مما لاشك فيه أن الطب المهنة النبيلة التي يتمنى كل الآباء لأبنائهم ممارستها تحتاج إلى صنف خاص من الناس تتوفر فيهم الصفات والشروط التي تؤهلهم لخوض غمار الطب والتطبيب بمختلف فروعه المتشعبة والكثيرة.
ومنذ القدم طرحت أخلاقيات الطب وكان مؤسسها أبيقراط والتي كانت اللبنة الأساس لممارسة الطب على العموم.
وفي هذه الوقفة أركز على جملة الصفات التي يجب أن يتحلى بها الطبيب , وهي في الحقيقة نقد ووصف لمظاهر سيئة قد نشاهدها في الكثير من العيادات أو مستشفياتنا للأسف الشديد.
• نريد الطبيب الذي يبتغي بعمله وجه الله قبل الأجر من المؤسسة التي يعمل بها أو من المريض بحد ذاته، ذلك لأنه في بعض الأحيان وتحت طائلة الظروف المعينة قد يفكر الطبيب في تحويل المرضى إلى مجموعة من الزبائن المربحين.
• نريد الطبيب الذي يكون ملما إلماما تاما بمهنته وما يرتبط بها من مداواة للمرضى بالطريقة الصحيحة التي تعيد لهم صحتهم وقواهم العقلية والجسدية.
• نريد الطبيب الذي يكون مواكبا للتطورات المختلفة في مجال تخصصه، فمن المعيب أن نجد في بعض الوصفات الطبية أدوية غير مستعملة الآن على الإطلاق أو أن الزمن ثبت عدم فعاليتها لكن البعض يصفها للمريض جهلا بذلك.
• نريد الطبيب الذي يستر عورات المرضى ويحافظ على السر المهني، ولا يكشف عن المريض إلا بالقدر الذي تستدعيه الضرورة للتشخيص أو العلاج.
• نريد الطبيب الذي يقتحم التخصصات النادرة ويتقنها حتى لو تطلب ذلك السفر والتنقل، ففي ذلك تطورا لأمتنا ومداواة لمرضانا وكفايتهم من التنقلات الخارجية التي تكلف الكثير.
• نريد الطبيب الذي يشفق على المريض، وأن يعطي لكل حالة وقتها الذي تستحق، وإن أشكل عليه الأمر فليرسل مريضه إلى من هو أقدر منه في التشخيص والعلاج. وفي هذه النقطة بالذات أريد أن أضيف: في كثير من الأحيان قد يعجز الطبيب عن تشخيص المرض فيلجأ إلى وصف تحاليل أو أشعة غير مجدية وكان الأحرى أن يحول أو يرسل المريض إلى زميل له أو إلى أحد أساتذته المقتدرين بدل من يضيع الوقت والجهد وصحة المريض في خطر. لكن للأسف تحول هذا الأمر إلى طابو من الطابوهات الذي لا يجب أن يتكلم عنه. هل من المعيب أن أقول لمريض ما: إن حالتك تستدعي أن تتوجه إلى مختص ما أو زميل لي لأنني لم أفهم حالتك بالتدقيق؟؟؟؟
• نريد الطبيب الذي يستمع كثيرا للمريض ويسأل عن بدايات وتطور المرض وعن الأعراض المصاحبة، وأن يفحص المريض بتأني، وأن تكون يده اليد الحانية التي تداوي. فمن خلال تجربتي المتواضعة هناك صنف من المرضى يرتاح بالكلمة الطيبة والابتسامة العريضة قبل أن يأخذ الدواء على الإطلاق.
• نريد الطبيب الذي يصارح المريض بحقيقة مرضه ليس من جانب التخويف ولكن من باب معرفة تفاصيل المرض وما يترتب عليه من إجراءات وقائية أو احتياطات علاجية، وأن يشرح له التفاصيل سواء في كيفية تطور المرض أو علاجه بالطرق المختلفة الطبية أو الجراحية.
• نريد الطبيب الذي يسعى لتجديد قدراته المهنية من خلال المشاركة في المؤتمرات المختلفة والاحتكاك بالزملاء ونقل التجارب والخبرات بينهم، ومواكبة كل جديد ومتجدد إن مفيدا أو مستفيدا.
• نريد الطبيب الذي يضحي بوقته من أجل راحة وسعادة المريض، فكم من مريض توفي في الحالات الإستعجالية بدعوى انتهاء ساعات عمل الطبيب المناوب مثلا، أو تأخره في وصوله في الموعد المحدد.
• نريد الطبيب الملتزم بمواعيده في عيادته أو في مقر عمله، حتى أصبح في بعض الحالات يحضر المريض في الموعد ويتأخر الطبيب الذي أعطى له الموعد في التوقيت والمكان المتفق عليهما.
• نريد الطبيب الذي يربطه بينه وبين مرضاه العقد الأخلاقي في النصح والتوجيه والمداواة والمتابعة لحالاتهم التي تستوجب ذلك.
• نريد الطبيب الذي يوقر من علمه، وأن يحترم زملائه في المهنة في مختلف التخصصات والميادين الطبية وأن يسدي النصح والتوجيه بالطريقة اللائقة وغير المخزية، فالمعيب أن يتحول الأطباء إلى التشهير أو التقليل من قيمة البعض وبخاصة أمام المرضى.
• نريد الطبيب الذي يتحمل المشاق في والانتقال إلى بيت المريض أو مكان الحادث إن اقتضى الأمر، لأن الكثير من الحالات الحرجة تموت في طريقها إلى المستشفيات لشدة الصدمة وغياب الإسعافات الأولية اللازمة، وفي ذلك تكوين خبرة في الطب الإستعجالي الذي يخضع في كثير من الدول المتقدمة إلى العناية والاهتمام الكبير.
• نريد الطبيب الذي يفكر بعقلية الفريق في العمل، وأن نجاحاته من نجاح الفريق والعكس هو الصحيح، فليحرص على علاقاته الطيبة مع كل أفراد فريق البحث أو التطبيب أو الجراحة.
من مقالة للدكتور: شعبان بروال