عِظة من المعلم لتلميذه في القضاء و القدر ......
وقف طالب أمام مدرسه مرة,فقال:يا معلمي,تأتيني خواطر أحيانا ً,
فأحب أن أعرضها عليك:لم قدر الله تعالى الهدى و الضلال,ولم قدر السعادة لقوم
والشقاوة على آخرين ولم تكن سعادة فقط؟!ولم كانت جنة و نار ولم تكن جنة فقط؟!وما ذنب العبد إذا قدرت عليه ضلالة و شقاوة؟!
قال المعلم:إن لهذا البحث علاقة بالخالق و المخلوق.
فلنبدأ بما يتعلق بالمخلوق فذلك ألصق بنفوسنا و أقرب إلى حواسنا فنقول:للإنسان عقل يدرك الخير و الشر و هذا العقل هو مناط التكليف و العاقل مكلف فلا تكليف على صغير و لا مجنون.
وللإنسان اختيار لا ينكره ذو عقل:فهو يقوم باختياره,ويقعد باختياره,ويذهب و يجيء كذلك,ويتوجه إلى الطاعة إذا شاء باختيار و يأتي المعصية إذا شاء باختيار فليس له إذن أن يحتج بالأقدار.
وإذا أبى إلا الاحتجاج بها,و عذر نفسه بها ضربناه فآلمناه أو سلبناه عزيزا ًمما يملك مثلا ً...فيستاء.
فنقول له:إنما فعلنا ذلك بقضاء و قدر,فاعذرنا فإننا مغلوبون على أمرنا كما تقول أنا فلما تعذر نفسك في معصية الله محتجا ًبالأقدارولا تعذر غيرك؟!فلا يعذرنا فتنهار حجته.وقد نأمره بطاعة فيقول مُسَوِّفا ًحتى يهديني الله!
فنقول له:إن أمر الهداية كأمر الرزق..والله تعالى رازق كما هو هادٍ,فكما تنتظر من الله الهداية من غير أن تسعى إليها.فانتظر الرزق من غير أن تسعى إليه كذلك واقعد في بيتك و أغلق عليك بابك حتى يأتيك الرزق!
فيأبى,ويقول:لا بد من السعي في طلب الرزق فتنهار حجته مرة أخرى.
ونقول له أيضا ً:أنت تحتج بالأقدار و تقول:كل شيء بقضاء و قدر و هذا صحيح فأمسك الجمرة بيدك فإن قدّر عليك أن تحرق يدك أحرقتها:وإلا فلا.فيأبى فتنهار حجته مرة أخرى.
ونقول له:إن الإنسان مفطور على دفع المكاره عن نفسه فمن داهمته سيارة مثلا مدّ يديه من غير شعور ليدفعها عن نفسه مع ضعف اليدين و عجزهما عن دفع المكاره التي يلقاها في آخرته بما أوتي من قدرة و اختيار؟!
و الخلاصة :نخلص من هذا إلى أن السعيد(ة)يتعاطى أو تتعاطى أسباب السعادة باختيارهــ(ــا) و هذا من القدر.والشقيـ(ــة)التعيسـ(ــة)يأخذ أو تأخذ أسباب الشقاء باختيارهــ(ــا) و هذا من القدر.
وكل ميسر لما خلق له و لا عذر لمخلوق في شيء من الأقدار و لا حجة.
أخي و أختي المسلمــ(ــة):و قبل أن نترك الوصية الغالية تأملـ(ــي) معي في هذه الأحوال:
الوالد يرضى عن ولده إذا بره و أطاعه و يسخطه إذا عقّه و عصاه صاحب العمل لا يتساوى لديه العامل الأمين والخائن في عمله فالعامل الأمين مرضي عنه و مرغوب فيه و الخائن مسخوط عليه و مرغوب منه و منفور منه.
والمعلم المجتهد محبوب مقرب و الكسول العنيف مبغوض منه فكيف بالخالق البارئ جل جلاله؟!!وهو الخالق الرازق المحسن المنعم المتفضل!كيف يجعل المحسن و المسيء و المؤمن و الكافر و الطائع و العاصي سواء!!
قال عز وجل:{إنَّ للمُتَّقينَ عِندَ رَبِّهم جَنَّاتِ النَّعيم(34)أفنجعل المسلمين كالمجرمين(35)ما لكم كيفَ تحكمون(36)} (القلم)
وقال تبارك و تعالى :{وَمَا يستوي الأعمى و البصير الَّذين أمنوا و عملوا الصَّالحات و لا المُسيءُ قليلا ًمَّا تتذكَّرون(58)} (غافر)
أخي أختي المسلمــ(ــة): هذا الجزء من الحديث بين الأستاذ و تلميذه كان في الجانب المتعلق بالمخلوق في موضوع القضاء و القدر و بقي الكلام على ما يتعلق بالخالق سبحانه و تعالى.
قال الأستاذ:إن الله سبحانه و تعالى حكيم موصوف بالحكمة و الحكمة هي وضع الشيء في محله و قد قضت حكمته تبارك وتعالى أن يكون إيمانا ًوكفرا ًوهدى و ضلالا ًوسعادة و شقاوة و جنة ونارا ً.
وعقل الإنسان قاصر عن إدراك هذه الحكمة في الدنيا و سيشهد لا محالة بالعدل الإلهي و الحكم الإلهية في الآخرة أما الدنيا فمن أين لإنسان ضعيف خلق من تراب أن يدرك حكمة الملك القدير؟!!
قال الطالب:يا أستاذ أليس قد يظن ظان أن هذا الجواب ناشئ عن العجز عن الجواب؟
قال الأستاذ:ليس الأمر كذلك و سأضرب لك مثلا ً فيه للمسترشد مقنع إن شاء الله تعالى...أنت طالب في المرحلة الثانوية و تتلقى العلوم الطبيعية و الرياضية ما تتلقى..فإذا قرر لك أستاذك نظرية رياضية أو معادلة كيميائية مثلا ًوفهمتها أحسن فهم فهل يستطيع أستاذك أو تستطيع أنت أن تقررها لطفل صغير فيفهمها منك أو يفهمها من أستاذك كما فهمتها أنت؟
قال التلميذ:لا،قلت:ولم؟!قال:لأن عقله لا يتسع لمثل هذا.
قلت و هذا الطفل الذي لا يتسع عقله اليوم لإدراك هذه النظرية أوفهم هذه المعادلة أليس من المحتمل أن يكون في المستقبل القريب حين يكون في مثل سنك أحسن فهما لها منك؟
قال:بلى،من المحتل ذلك.
قلت:أوليس من المحتمل أيضا إذ هو تخصص في هذه العلوم و بلغ سن أستاذك أن يفوق الإستاذ نفسه في علومه هذه؟
قال:بلى،ويمكن ذلك أيضا.
قلت:وقد وصلت بك إلى المطلوب،فاسمع ما أقول:
إذا كانت درجة إدراك الإنسان للعلوم و معرفة الحقائق و هو في سن طفولة ثم في سن شباب ثم في سن كهولة..تتفاوت هذا التفاوت العظيم فما بالك بالتفاوت بين عقل إنسان ضعيف و حكمة إله قوي مدبر عليم خبير؟!!
قال الطالب:شكرا لك يا أستاذ لقد أزلت من قلبي شبهات كانت تزلزل إيماني ووساوس أقضت على مضجعي.
أخي و أختي المسلمــ(ــة):هكذا ترون أن القضاء و القدر أمر عظيم فالمؤمنــ(ــة) بقضاء الله و قدره من أبعد الناس عن الرذائل ومن أقرب الناس إلى الفضائل..
فنسأل ربنا أن يجعلنا من أهل الإيمان بالقضاء و القدر ...
اللهم ألهمنا الشكر على نعائمك و الصبر على بلائك و الرضا بقضائك....
آمين يا أرحم الراحمين
منقول من كتاب (50)وصية من وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم للنساء(صفحة-67-68-69-70-71-72-)
من إعداد مجدي السيد ابراهيم
وقف طالب أمام مدرسه مرة,فقال:يا معلمي,تأتيني خواطر أحيانا ً,
فأحب أن أعرضها عليك:لم قدر الله تعالى الهدى و الضلال,ولم قدر السعادة لقوم
والشقاوة على آخرين ولم تكن سعادة فقط؟!ولم كانت جنة و نار ولم تكن جنة فقط؟!وما ذنب العبد إذا قدرت عليه ضلالة و شقاوة؟!
قال المعلم:إن لهذا البحث علاقة بالخالق و المخلوق.
فلنبدأ بما يتعلق بالمخلوق فذلك ألصق بنفوسنا و أقرب إلى حواسنا فنقول:للإنسان عقل يدرك الخير و الشر و هذا العقل هو مناط التكليف و العاقل مكلف فلا تكليف على صغير و لا مجنون.
وللإنسان اختيار لا ينكره ذو عقل:فهو يقوم باختياره,ويقعد باختياره,ويذهب و يجيء كذلك,ويتوجه إلى الطاعة إذا شاء باختيار و يأتي المعصية إذا شاء باختيار فليس له إذن أن يحتج بالأقدار.
وإذا أبى إلا الاحتجاج بها,و عذر نفسه بها ضربناه فآلمناه أو سلبناه عزيزا ًمما يملك مثلا ً...فيستاء.
فنقول له:إنما فعلنا ذلك بقضاء و قدر,فاعذرنا فإننا مغلوبون على أمرنا كما تقول أنا فلما تعذر نفسك في معصية الله محتجا ًبالأقدارولا تعذر غيرك؟!فلا يعذرنا فتنهار حجته.وقد نأمره بطاعة فيقول مُسَوِّفا ًحتى يهديني الله!
فنقول له:إن أمر الهداية كأمر الرزق..والله تعالى رازق كما هو هادٍ,فكما تنتظر من الله الهداية من غير أن تسعى إليها.فانتظر الرزق من غير أن تسعى إليه كذلك واقعد في بيتك و أغلق عليك بابك حتى يأتيك الرزق!
فيأبى,ويقول:لا بد من السعي في طلب الرزق فتنهار حجته مرة أخرى.
ونقول له أيضا ً:أنت تحتج بالأقدار و تقول:كل شيء بقضاء و قدر و هذا صحيح فأمسك الجمرة بيدك فإن قدّر عليك أن تحرق يدك أحرقتها:وإلا فلا.فيأبى فتنهار حجته مرة أخرى.
ونقول له:إن الإنسان مفطور على دفع المكاره عن نفسه فمن داهمته سيارة مثلا مدّ يديه من غير شعور ليدفعها عن نفسه مع ضعف اليدين و عجزهما عن دفع المكاره التي يلقاها في آخرته بما أوتي من قدرة و اختيار؟!
و الخلاصة :نخلص من هذا إلى أن السعيد(ة)يتعاطى أو تتعاطى أسباب السعادة باختيارهــ(ــا) و هذا من القدر.والشقيـ(ــة)التعيسـ(ــة)يأخذ أو تأخذ أسباب الشقاء باختيارهــ(ــا) و هذا من القدر.
وكل ميسر لما خلق له و لا عذر لمخلوق في شيء من الأقدار و لا حجة.
أخي و أختي المسلمــ(ــة):و قبل أن نترك الوصية الغالية تأملـ(ــي) معي في هذه الأحوال:
الوالد يرضى عن ولده إذا بره و أطاعه و يسخطه إذا عقّه و عصاه صاحب العمل لا يتساوى لديه العامل الأمين والخائن في عمله فالعامل الأمين مرضي عنه و مرغوب فيه و الخائن مسخوط عليه و مرغوب منه و منفور منه.
والمعلم المجتهد محبوب مقرب و الكسول العنيف مبغوض منه فكيف بالخالق البارئ جل جلاله؟!!وهو الخالق الرازق المحسن المنعم المتفضل!كيف يجعل المحسن و المسيء و المؤمن و الكافر و الطائع و العاصي سواء!!
قال عز وجل:{إنَّ للمُتَّقينَ عِندَ رَبِّهم جَنَّاتِ النَّعيم(34)أفنجعل المسلمين كالمجرمين(35)ما لكم كيفَ تحكمون(36)} (القلم)
وقال تبارك و تعالى :{وَمَا يستوي الأعمى و البصير الَّذين أمنوا و عملوا الصَّالحات و لا المُسيءُ قليلا ًمَّا تتذكَّرون(58)} (غافر)
أخي أختي المسلمــ(ــة): هذا الجزء من الحديث بين الأستاذ و تلميذه كان في الجانب المتعلق بالمخلوق في موضوع القضاء و القدر و بقي الكلام على ما يتعلق بالخالق سبحانه و تعالى.
قال الأستاذ:إن الله سبحانه و تعالى حكيم موصوف بالحكمة و الحكمة هي وضع الشيء في محله و قد قضت حكمته تبارك وتعالى أن يكون إيمانا ًوكفرا ًوهدى و ضلالا ًوسعادة و شقاوة و جنة ونارا ً.
وعقل الإنسان قاصر عن إدراك هذه الحكمة في الدنيا و سيشهد لا محالة بالعدل الإلهي و الحكم الإلهية في الآخرة أما الدنيا فمن أين لإنسان ضعيف خلق من تراب أن يدرك حكمة الملك القدير؟!!
قال الطالب:يا أستاذ أليس قد يظن ظان أن هذا الجواب ناشئ عن العجز عن الجواب؟
قال الأستاذ:ليس الأمر كذلك و سأضرب لك مثلا ً فيه للمسترشد مقنع إن شاء الله تعالى...أنت طالب في المرحلة الثانوية و تتلقى العلوم الطبيعية و الرياضية ما تتلقى..فإذا قرر لك أستاذك نظرية رياضية أو معادلة كيميائية مثلا ًوفهمتها أحسن فهم فهل يستطيع أستاذك أو تستطيع أنت أن تقررها لطفل صغير فيفهمها منك أو يفهمها من أستاذك كما فهمتها أنت؟
قال التلميذ:لا،قلت:ولم؟!قال:لأن عقله لا يتسع لمثل هذا.
قلت و هذا الطفل الذي لا يتسع عقله اليوم لإدراك هذه النظرية أوفهم هذه المعادلة أليس من المحتمل أن يكون في المستقبل القريب حين يكون في مثل سنك أحسن فهما لها منك؟
قال:بلى،من المحتل ذلك.
قلت:أوليس من المحتمل أيضا إذ هو تخصص في هذه العلوم و بلغ سن أستاذك أن يفوق الإستاذ نفسه في علومه هذه؟
قال:بلى،ويمكن ذلك أيضا.
قلت:وقد وصلت بك إلى المطلوب،فاسمع ما أقول:
إذا كانت درجة إدراك الإنسان للعلوم و معرفة الحقائق و هو في سن طفولة ثم في سن شباب ثم في سن كهولة..تتفاوت هذا التفاوت العظيم فما بالك بالتفاوت بين عقل إنسان ضعيف و حكمة إله قوي مدبر عليم خبير؟!!
قال الطالب:شكرا لك يا أستاذ لقد أزلت من قلبي شبهات كانت تزلزل إيماني ووساوس أقضت على مضجعي.
أخي و أختي المسلمــ(ــة):هكذا ترون أن القضاء و القدر أمر عظيم فالمؤمنــ(ــة) بقضاء الله و قدره من أبعد الناس عن الرذائل ومن أقرب الناس إلى الفضائل..
فنسأل ربنا أن يجعلنا من أهل الإيمان بالقضاء و القدر ...
اللهم ألهمنا الشكر على نعائمك و الصبر على بلائك و الرضا بقضائك....
آمين يا أرحم الراحمين
منقول من كتاب (50)وصية من وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم للنساء(صفحة-67-68-69-70-71-72-)
من إعداد مجدي السيد ابراهيم