المشروم كغذاء
يضيق الخناق على الإنسان في بدائل مصادر غذائه؛ فما أن يجد بديلا عن لحوم الأبقار المجنونة في الدجاج حتى يصيبه هلع من الطيور الموبوءة بالإنفلونزا، وحين يتجه بفكره نحو الخضار و الفاكهة يسمع عن الهرمونات المسرطنة التي ترافق النبات منذ لحظة كونه بذرة أو عقلة مرورا بهرمونات الإزهار فالإخصاب و انتهاءً بإنضاج الثمار.
هل يعني هذا أن نتوقف عن تناول كل ما سبق خشية الأمراض؟! قطعا لا، إذا كيف نحصل على الفيتامينات والأحماض الأمينية والدهنية ومصادر الطاقة اللازمة لبناء الجسم وقيامه بعملياته الحيوية.
ولكن ما قصدته هو البحث عن بدائل مناسبة تحتوي على المكونات الأساسية للغذاء في وقت نأمن فيه خطر الأمراض على أنواعها.
ليس المشروم وحده هو البديل...لكنه أحد المصادر التي يمكنها تعويض ما يخسره الفرد عند إحجامه عن تناول المصادر المألوفة إضافة إلى تميزه عن غيره.
والمشكلة هي ثقافة استخدام الفطر كغذاء في وجبات رئيسية وليس مجرد تذوق أو تقليد أو صدفة عند قبول دعوة في فندق أو مطعم أجنبي، فالمعروف أن المشروم يدخل في الكثير من الأطعمة الغربية والصينية، ولا يستخدم في بلادنا إلا في بعض القرى في وجبة أو اثنتين حينما تلتئم مجموعة من الظروف الجوية لتجود به تربة عضوية مرة في العام.
ولكي تنتشر ثقافة استخدام المشروم كغذاء لابد من التغلب على بعض المعيقات التي تواجه ذلك، وطرح بعض الحقائق حول القيمة الغذائية للمشروم.
- إن الفكرة المنتشرة بأن المشروم ينمو بصورة طبيعية ويمكن لأي فرد الحصول عليه متى شاء هي فكرة لا يمكن الاستناد إليها إذا أردنا أن نعتبر المشروم وجبة تتكرر في غذائنا.
ولابد من الحصول عليه بالطرق العلمية والتكنولوجية المضمونة وذلك لسببين:
أولهما: أنه ينمو بصورة طبيعية (دون تدخل الإنسان) لفترة محدودة وبكميات ضئيلة في العام.
وثانيهما: أنه يصعب التميز بين الفطر المفيد والفطر السام، فالمغامرة في التعرف عليه ليست محمودة العواقب؛ إذ أن قضمة من بعض الفطريات السامة تسبب الموت اللحظي لوجود مادة الأفلاتوكسين السامة فيها.
- ارتباط إدخال المشروم في الوجبات بالأطعمة الأجنبية، وأنها مقتصرة على النخبة فقط، واقتصار تقديمه في الفنادق و المطاعم في أحياء بعينها مما جعله باهظ الثمن وليس في متناول الجميع كون معظم كمياته المستخدمة مستوردة من الخارج، غير أن الكثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة بدأت بالانتشار لتربية المشروم في مختلف محافظات الأردن وخاصة العقبة والعاصمة، وأخذت تسوق من إنتاجها لنفس المستهلكين؛ السياح ومن يتناوله كتقليد دون إدراك لقيمته الغذائية.
- إن القيمة الغذائية والطبية للمشروم كبيرة جدا؛ فهو خال تماما من الكولسترول، واكتشف مؤخرا أنه فعال في علاج بعض السرطانات كسر طان البروستات، وللتدليل على القيمة الغذائية له فإن ما مقداره ست حبات متوسطة الحجم (مائة وثمانية غرامات) من المشروم الطازج تحتوي على 116 كيلو جول من الطاقة، 2 غم بروتين، 5 غم كربوهيدرات، 1.4 غم ألياف، قليل من الدهون، خال تماما من الكوليسترول، 5 ملغم كالسيوم، 1.3 ملغم حديد، 0.8 ملغم خارصين، 4 ملغم صوديوم، 400 ملغم بوتاسيوم، 4 ملغم فيتامين C، 0.1 ملغم فيتامين B6، 23 ميكروغرام حمض الفوليك، 0.11 ملغم ثيامين، 0.48 ملغم رايبوفلافين و5.3 مكافئات فيتامين النياسين.
- صحيح أن المشروم غالي الثمن الآن بشكليه الطازج المحلي والمستورد أو المعلب المستورد، ولكن إقبال الناس عليه لاحقاً كغذاء يزيد من أعداد مربيه، وتزداد الكميات المعروضة مما يقلل من ثمنه، ناهيك عن إمكانية تربية المشروم على مستوى المنزل.
- يمكن إدخال المشروم في كثير من الوجبات المحلية أو العربية، إذ لا يقتصر وجوده فقط في البيتزا والأطعمة الغربية، فبالإضافة إلى "الشوربات" من الممكن إعداد قائمة طويلة من الوجبات التي يدخل فيها الفطر ونشرها ضمن إعلانات تصدر عن الجهات المعنية بترويج ثقافة الفطر كغذاء. علمياً يتبع المشروم للفطريات الدعامية basidiomycetes، وهناك عدد من الأنواع الصالحة للأكل تختلف في ما بينها من حيث القيمة الغذائية (اختلافات طفيفة) وسهولة التربية.
وللمزيد من المعلومات حول تربية الفطر وقيمته الغذائية والظروف والمواد اللازمة لتربيته والجدوى الاقتصادية لمشاريع تربية المشروم يمكن مراجعة الباحث.