جئت أحدثكم اليوم عن رجل راح ضحية الأدب المفترى عليه ، كما راح كافور بعده ضحية الشعر الظالم . . هو قراقوش
وقراقوش المسكين صار على ألسنة الناس المثل المضروب لكل حاكم فاسد الحكم ، فكلما أراد الناس أن يصفوا حكما بالجور والفساد قالو : هذا حكم قراقوش .
في البداية قرا قوش ويعني بالتركية النسر الأسود....(قوش = نسر ، قرا : أسود)
والعجيب أن الصورة التاريخية الحقيقية طمست ونسيت والصورة الخيالية بقيت وخلدت...
فمن هو قراقوش؟
هو أحد قواد بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي كان من أخلص أعوانه وأقربهم إليه فكان قائدا مظفرا و جنديا أمينا ومهندسا حربيا منقطع النظير وأعجوبة في أمانته فلما احس الفاطميون بقرب زوال ملكهم شرعوا يعبثون بنفائس القصر ويحملون منها ما يخف حمله ، ويغلو ثمنه وكان القصر مدينة صغيرة كدس فيها الخلفاء الفاطميون خلال قرون من التحف والكنوز والنفائس مالا يحصيه العد.
فوكل صلاح الدين قراقوش بحفظ القصر فنظر فإذا أمامه من عقود الجواهر والحلي النادرة والكؤوس والثريات والبسط المنسوجة بخيوط الذهب ما لامثيل له في الدنيا هذا فضلا عن العرش الفاطمي الذي كان من أرطال الذهب ومن نوادر اليواقيت والجواهر وكان في القصر فوق ذلك من ألوان الجمال في المئات والمئات من الجواري المتحدرات من كل أمم الأرض ما يفتن العابد
فلا فتنه الجمال ولا أغواه المال ولم يأخذ لنفسه شيئا ولم يدع أحدا يأخذ منها شيئا....
وهو الذي اقام اعظم المنشئات الحربية التي تمت في عهد صلاح الدين (القلعة المتربعة على المقطم - سور القاهرة الذي بقي من آثاره إلى اليوم ما يدهش العين) ولما مات العزيز الأيوبي وأوصى بالملك لابنه المنصور وكان صبيا في التاسعة جعل الوصي عليه قراقوش فكان الحاكم العادل والأمير الحازم أصلح البلاد وأرضى العباد .
هذا قراقوش فمن أين جاءت تلك الوصمة التي وصم بها ؟ ومن الذي شوه هذه الصورة السوية ؟
هذا ما سنعرفه في الجزء القادم ..........