لفتت نظري بعض الافكار الجميلة في هذا المقال الذي اخذته من موقع دويتشه فيلله الالماني ارجو ان ينال اعجابكم
Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: النسخة الأصلية من الدستور الألماني ويظهر عليها توقيع المستشار الأسبق كونراد آديناور
ضمان وحماية كرامة الإنسانية كإنسان وإلزامية احترامها مبدأ أصيل وثابت في الدستور الألماني لا يمكن تعديله أو تغييره، وتتولى المحكمة الدستورية العليا بحزم التصدي لأي محاولة للنيل من هذا المبدأ تحت أي مبرر كان.
"أقيمت الدولة لخدمة الناس وليس الناس لخدمة الدولة"، بهذه العبارة كان ينبغي أن تبدأ المادة الأولى من الدستور الألماني وفقا لأول مشروع طرح لهذا الدستور. إلا أن المجلس البرلماني الذي أوكلت إليه صياغة الدستور قرر أن يختار بداية أخرى، تبدو رنانة هي الأخرى، لكنها أكثر إلزاماً في الوقت ذاته: "كرامة الإنسان غير قابلة للمساس بها. فاحترامها وحمايتها واجب إلزامي على جميع سلطات الدولة".
إن ضمان كرامة الإنسان مبدأ ثابت في الدستور الألماني غير قابل للتغيير أو التعديل حتى ولو توفرت أغلبية ثلثي البرلمان التي ترغب في ذلك التعديل. فهذا المبدأ حصيلة ألفي عام من التاريخ بدءً من تعاليم شيشرو ومرورا برؤية توما الأكويني لخلق الإنسان على صورة الرب، وصولا إلى مبادئ عصر التنوير، وهو العصر الذي تشكلت فيه معالم نظرية الوجود الإنساني كقيمة مستقلة بذاتها.
احتقار النازيين لكرامة الإنسان
تقول تعاليم التنوير إن للإنسان كرامة كونه إنسان، وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه الدستور الألماني الحالي، على عكس نظام الحكم النازي الذي كان يحتقر الكرامة الإنسانية. وعلى سبيل المثال فقد كان أحد المتهمين بارتكاب جرائم في الحقبة النازية قد بلغ من العمر أرذله وأوهن المرض عظامه، فأراد ذات مرة أن يتنسم نسائم الحرية، فطلب بعد قضائه سبعة عشر عاماً في السجن، أن يقضي عطلة يستريح فيها من الحبس مدتها عشرة أيام فقط.
وبعد مداولات استمرت ستة أعوام من تقديمه هذا الطلب وتحديدا في عام 1983 أقرت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا له ذلك. وقالت المحكمة في تبريرها لقرارها إنه حتى أمثال هذا المتهم، ممن شاركوا في المسؤولية عن قتل ألفين وخمسمائة من المعتقلين في معسكر أوشفيتس النازي، ينبغي أن يتمتع بحق الكرامة الإنسانية.
المحكمة الدستورية العليا صمام أمان لحماية الدستور والحقوق الأساسية
Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: المحكمة الدستورية في كارلسروه تتصدى لإي محاولة للنيل من الحقوق الأساسية للإنسان والآن وبعد ستة عقود من تطبيق الدستور الألماني يثور الجدل حول حدود الكرامة الإنسانية، وكان باعث هذا الجدل هو قيام أحد رجال الشرطة بتهديد متهم بالاختطاف بتعذيبه حتى يقر ويعترف بجريمته. والسؤال الرئيسي في هذا السجال هو: هل من الجائز التضييق من التمتع بحق الكرامة البشرية لمجرم متوحش من أجل الحفاظ على حياة الآخرين؟ إن المادة الأولى من الدستور تقدم لنا إجابة واضحة هي: "كلا" قاطعة لا تحتمل مواربة أو تأويلا.
إن هذه القاعدة الدستورية المنصوص عليها في المادة الأولى من الدستور، لم تكن تتعرض حتى وقت قريب للتشكيك، إلا من أصحاب المواقف التي كانت وتصف بالغريبة، باتت اليوم في بعض المناسبات عرضة للنقاش، لاسيما من قبل بعض الساسة ومسئولي الأمن وبعض رجال القانون في ألمانيا. وقد ثار الجدل مؤخرا حين كان هناك مساعي حكومية لإصدار تشريع يجيز إسقاط الطائرات المخطوفة على طريقة الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، بالصواريخ بجميع من فيها من الركاب الأبرياء، وذلك تحت دعوى الحفاظ على حياة البشر على الأرض.
لكن المحكمة الدستورية العليا، التي تشكل صمام أمان لحماية الدستور والحقوق الأساسية، وقفت مرة أخرى أمام هذه المساعي, وحظرت إسقاط تلك الطائرات. وكتبت بذلك فصلا جديدا من التاريخ الطويل لحماية الكرامة الإنسانية حين قالت إن مثل هذا الإجراء (إسقاط الطائرات) ينتهك حقوق الضحايا كبشر لهم حقوقا غير القابلة للتصرف، ثم إنهم بقتلهم من أجل الحفاظ على حياة الآخرين سيعتبرون ـ وفقا لما جاء في نص قرار المحكمة ـ بمثابة أشياء صماء مسلوبة الحقوق، تخول الدولة لنفسها حق التصرف في حياتهم من جانب واحد. وهكذا ينتزع حق ركاب هذه الطائرات كضحايا محتاجين للحماية، وهي قيمة ملازمة للإنسان من حيث هو كذلك.