أخصائية: الصداقة هي إحدى الحاجات الضرورية للحياة, ورفض البعض لها يعود لطبيعة النظرة الشرقية إلى المرأة
لا تزال الصداقة بين الجنسين في مجتمعاتنا تلقى حتى اليوم معارضة من قبل بعض الأسر التي ترى فيها عادات وأساليب حياة دخيلة على مجتمعنا بالرغم من الانفتاح الكبير الحاصل الذي فرضته التطورات التكنولوجية وبيئات العمل المختلطة،
في الوقت الذي رأت فيه الأخصائية الاجتماعية هذا النوع من الصداقات إحدى الحاجات الضرورية للحياة كونها تمثل حالة عطف متبادل يجمع بين طرفين مختلفين، مرجعة رفض البعض لهذه الصداقة لطبيعة النظرة الشرقية إلى المرأة.
شباب: الصداقة بين الجنسين أمر رائع.. وتحتاج إلى وعي
قالت جمانة (طالبة جامعية) لسيريانيوز إن "الصداقة بين الجنسين أمر رائع خاصة إن كانت بالمعنى السامي لها", مشيرة إلى أن "هذا النوع من الصداقات ينبغي أن يؤسس لها بشكل جيد كي لا تتطور إلى أشكال أخرى, على أن يحكمها بالدرجة الأولى الوعي والعقل المنفتح من كافة الإطراف".
وأضافت "وضعي كمتزوجة لم يمنع من تكويني للصداقات مع الجنس الأخر, فالصديق غالبا ما أجده بقربي في الأزمات".
وحول نوعية المواضيع التي تناقشها مع صديقها وان كانت تتطرق إلى الأمور المتعلقة بزواجها, أجابت جمانة "قد أسر له ببعض المواضيع إذا كنت واثقة من انه سيعطيني الرأي السديد لمواجهة المشكلة لكن في المقابل هناك بعض الأمور تتمتع بقدر من الخصوصية يجب أن يحترم من قبل الجميع".
وفيما يتعلق بالنظرة الغالبة لمجتمعنا عن الصداقة مع الجنس الأخر, رأت جمانة أن "الناس في مجتمعنا يقفون عند نقطة محددة ثابتين في مكانهم لا يتحركون إلى الأمام أو الخلف ما يجعل من تفكيرهم جامدا بالنسبة لهذا الموضوع".
بدوره, قال أيمن (طالب جامعي) إن" الصداقة بين الجنسين بحاجة إلى قدر كبير من الوعي خاصة مع وجود البعض الذي قد يسئ إلى هذه الصداقة ويستغلها لأمور أخرى".
وأضاف "أفضل الكلام مع فتاة في المواضيع المتعلقة ببنات جنسها كونها من الممكن أن تعطيني جوابا مفيدا أكثر من أي شخص آخر", مشيرا في الوقت ذاته إلى "وجود نوعية من المواضيع التي لا يمكن مناقشتها أو البوح بها إلا لصديق مقرب".
أما فداء (مهندسة زراعية) قالت "طالما أن الشخصين واعيين وصادقين مع أنفسهم فان العلاقة التي تجمعهما ستكون ناجحة ومستمرة خاصة إن التزم كل منهما بأسس الصداقة الحقيقة".
وترى فداء أن "الصداقة مع الجنس الآخر يجب أن تعتمد الصدق والاشتراك بالأفكار والآراء إلى جانب معاملة كل طرف للآخر على أساس الاحترام المتبادل فهي بالنهاية إنما تعبر عن انفتاح بين فكري يمثلهما الرجل والمرأة".
آخرون: الصداقة بين الجنسين تجاوزات سلوكية وأخلاقية
قالت سناء (طالبة جامعية) إن "اغلب هذه الصداقات تكون على أساس الاستغلال للفتاة", مضيفة أن "الصداقة أصبحت في هذه الأيام ذريعة لدى اغلب الشباب للتقرب من الفتيات".
وأشارت سناء إلى أن "الصداقة بين الجنسين غالبا ما ترتبط بالكثير من التجاوزات السلوكية والأخلاقية تكون الفتاة الخاسر الأكبر فيها", لافتة إلى انه "لم يعد هناك صداقة حقيقية وما نراه هو تشويه لكل المعاني السامية التي تتضمنها هذه الكلمة".
من جهته, يرى علاء (موظف) انه "لا يوجد ما يسمى بالصداقة بين الجنسين فهي عبارة عن علاقات وجدت لملء الفراغ العاطفي لدى كل الطرفين", عازيا سبب استحالة هذه الصداقة "للضوابط الدينية وعادات مجتمعنا الشرقية التي تمت تنشئتنا عليها".
وأضاف "هذا النوع من الصداقات فرضته بيئات العمل المختلطة التي تنادي بالانفتاح", مبررا ذلك بأنه "لم نكن نرى مثل هذه العلاقات قديما في مجتمعاتنا العربية التي كانت أكثر محافظة واقل انفتاحا على الأفكار الغربية".
أما عبد السلام قال "لا أمانع أن تكون لي صداقات مع الفتيات لكن ضمن حدود مجتمعنا وليست على الطريقة الغربية (girl friend)", لافتا إلى أن "الصداقة لديه "مشروطة ضمن حدود الزمالة لا تتعداها إلى ما هو ابعد من ذلك".
الأهل ما بين مؤيد لهذه العلاقة.. ومعارض لها بشدة
كان للأهل رأي تأرجح بين مؤيد تماشيا مع الوضع السائد ومعارض بشدة حفاظا على التقاليد, حيث قالت عنايت (أم لثلاثة فتيات) "لا استطيع أن امنع بناتي من إنشاء هذه النوع من الصداقات خاصة مع الانفتاح الكبير الذي نعيشه حاليا, لذلك أفضل أن تتم مثل هذه الأمور بعلمي وتحت إشرافي المباشر لاختيار الأنسب لبناتي".
بالمقابل قال عمر (أب لفتاة) "لا اسمح لابنتي مستقبلا بإنشاء صداقة مع الجنس الأخر", معتبرا تلك الصداقة بأنها "تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها ومع أسس ديننا التي حرمت الاختلاط".
أما حسن (مهندس إلكترون) قال "لم أعارض أبدا إقامة أولادي لمثل هذه الصداقات خاصة أنها مبنية على أسس سليمة".
وأضاف حسن "في اغلب الحالات قد يشعر ابني بالراحة للتحدث مع صديقته حول أمور لا يستطيع مصارحتي أنا أو والدته بها", مشيرا إلى أن "الصداقة التي تجمع بين ابنه وصديقته مبنية على الراحة النفسية التي يستطيع كل منهما أن يمنحها للآخر".
أخصائية: الصداقة بين الجنسين عطف متبادل وحالة حب بين شخصين
قالت الأخصائية الاجتماعية الدكتورة يسرا زريقة إن "الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده في هذا العالم, لذلك فهو بحاجة لمن يتكلم معه باستمرار ويسانده وقت الضرورة ومن هنا تنبع الحاجة إلى الصديق".
وأضافت زريقة أن "الصداقة هي إحدى الحاجات الضرورية للحياة, وهي عطف متبادل بين شخصين بحيث كل فرد يريد الخير للآخر, وهي بشكل أو بأخر حالة حب سواء بين رجلين, أو امرأتين, أو بين امرأة ورجل".
وفيما يتعلق بالأسس التي يجب توافرها لإنشاء صداقة ناجحة بين الجنسين, قالت الأخصائية الاجتماعية إن "هذا النوع من الصداقات إذا كان قائما على الوعي والتكافؤ واحترام كل فرد للآخر دون أي وجود للمصلحة, فان هذه العلاقة يمكن أن تنجح أكثر من الصداقة بين أفراد الجنس الواحد, كونها علاقة تخلو من الغيرة أو التنافس الموجودين بين أفراد الجنس الواحد ما يجعل الثقة بين الطرفين عالية بحيث يتبادلان الأسرار وفق الخطوط المسموح بها".
ولفتت زريقة إلى "دور التربية المنزلية والأسرية في زيادة وعي أفراد الأسرة بأهمية الأصدقاء وكيفية الاختيار الصحيح لهؤلاء الأصدقاء سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً".
وعن السبب الذي يدفع البعض إلى استهجان الصداقة بين الجنسين واعتباره أمرا محال الوجود, قالت الأخصائية زريقة "نحن نعيش في مجتمع شرقي لا يزال أغلب أفراده يضعون الطربوش على رؤوسهم, ويرزحون تحت فكرة أن الصداقة بين المرأة والرجل وهم كبير, حيث أن هذا النوع من الصداقة برأيهم يتطلب القوة والندية والمساواة وهذا ما تفتقد إليه المرأة الشرقية, لأننا قلما نجد امرأة تتحلى بالقوة والسيطرة على الذات والقدرة على مجاراة الآخرين".
وأضافت زريقة انه "على الرغم من أن الرجل الشرقي يرفض أن يتعامل مع المرأة كصديقة على نفس المستوى من الندية التي يتعامل فيها مع الرجل الصديق إلا أن الصداقة بينهما ممكنة عندما ينسى كل منهما جنس الآخر وهي حالات نادرة الوجود".
ولفت الأخصائية إلى أن "صورة المرأة في مجتمعنا مشوهة فهي ربة المنزل التي لا تخرج اهتماماتها عن الأزياء والإكسسوار وآخر تسريحات الشعر والموضة والأزياء, وهذا ما يدفع الرجل للاعتقاد بأنه لا يوجد شيء مشترك يجمع بين الصديقين المرأة والرجل إلا أمور العشق والحب وغيرها من الأمور السطحية, أي لا توجد صداقة حقيقية بينهما".
بشرى البودي - سيريانيوز شباب
|