وهو كثير الزهر ..
وأهم من كل ما سبق .. الورد الدمشقي المشهور بالبلدي .. والمعروف في العالم كله بإسم ( روزا داماسينا ) .. والورد الجوري .. والنرجس .. والفل الأبيض الرائع .. والقرنفل .. والزنبق البلدي .. والبنفسج الذي يمتاز برائحة تشمها الأرواح وتنتعش بها النفوس ...
إلى جانب ذلك.. كان البيت الدمشقي لا يخلو غالبا من نباتات عطرية تغلى أوراقها و تشرب إما لأسباب طبية أو لأسباب تتعلق بالنكهة .. مثل المليسة التي تغلى أوراقها إما منفردة أو مضافة إلى الشاي .. و الورد كان يستعمل ورقه لعمل شراب الورد أو لإضافته إلى مجموعة " الزهورات ".
حين يتسع البيت تجد سيدة المنزل قرب مطبخها مكانا تزرع فيه بعض ما يحتاجه مطبخها من نباتات مثل النعنع و البقدونس
أما المضعف الذي يباع مع بدايات الربيع في حارات و شوارع دمشق .. و الذي يبشر باقتراب النهارات المعتدلة المشمسة ، فهو زهر النرجس المعروف بلونه الأصفر و الأبيض ، و رائحته الجميلة .
في هذا البيت الذي يدل ظاهره على التقشف و التواضع عاشت الأسرة الدمشقية .. تنعم بالشمس و الهواء .
و في أرض الديار هذه تتمشى قطط دمشقية مدللة .. تزور و تدور و تنام في الفرشات مع الصبية و الفتيات و هي تخر شبعة سعيدة .
أجمل ما في البيت الدمشقي شيئان اثنان .
أولهما أنه لم يكن بيتا منعزلا عما حوله ، كان حلقة في سلسلة بيوت .. مندمجا في حارة دمشقية تتجاور فيها الأسر الدمشقية الغنية " المسعدة " مع الأسر المتوسطة الحال أو الفقيرة " الدراويش " . لم تكن الفروق تبدو واضحة كما نراها الآن بين الطبقات الاجتماعية المختلفة .
حارة تكاد تكون مدينة صغيرة تغلق أبوابها على أهلها ليلا خوفا عليهم من الغارات و اللصوص . و تضم في داخلها معظم ما يحتاجه أبناؤها فلا يضطرون إلى مغادرتها إلا فيما ندر ..
و الأمر الثاني .. الذي يمنح هذا البيت الدمشقي جماله هو : الإنسان الدمشقي ..
القلب الطيب الرائع .. الروح البسيطة الشفافة .. الانتماء و الفخر بحارته و مدينته و وطنه و دينه ..
وحب صادق لكل ما في الوجود .. بدءا من حب الله عز وجل و انتهاء بأبسط مخلوقاته من حيوان و نبات.
الإنسان الدمشقي هو من صنع الجمال في بيته فجاء على شاكلته .. بسيطا من الخارج . رائعا مريحا جميلا من الداخل
[/color]الدمشقية من حولها
فلنبدأ بالأشجار المعروفة في بيوت الشام .
.
فمن النارنج والكباد والليمون الحامض والليمون الحلو والفراسكين ( الكريفون ) والدرابزين الخرمسي ( أصل اسمه بالتركية - طرابزون هورمه سي - أي تمر طرابزون ) و الطرنج ( بومللي ) والمشمش الهندي ( أكدنيا ) والبرتقال ثم دوالي العنب بأنواعها .. ودوالي العنب في بيوت الشام تطعم عادة بالطعمين ( البلدي والحلواني ) . وكثيراً ما نرى أهل الشام يعتنون بالعنقود فيغطونه بشبك نسيجي أو أكياس نافذة للهواء لتفادي هجمات (العصافير ) .. والعنب البلدي يمتاز بأن قشره رقيق جداً وهناك العنب الزيني وسواه من الأنواع الفاخرة .. وكان أهل الشام يقولون عن عنب الديار بأنه ( يطول الأعمار ) ويستخدمون ورق الليمون والنارنج مغلياً وهو شراب طيب ومفيد .. فهذه هي الأشجار المثمرة ..
أما أشجار الورد والزهر فمنها .. شجيرات الياسمين الأبيض ( علامة سالم ) والياسمين الأصفر والأزرق التي تعرش في الدور .. والياسمين العراتلي .. والنبات العطري المعروف بإسم ( الساعة ) والبنفشا التي لها أزرار زهر لا تحصى ولو كانت بدون رائحة .. والمجنونة بالوانها الحمراء والبنفسجية والبرتقالية .. وهناك شجر المانوليا ذات الرائحة العبقة الرائعة
وفي الفسحة المسماة ( الديار ) نجد قطع النباتات الزهرية والعطرية ويسميها أهل الشام ( الزريعة ) ونجدها إما في أحواض في الأرض أو اصص فخارية وكثير منها في ( تنكات ) الزيت الفارغة .. وهي على أطراف ( الديار ) أو حول البحرة .. أو معلقة على الجدران .. أو على سلم معدني متعدد الدرجات أو في أحواض على ( الشبابيك ) المطلة على الديار .. يعني جنة للناظرين ..
وأهم تلك النباتات أوراق القصب ( هوا خشن وهوا ناعم ) والشمشير .. والهوا حيفا الذي هو ناعم هفهاف الأوراق كأنها الهواء .. والقرطاسية ( هورتنسيا ) والبوغونيا .. والشب الظريف .. والختمية .. والبنفشاية .. والدادا .. والجميل .. وآه يا أنا (حسب ماعرفت هي نبتة : ) والعطرة .. والشكرية والهرجاية .. والبرنجك والمدادة .. والمكحلة والسجادة .. واللحلح ( شجر زهر الليلك ) والزلف والكولونيا ..
وبعض النباتات الزهرية لها أسماء غريبة وذات مغزى .. مثل .. ليلة القدر التي تتفتح في ليلة واحدة فقط في السنة ؟ .. والمحكمة .. وكف العروس .. وراخي شعرو .. والحماية والكناين .. وسوالف العروس .. ولسان الحماية .. كما لم يكن يخلو بيت شامي من قطعة ( غناجة ) وهي نبات اذا لمسته أغلق أوراقه ثم عاد بعد قليل ففتحها.. وهنالك أيضاً ( تم السمكة ) وطريقة الامساك بها بحيث تفتح كلما ضغطنا عليها كفم السمكة تماما ... والسيكارة ( ويقولون عنها أحياناً جيكارة ) وورق الصالون للصالونات .. وقلب عبد الوهاب ( وهو نبات حديث التواجد ) .. والشمعة .. والمضعف الذي يباع بكثرة في شوراع دمشق وهو أصفر اللون له رائحة حلوة خفيفة .. والطقطيقي ويطلق على النباتات الزهرية القليلة الزهر .. والمطبق وهو كثير الزهر ..
وأهم من كل ما سبق .. الورد الدمشقي المشهور بالبلدي .. والمعروف في العالم كله بإسم ( روزا داماسينا ) .. والورد الجوري .. والنرجس .. والفل الأبيض الرائع .. والقرنفل .. والزنبق البلدي .. والبنفسج الذي يمتاز برائحة تشمها الأرواح وتنتعش بها النفوس ...
إلى جانب ذلك.. كان البيت الدمشقي لا يخلو غالبا من نباتات عطرية تغلى أوراقها و تشرب إما لأسباب طبية أو لأسباب تتعلق بالنكهة .. مثل المليسة التي تغلى أوراقها إما منفردة أو مضافة إلى الشاي .. و الورد كان يستعمل ورقه لعمل شراب الورد أو لإضافته إلى مجموعة " الزهورات ".
حين يتسع البيت تجد سيدة المنزل قرب مطبخها مكانا تزرع فيه بعض ما يحتاجه مطبخها من نباتات مثل النعنع و البقدونس
أما المضعف الذي يباع مع بدايات الربيع في حارات و شوارع دمشق .. و الذي يبشر باقتراب النهارات المعتدلة المشمسة ، فهو زهر النرجس المعروف بلونه الأصفر و الأبيض ، و رائحته الجميلة .
في هذا البيت الذي يدل ظاهره على التقشف و التواضع عاشت الأسرة الدمشقية .. تنعم بالشمس و الهواء .
و في أرض الديار هذه تتمشى قطط دمشقية مدللة .. تزور و تدور و تنام في الفرشات مع الصبية و الفتيات و هي تخر شبعة سعيدة .
أجمل ما في البيت الدمشقي شيئان اثنان .
أولهما أنه لم يكن بيتا منعزلا عما حوله ، كان حلقة في سلسلة بيوت .. مندمجا في حارة دمشقية تتجاور فيها الأسر الدمشقية الغنية " المسعدة " مع الأسر المتوسطة الحال أو الفقيرة " الدراويش " . لم تكن الفروق تبدو واضحة كما نراها الآن بين الطبقات الاجتماعية المختلفة .
حارة تكاد تكون مدينة صغيرة تغلق أبوابها على أهلها ليلا خوفا عليهم من الغارات و اللصوص . و تضم في داخلها معظم ما يحتاجه أبناؤها فلا يضطرون إلى مغادرتها إلا فيما ندر ..
و الأمر الثاني .. الذي يمنح هذا البيت الدمشقي جماله هو : الإنسان الدمشقي ..
القلب الطيب الرائع .. الروح البسيطة الشفافة .. الانتماء و الفخر بحارته و مدينته و وطنه و دينه ..
وحب صادق لكل ما في الوجود .. بدءا من حب الله عز وجل و انتهاء بأبسط مخلوقاته من حيوان و نبات.
الإنسان الدمشقي هو من صنع الجمال في بيته فجاء على شاكلته .. بسيطا من الخارج . رائعا مريحا جميلا من الداخل