بقلم: محمد أبوعبيد
لا أتخيل مكاناً، ولو صغيراً، يتسم بالجمال إذا خلا من النساء، فكيف لي أن أتخيل مدينة يهدهد التعب عين ساكنها وهي تنقّب عن " أنثى" وسط جموع الذكور فبالكاد تلحظها. لأن المرأة مكمن الجمال، فلا جمال للمكان ولا الزمان من دونها. هكذا، إذنْ، تبدأ المدينة الفاضلة من النساء.
في أصقاع المعمورة تتنافس المدن في جمال عمرانها وزخرفة شوارعها بأنواع الزهور والأشجار، لكنه يبقى جمالاً جامداً لا تبث فيه الروح إلا امرأة حرة عصرية، ليست مجرد وارثة للعادات والتقاليد، وللأفكار التي ليس لها متسع بين الأحرار الشاخصة أعينُهم نحو مزيد من المدنيّة والحضارة. إن المدينة الحرة هي المرأة الحرة .
ليست في الأمر مبالغة. فالمرأة التي هي في العادة "نصف المجتمع عدداً وكله إعداداً"، إنْ غابت، أو غيبتها " شريعة ذكورابي " يصبح نصف المدينة غائبا ً، وهو النصف الأجمل ،وهيهات لهذه المدينة أن توصف بالفاضلة. إن المدينة َ العابسة هي المدينة الذكورية.
المدينة الفاضلة هي التي لا تكون فيها الأنثى مثل الإشارة الضوئية الحمراء ،تشل حركة السير إذا قطعت الشارع أو كانت تسير على الرصيف، ولا تكون مجرد متاع للرجل فعلا ً أو مخيلة .لكنها عنصر فعال ومنتِج في المجتمع، لها ما للرجل وعليها ما عليه. إن المدينة لن تعرف المدنيّة إن كانت قوانينها مقسومة إلى ما ينطبق على الرجال وإلى ما ينطبق على النساء، وإذا ظلت أماكنها المختلفة مجزأة على أساس الجنس.
المدينة الفاضلة هي التي لا توزن فضائل ساكنيها بميزان سلوكيات النساء وحرياتهن الفردية ومظاهرهن الخارجية. إن احترام هذه الحريات أساس لهذه المدينة إن قُيّض لها أن تظل مدينة. ولعل الفيروس الأشد خطراً على مدينة نريدها فاضلة هو التغاضي عن تصرفات وأفعال رجالها السلبية، فلا نجعلها في وارد موازين الحكم. كأن الفضيلة من صنع الرجال، وأما الرذيلة من فعل النساء!!.
إن كانت المرأة هي العنوان الأكبر للمدينة الفاضلة، فذلك لا ينفي العناوين الأخرى .ستفقد المدينة من فضيلتها إذا كانت مثل الكعكة يتقاسمها السياسيون والأحزاب والقبائل، أو كانت حاراتها وأحياؤها موزعة على العائلات أو العشائر مثل الغيتوهات، وأن هذا الحي لا يدخله إلا الأغنياء، وتلك الحارة لا يدخلها الأغنياء. ستتآكل فضيلة المدينة إن كان هواؤها مجرد "أيديولوجيات" فئوية أو طائفية يتنفسها الناس كرها ً أو طوعا ً، ويتحدثون عن الانتماء الديني والعرقي والحزبي والقبلي على حساب الانتماء الوطني، وتنشقِ الهواء النقي الذي لا تعبث به أيدي المُجزِئين ولم يختلط بزفيرهم .
المدينة الفاضلة هي التي تمنح فنانيها و أدباءها الحرية حتى يعطوها إبداعاً، تجعل منه المدينة مُكوّناً هاما من مكونات فضيلتها، فلا ترضخ لذوي العقول التي أتى عليها العفن، والتي لا تريد سوى أن تسُود الظلامية أرجاء المدينة وأدمغة ساكنيها. إنها المدينة التي تحطم القيود عن صنوف الفن والإبداع وتعبّد لهما الطريق مثلما تعبّد شوارعها للسيارات الفارهة.
منقول.
لا أتخيل مكاناً، ولو صغيراً، يتسم بالجمال إذا خلا من النساء، فكيف لي أن أتخيل مدينة يهدهد التعب عين ساكنها وهي تنقّب عن " أنثى" وسط جموع الذكور فبالكاد تلحظها. لأن المرأة مكمن الجمال، فلا جمال للمكان ولا الزمان من دونها. هكذا، إذنْ، تبدأ المدينة الفاضلة من النساء.
في أصقاع المعمورة تتنافس المدن في جمال عمرانها وزخرفة شوارعها بأنواع الزهور والأشجار، لكنه يبقى جمالاً جامداً لا تبث فيه الروح إلا امرأة حرة عصرية، ليست مجرد وارثة للعادات والتقاليد، وللأفكار التي ليس لها متسع بين الأحرار الشاخصة أعينُهم نحو مزيد من المدنيّة والحضارة. إن المدينة الحرة هي المرأة الحرة .
ليست في الأمر مبالغة. فالمرأة التي هي في العادة "نصف المجتمع عدداً وكله إعداداً"، إنْ غابت، أو غيبتها " شريعة ذكورابي " يصبح نصف المدينة غائبا ً، وهو النصف الأجمل ،وهيهات لهذه المدينة أن توصف بالفاضلة. إن المدينة َ العابسة هي المدينة الذكورية.
المدينة الفاضلة هي التي لا تكون فيها الأنثى مثل الإشارة الضوئية الحمراء ،تشل حركة السير إذا قطعت الشارع أو كانت تسير على الرصيف، ولا تكون مجرد متاع للرجل فعلا ً أو مخيلة .لكنها عنصر فعال ومنتِج في المجتمع، لها ما للرجل وعليها ما عليه. إن المدينة لن تعرف المدنيّة إن كانت قوانينها مقسومة إلى ما ينطبق على الرجال وإلى ما ينطبق على النساء، وإذا ظلت أماكنها المختلفة مجزأة على أساس الجنس.
المدينة الفاضلة هي التي لا توزن فضائل ساكنيها بميزان سلوكيات النساء وحرياتهن الفردية ومظاهرهن الخارجية. إن احترام هذه الحريات أساس لهذه المدينة إن قُيّض لها أن تظل مدينة. ولعل الفيروس الأشد خطراً على مدينة نريدها فاضلة هو التغاضي عن تصرفات وأفعال رجالها السلبية، فلا نجعلها في وارد موازين الحكم. كأن الفضيلة من صنع الرجال، وأما الرذيلة من فعل النساء!!.
إن كانت المرأة هي العنوان الأكبر للمدينة الفاضلة، فذلك لا ينفي العناوين الأخرى .ستفقد المدينة من فضيلتها إذا كانت مثل الكعكة يتقاسمها السياسيون والأحزاب والقبائل، أو كانت حاراتها وأحياؤها موزعة على العائلات أو العشائر مثل الغيتوهات، وأن هذا الحي لا يدخله إلا الأغنياء، وتلك الحارة لا يدخلها الأغنياء. ستتآكل فضيلة المدينة إن كان هواؤها مجرد "أيديولوجيات" فئوية أو طائفية يتنفسها الناس كرها ً أو طوعا ً، ويتحدثون عن الانتماء الديني والعرقي والحزبي والقبلي على حساب الانتماء الوطني، وتنشقِ الهواء النقي الذي لا تعبث به أيدي المُجزِئين ولم يختلط بزفيرهم .
المدينة الفاضلة هي التي تمنح فنانيها و أدباءها الحرية حتى يعطوها إبداعاً، تجعل منه المدينة مُكوّناً هاما من مكونات فضيلتها، فلا ترضخ لذوي العقول التي أتى عليها العفن، والتي لا تريد سوى أن تسُود الظلامية أرجاء المدينة وأدمغة ساكنيها. إنها المدينة التي تحطم القيود عن صنوف الفن والإبداع وتعبّد لهما الطريق مثلما تعبّد شوارعها للسيارات الفارهة.
منقول.