منقول من مجلة زهرة الخليج
ثمة نسبة كبيرة من النساء يستخدمن الإنترنت بشكل يوميّ، ومعظم هؤلاء يؤكدن أن الشبكة العنكبوتية تسهّل وتنظم حياتهن، وتساعدهن على إنجاز الكثير من الأعمال، إضافة إلى كونها وسيلة تثقيفيّة تضيف إلى مهاراتهن ومعلوماتهن الكثير. فما الذي يربط المرأة بالإنترنت؟ في استبيان أجرته «زهرة الخليج» حول المرأة والإنترنت وشمل 100 سيدة من جميع الأعمار، ومختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، تبين أن 83 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت، مقابل 17في المئة ممن قلن إنهن لا يستخدمنها. وأشارت نسبه 82 في المئة من مستخدمات الإنترنت، إلى أنهن يمتلكن بريداً إلكترونياً خاصاً بهن، مقابل 18في المئة ممن أكّدن أن لا بريد إلكترونياً خاصاً بهن. وكان لافتاًً في الاستبيان أن 76 في المئة من هؤلاء السيدات، لم يتعرفن إلى أي صديقات جديدات عبر الإنترنت، مقابل 24 في المئة أكدن أنهن تعرفن إلى صديقات عبر الشبكة. إلى ذلك، أكّدت 75 في المئة من السيدات، أن الإنترنت أسهمت في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن، في حين وجدت 21 في المئة منهن أن الإنترنت أسهمت في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن إلى حدّ ما، مقابل 4 في المئة من الجنس اللطيف، ممن رأين أنها لم تسهم في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن. كما نفت 73 في المئة من النساء أن يكون تعاملهن مع الإنترنت يخضع لرقابة مباشرة أو غير مباشرة من الأهل أو الزوج، في حين أكّدت 27 في المئة منهن أن تعاملهن مع الإنترنت يخضع لرقابة مباشرة أو غير مباشرة من الأهل أو الزوج.
بين البيت والعمل
ورأت نسبة 68 في المئة من النساء، أن البيت هو المكان الذي تستخدم فيه الإنترنت غالباً، في حين اختارت نسبة 20 في المئة منهنّ العمل كمكان لاستخدامهن الإنترنت، مقابل 12 في المئة ممن اخترن البيت والعمل على حدّ سواء. وعلى الصعيد نفسه، أكدّت 63 في المئة من النسوة أنهن لم يجرين عمليات شراء عبر الإنترنت، في حين تبيّن أن 37 في المئة أخريات قمن بذلك. كما أظهر الاستبيان أن 62 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت يومياًً، و22 في المئة يستخدمنه أقل من ذلك، في حين أن 16في المئة قلن إنهن يستخدمن الإنترنت 3 مرّات في الأسبوع. أيضاًً، جاء في الاستبيان أن 55 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت لأغراض ترتبط غالباً بالتسلية، مقابل 27 في المئة يستخدمن الإنترنت لأغراض ترتبط غالباً بالعمل، و18 في المئة لأغراض ترتبط غالباً بالدراسة. هذا وقد أشارت نسبة 51 في المئة من النساء إلى أنهن لسن عضوات في أحد المنتديات أو المدونات، مقابل 49 في المئة ممن أكدن أنهن عضوات في أحد المنتديات أو المدوّنات.
مشاكل
وفي قياس لمدى سلامة تلك العلاقة التي تربط المرأة بالإنترنت، كشف الاستبيان أن 13 في المئة من المتعاملات مع الشبكة العنكبوتية، سبق أن تعرضن لمشاكل من جراء الإنترنت. ولكن على ما يبدو فإن تلك المشاكل لم تترك أثراً سلبياً يذكر في نظرة المرأة إلى الإنترنت، ظهر ذلك من خلال السؤال الأخير في الاستبيان حول الوصف الذي ينطبق أكثر من غيره على الإنترنت، حيث أجاب 29 في المئة من السيدات بأنهن «لا يتصورن حياتهن من دون الإنترنت»، في حين أجمعت الأغلبية 65 في المئة على أنه «مفيد، ولا يمكنهن الاستغناء عنه لفترات طويلة»، في مقابل 6 في المئة فقط وجدن أن «ضرره أكبر من نفعه».
في الواقع
قبل شروعه في قراءة عدد من المؤشرات التي وردت في هذا الاستبيان، يكشف مستشار العلاقات الأسرية في «مركز النهضة» في دبي الدكتور عبدالله الأنصاري أن «من بين القضايا الواقعية التي تصلنا، حادثة وقعت مع امرأة قصدتنا وملخّصها، أن هذه المرأة تشاجرت مع زوجها، فخرج هو من البيت غاضباً ليعود بعد ساعة تقريباً، وكانت هي تستخدم الإنترنت، وما إن شعرت بوصوله حتى أغلقت الكمبيوتر وسارعت إلى فراشها تتظاهر بالنوم. إلاّ أن هذه الزوجة وبدلاً من إقفال الكمبيوتر، أعادت تشغيله، وهو ما اكتشفه الرجل وهو جالس في الصالة. المهمّ هو أنه أدرك أن زوجته كانت تدردش مع صديقتها في أميركا. وجنّ جنونه حين قرأ الصفات التي نعتته بها ومنها أنه حيوان، وخاتم في إصبع والدته، وغيرهما من العبارات المؤلمة. وتطوّر الأمر بينهما إلى أن تدخّل والد الزوجة، ومن ثم وصلت المشكلة إلينا». أما الحادثة الثانية، فهي عن «امرأة وقعت ضحية لأحد المجرمين عبر الإنترنت، حيث أوهمها الأخير بأنه استشاري نفسي، ومستعد لمساعدتها في حل مشكلتها مع زوجها الذي كان شبه غائب عن البيت. فعاشت الزوجة مع هذا الدجّال عبر الإنترنت، في ما يعرف بغرف الدردشة، وارتبطت به عاطفياً إلى أن بدأ يبتزها». ويضيف د. الأنصاري قائلاً: «كثيرة هي القصص الواقعيّة التي تؤكّد تعرّض المرأة لمشاكل جمّة، من خلال سوء استخدامها لمواقع محظورة أو غير محببة عبر الإنترنت». ويشير إلى أن «استخدام الإنترنت في حدّ ذاته، حتى ولو كان بهدف بحث علميّ أو العمل، بدأ ينعكس سلباً في وقت المرأة، ويظهرها منصرفة إلى الإنترنت»، لافتاً إلى أن «في ذلك نوعاً من الإهمال في حق الزوج والأولاد، وهو ما يشكل خطورة على الأسرة وعلى ترابطها وتواصلها. ذلك أن علينا ألا ننسى أن بعض الأزواج، إضافة إلى شعورهم بتضييع الزوجة وقتها على الإنترنت على حساب الاهتمام بهم، يأتيهم الشكّ في أنها ربما تنقل أسرار بيوتهم عبر هذه الوسيلة، أو أنها تدخل إلى مواقع محظورة».
إفادة موضوعية
ويرى د. الأنصاري أن «تأكيد 83 في المئة من النساء، أنهن يستخدمن الإنترنت، يعني أن هذه الوسيلة دخلت باستحكام إلى حياة المرأة، وبالتالي بات يمكننا، كأصحاب تخصص، الاستفادة من الموضوع، فإذا أردنا حلّ مشكلة بين زوجين، لنفعل ذلك عبر الإنترنت، من خلال مواقع مفيدة لإنماء الأسرة». ويضيف: «في سياق الإجابة عن السؤال الثاني من الاستبيان، نجد أن 68 في المئة من السيدات يستخدمن الإنترنت في البيت، وشخصياً لي قراءتان في هذا الموضوع: الأولى تؤيّد المرأة إذا كانت تستخدم الإنترنت بهدف التوعية والتثقيف، باعتبارها متنفساً لها في غياب الزوج عن البيت. لكني في المقابل لا أوافق أن تستخدمها في وجود زوجها وأولادها في البيت. ففي هذه الحالة هم أولى باهتمامها ورعايتها». أما النسبة التي تشير إلى أن 62 في المئة من النسوة يستخدمن الإنترنت يومياًً، فتشير إلى أن كثيرات أدمن الإنترنت وصرن لا يقدرن الاستغناء عنها». ويتابع: «من جهة ثانية، أرى أن من الطبيعي أن تستخدم ما نسبته 55 في المئة من النساء الإنترنت لأغراض ترتبط بالتسلية، بسبب الفراغ الذي يعانينه لظروف خاصة بهن، علماً بأنهن قادرات على سدّ هذا الفراغ بالانشغال بالبيت والأولاد». ويقول: «إلى ذلك يبيّن الاستبيان مناصفة تقريباً في نسب النساء اللواتي هن أعضاء في أحد المنتديات أو المدونات 49، حيث إن 49 في المئة منهن عضوات و51 في المئة لسن كذلك، ويشير هذا الأمر إلى أن دخول المرأة المنتديات أو خروجها منها، هو منظّم ويرتبط بعضويتها، سواء أكانت في المكان الصحيح أم الخاطئ». ويعتبر أن «نسبة 76 في المئة من السيدات اللواتي أكّدن أنهن لا يتعرّفن إلى صديقات عبر الإنترنت، تظهر بوضوح أن المرأة لا تتورط في صداقات غامضة أو مجهولة وهي واعية لهذا الأمر». وحول ما يتعلّق بالسؤال عما إذا كانت الإنترنت أسهمت في تطوير مهارات المرأة، والذي أجابت 75في المئة من السيدات عنه بنعم، فيعتبر د. الأنصاري أن «هذا يعني أنهن حسمن موضوع استفادتهن من هذا الاستخدام». أما في ما يتعلق بموضوع الرقابة، فقال: «إن الرقم العالي (73 في المئة)، هو دليل على وجود الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ولعله يدفع المرأة إلى احترام هذه الثقة، والالتزام بآداب الاستخدام العام للإنترنت».
إنجاز
لأن عملها يحتّم عليها استخدام الإنترنت،تشير شيرين المهدي (إدارية متزوجة منذ خمسة أعوام ولديها ولد وحيد) إلى أنه يتوجّب عليها «التعايش مع هذه الوسيلة طيلة النهار تقريباً». وتقول: «أبحث من خلال الإنترنت عن الفنادق والمطاعم ومكاتب السفريات، لأني مسؤولة عن هذه الترتيبات في عملي، مثل حجز الفنادق وتنظيم الاجتماعات ودعوات الغداء والعشاء على العمل، وهذا كلّه توفّره لي هذه الوسيلة». ولا تنتهي علاقة شيرين بالإنترنت في العمل، «بل ترافقني إلى البيت، لأني أتفقّد فيها بريدي الخاص، وأشارك زوجي هوسه في متابعة أخبار السيارات السريعة والدراجات الناريّة. كما أني غالباً ما أنسى نفسي في المواقع الخاصة بالأزياء والموضة، علماً بأني لم أحاول إلى اليوم أن أشتري شيئاً بواسطتها». وإذ تشكر شيرين من اخترع الإنترنت، تعلّق ممازحة: «لولا هذا الإنجاز العلمي الذي يفتح عينيّ على العالم الخارجي، لكنت مت ضجراً، لأني لا أملك الوقت للخروج وللنظر عن كثب عمّا يحدث حولي. لذلك أقول ومن دون تردد، أستطيع أن أعيش من دون إنترنت لكني أرفض ذلك، لأنها ضرورة عمليّة في حياتي. يكفي أنها تتيح لي أن أرى أصدقائي الذين يعيشون في الجزء الآخر من العالم، عبر الـ(facebook)».
صعوبة الاستغناء
لا تخفي فائدة سعادة (ربّة بيت متزوجة منذ 32 عاماً ولديها 4 أولاد)، سعادتها الكبيرة بالإنترنت، تصرّح: «يجب أن أتعامل مع الإنترنت ما يقرب الساعتين يومياًً، لأتابع بريدي الخاص، ولأدردش مع أولادي خارج الدولة، كما أني أحب الـ(facebook)، وأدخل كثيراً إلى المنتديات الثقافية والدينية والتاريخيّة، لأنها تقدّم إفادة كبيرة ومعلومات ثمينة». تبتسم فائدة لفكرة تمرّ بخاطرها، تقول: «أقرر أحياناًً الامتناع عن الجلوس أمام الكمبيوتر، إلاّ أن أولادي يرسلون لي رسائل، لأدردش معهم. يعني أنه من الصعب عليّ الاستغناء عن هذه الوسيلة بالتحديد». وإضافة إلى ظروفها الخاصة التي تربطها بالإنترنت، تجد فائدة أن «الإنترنت توسع أفق المرأة وتفكيرها، وتصلها بالعالم كله، وتوصل إليها المعلومة التي تريدها». وتقول: «المثال على ذلك أني وزوجي من الناس الذين يحبّون السفر والسياحة، لذلك ترانا نبحث عبر الإنترنت عن البلدان التي نريد أن نقصدها، ونحصل على كل المعلومات التي نريدها.. ما نراه أحياناً يغنينا عن الزيارة، أو يشجّعنا عليها». وإذا كانت فائدة لا تحب إنشاء صداقات من خلال الإنترنت، إلاّ أنها، وعلى حدّ قولها تعرّفت إلى أقارب «كنت أسمع عنهم ولا أعرفهم لأنهم بعيدون عنا»، وتختم: «أستخدم الإنترنت في حجز الفنادق وتذاكر السفر، كما أن لا مانع عندي في شراء بعض السلع من خلالها، وقد خصصت للأمر بطاقة ائتمان محدودة الرصيد».
تنظيم وتسهيل
بدورها، تجد آية أحمد التي تتابع دراستها الجامعية في قسم الاقتصاد، أنها هي أيضاً لا تستطيع أن تعيش من دون إنترنت، تقول: «اعتدت العيش مع هذه الوسيلة لساعات طويلة يومياً، لأنها تنظّم حياتي وتسهّل عليّ الكثير من الأمور، بدءاً من الدروس، إلى الأبحاث المطلوبة مني في الكليّة، وصولاً إلى الاستخدام الشخصي والاستمتاع بمشاهدة الأفلام، والمشاركة في ألعاب تثقيفية وممتعة مع ناس من العالم كلّه». وعلى الرغم من الارتباط الشديد بين آية والإنترنت، إلاّ أن الأولى لا تثق بالثانية، في بعض المسائل، تقول: «لا أشتري شيئاً من خلال الإنترنت، لأنه يجب عليّ استخدام بطاقتي الائتمانية، وهذا أمر يخيفني جداً. بصراحة، لا أثق بالتعامل في الأمور الماديّة عبر مواقع الإنترنت التي يلجها الملايين غيري، وأنا أعرف أنها تتعرّض لعمليات القرصنة والسرقة على مدار الساعة».
حلّ
وعلى صعيد متصل، تقول سارة عبدالله (طالبة في قسم إدارة الأعمال في السنة الأخيرة): «أعمل يومياً على الإنترنت أكثر من 4 ساعات. فالمشروعات التي تكلّفنا بها الكليّة ننجزها من خلالها، وكذلك برامج الاتصال بالمدرّسين والطلبة، وحلّ مشاكلنا العالقة في ما يخص دروسنا وواجباتنا. فكلنا متصلون ببرنامج واحد، نستخدمه بسهولة عبر النت». كما تبوح سارة بأنها تستخدم الإنترنت «للهو والتسلية من خلال تحميل الموسيقى التي أحبها، واللهو بالألعاب، إضافة إلى أنى أدخل مواقع جميلة كثيرة، تهمّ الفتاة والمرأة بشكل عام، لأنها تزيد في خبراتها ومعلوماتها». من ناحية ثانيّة، تعترف سارة بأنها تحبّ أن تعيش «من دون إنترنت»، وترد ذلك إلى «أني أعتقد بأن الحياة ستكون أفضل. وذلك لشعوري بأني تجاوزت سن المراهقة وارتباطي الشديد بها. صحيح أنها وسيلة نافعة لكثير من الأمور، لكني أستطيع أن أنجز عملي وأمضي بحياتي من دون الاتكال عليها».
وسيلة اتصال
من جهتها، تقول ميرندا شحّود (مشرفة موارد بشرية متزوجة منذ 11 عاماً ولديها ولدان)، إن عملها يستدعي أن تستخدم الإنترنت يومياً لساعتين أو أكثر، مقابل ربع ساعة فقط للاستخدام الشخصي. تعتبر ميرندا الإنترنت «وسيلة تصل الناس في بيوتهم ومراكزهم مع العالم الخارجي»، لافتة إلى «أنها مصدر للمعلومات، ولا بدّ من أن تكون مفيدة للمرأة بشكل أو بآخر. هذا اللهم إذا عرفت كيف توظّفها لإغناء معلوماتها». وتضيف: «أنا مثلاً عرفت كيف أستغل الإنترنت للبحث عن عمل وقد وفقت». وتبوح ميرندا بأنها تستخدم الإنترنت «لشراء الثياب والاكسسوارات»، وتقول: «لقد خصصت لهذا الأمر بطاقة ائتمان بمبلغ محدود، والحمدلله أني إلى اليوم لم أتعرّض لعملية نصب أو احتيال، ربما لأني أختار الخدمات المضمونة لمواقع معروفة وموثوق بها».
إزعاج
«أستخدم الإنترنت من 3 إلى 4 ساعات يومياً، ولدي بريد خاص، وأقوم بالدردشة عبرها، وبإرسال الرسائل، كما أجري بعض البحوث التي يطلبها أساتذة أولادي في الواجبات، وما إلى ذلك من أمور كثيرة». بهذه العبارات، تلخّص غالية اللولو (ربّة منزل متزوجة منذ 9 أعوام ولديها ولدان) علاقتها مع الإنترنت، وتتابع بحماس: «كنت قد فتحت صفحة على «فيس بوك»، لكنني عدت وأقفلتها بعد شهر واحد، لأنني شعرت بأن الأمر لا يمكن ضبطه إلى حدّ كبير، لا بل إنه في الغالب يخرج على المعقول، ويتجاوز حدّ الإزعاج». وتؤكّد غالية أن زوجها لا يراقب ما تنجزه عبر الإنترنت «ربما لأنني أستخدمها وهو خارج المنزل»، بحسب ما تقول. وتضيف: «صحيح أني أحب الإنترنت، لكني أستطيع العيش من دونها، فهي ليست بالأمر الضروري ولو أنها تسهّل الكثير من أمورنا اليومية». أما عن مسألة شراء بعض السلع عبر الإنترنت، فتعلّق قائلة: «من خلال مراقبتي بعض السلع، وجدت أن الأسعار مغرية على الإنترنت، لا بل أرخص بكثير من الذي نجده في السوق. لذلك أتوقّع أن أبدأ بالشراء (أون لاين) قريباً».
خوف
وبحجّة البحث عما يفيد الأولاد من معلومات، تعترف جيداء زين الدين (سيدة منزل، متزوجة منذ 9 أعوام ولديها ولدان) قائلة: «أستخدم الإنترنت ما يقارب الساعتين يومياً. ولكن ليس بهدف تضييع الوقت أو التسلية، إنما للبحث عن معلومات مطلوبة لواجبات الأولاد، أو للبحث عن عمل لي. لذلك، أنا أعتقد بأني قد أكون من الناس الذين لا يستغنون عنها». تتنفّس جيداء مرتاحة، وكأنها ألقت عن ظهرها حملاً كبيراً، أو قامت باعتراف خطير كان يكدّر راحتها، تكمل: «لا أستخدم النت في أمور تسبب لي مشكلة، فأنا لست مثل السيدات اللواتي يلجن المواقع المحظورة، ولا أسعى إلى الدردشة مع أشخاص لا أعرفهم. كما أني لا أشتري أي شيء من خلالها». ولكن هذا لا يمنع جيداء من الإفادة من النت «في دفع فواتير الكهرباء والماء والهاتف المحمية من قبل الجهات الرسمية».
مراقبة
في المقابل، ما رأي الرجل في علاقة المرأة مع الإنترنت؟ سؤال لم يكد يسمعه عبدالله الرئيسي (إداري متزوج منذ 38 عاماً) حتى بادر إلى القول: «أيام زمان لم تكن هناك إنترنت، أي لم يكن هناك من وجع رأس. اليوم حملت لنا هذه الوسيلة العديد من المشاكل، خصوصاً لمن يستسلم للدردشات الفارغة والتعارف الرخيص». يرجع عبدالله رأسه إلى الوراء ويسترسل: «بالتأكيد هناك من يحسن استخدام الإنترنت ويستفيد منها، في إنجاز عمله أو في إغناء معلوماته وثقافته. ولكن هنالك أيضاً من يسيء استخدامها». ويضيف: «المهم أن يهتمّ الأهل بهذه الوسيلة إذا كان أولادهم يستخدمونها»، ويقول محذّراً: «من جهّتي أحاول قدر المستطاع مراقبة أولادي، خصوصاً المراهقين منهم، لأن الكبار تزوجوا واستقلّوا بحياتهم وهم أدرى اليوم بمصلحتهم. أما زوجتي، فأعرف أن ما يهمّها في الإنترنت هو الأمور المرتبطة بأولادنا ودروسهم ومتطلّباتهم الثقافية». يشرد عبدالله قبل أن يتوجّه بالنصيحة قائلاً: «كلنا نعلم أن الإنترنت مفيدة للمرأة بشكل عام، ولكن عليها في المقابل أن تحترم شروط الاستخدام الصحيحة، كي لا تقع في فخّها أو في شرك الاستخدام السيئ».
للنجاح
«أول ما تفعله المرأة حين تفتح الإنترنت، هو أن ترى إذا كان زوجها (أون لاين) أم لا». بهذا التعليق يبدأ عبدالله ياسين (موظّف متزوج منذ 8 أعوام ولديه 3 أولاد) كلامه ممازحاً، إلاّ أنه سرعان ما يتكلّم بجديّة: «أنا من مشجعي المرأة على استخدام الإنترنت، فهذه الوسيلة تصبّ في خدمتها وتنويرها وتوسيع آفاقها وطموحها ومعلوماتها». ويتابع قائلاً: «علينا كمجتمع ذكوري أن نتيح هذه الفرصة لها، لأنها قادرة على توسيع قدراتها الشخصية من خلالها». ويقول: «أعرف كثيرات، تعلّمن أو أسسن أعمالهن الخاصة ونجحن عن طريق الإنترنت». وعند سؤاله عما إذا كان يراقب زوجته حين تستخدم الإنترنت، يجيب محتداً: «لقد ائتمنت زوجتي على أولادي وعلى تربيتهنّ أفضل تربية، لذلك، لن أخشى أن تستخدم الإنترنت. فأنا أثق بها وبأخلاقها الحميدة، وأعرف أنها إذا استخدمتها فستحسن ذلك، وبهدف محق لها أو لأولادنا. إضافة إلى أنها تؤمّن لها وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي، مع الأهل والأقارب والأصدقاء».
المرأة والتكنولوجيا
في تعليقها على موضوع المرأة والإنترنت، تشير المديرة التنفيذية في «مركز المعلومات للتدريب التقني» في «الاتحاد النسائي» في أبوظبي، ريم البوعينين إلى أن «العالم تديره التكنولوجيا حالياً». وتقول: «من هنا كان اهتمامنا في مساعدة المرأة على دخول هذا المعترك مسلّحة بالأدوات التي تحتاج إليها، وعلى أساسه تمّ تدشين برنامج (المرأة والتكنولوجيا) الذي نظمه (الاتحاد النسائي العام) في نوفمبر 2006 تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة «الاتحاد النسائي العام» الرئيس الأعلى لـ«مؤسسة التنمية الأسرية»، في إطار توجيهات سموها بضرورة تطوير وتمكين المرأة في مجال تقنيات المعلومات في مختلف الميادين العامة وفي مجال التكنولوجيا خاصة». وفي هذا الإطار، تقول البوعينين: «نحن نشجّع المرأة على استخدام هذه الوسيلة بشكل عام، ولقد وجدنا أن المرأة في الإمارات، سواء أكانت ربّة منزل أم عاملة، لديها اطلاع لا بأس به بالإنترنت، وذلك على حسب خلفيّتها الدراسيّة وثقافتها، وقد نجحت إلى حدّ كبير في توظيف المعلومات التي تكتسبها من الإنترنت على أرض الواقع». وتتابع: «هذه الرؤية التي طبعتها في ذهننا المرأة في الإمارات، جعلتنا نركّز أهداف البرنامج الذي انطلقنا فيه، على تمكين الإماراتية من المشاركة الفعالة في تنمية المجتمع، وزيادة مشاركتها في القوى العاملة، وبناء القدرات الأساسية للمؤسسات الشريكة لتوسيع انتشارها وقدرتها على خدمة النساء، وإنشاء قاعدة قوية من النساء ممن لديهن مهارات حيوية في تكنولوجيا المعلومات، والمهارات الشخصية التي تسمح لهن بالحصول على مهن جديدة وفرص تدريبية جديدة، وتمكين المشاركات في برنامج المرأة والتكنولوجيا من لعب دور أساسي في تشكيل مســــتقبل بلادهن». وإذ تتوقّع البوعينين «تطوّراً كبيراً فـــي علاقة المرأة مع الإنترنت في المســــتقبل»، تجد في المقــابل أن «هذه الوسيلة تتيح للمرأة أن تطوّر ذاتها وتزيد في مهاراتها الشخصيّة. وتقدّم لها بشكل أو بآخر تثقيفاً يساعدها على تربية أطفالها، وتواصلاً جديّاً مع مدارسهم مثلما بتنا نشهد مؤخراً». كما تعتقد أن الإنترنت «تهب المرأة فرصة تحصيل عمل يناسبها، إضافة إلى اعتبارها وسيلة تسويق لسلع تصب في عمل المرأة الخاص، وتؤمّن عمليات الشراء المختلفة. إلى ذلك هي تسهّل المعاملات اليوميّة الخاصة بالمصارف أو حجوزات الفنادق وتذاكر السفر وغيرها.علماً بأن الخدمات الحكومية ستكون في المستقبل القريب online، وسيكون مفــيداً للمرأة استخدام الإنترنت لتسهيل أمورها». وتختم البوعينين قائلة: «أتمنى على المرأة أن تستمرّ في تطوير نفسها وأن تســــتفيد من الإنترنت، مع الحرص على إبقاء أمورها الشخصية وأسرارها وبياناتها الخاصة طيّ الكتمان، فلا تدخلها كمعلومات على أي موقع من مواقع الإنترنت، ولا تتشارك بها حتى مع أقرب الصديقات».
جرائم الإنترنت
التشجيع الذي تحظى به المرأة في استخدام الإنترنت، يقابله حذر ملحوظ من جهة قسم المباحث الإلكترونية في شرطة دبي، الذي تأسس منذ عامين تقريباً، نزولاً عند الحاجة لحلّ المشاكل المرتبطة بجرائم الإنترنت على أنواعها. فما هي هذه المشاكل وكيف يتمّ التعامل معها؟ يقول مدير إدارة المباحث الإلكترونية في شرطة دبي الرائد سعيد الهاجري: «إن المرأة لا تعرّض نفسها لأي مشكلة إذا استخدمت الإنترنت في القراءة والتثقيف والمعلومات العامة، أو في إجراء أبحاث خاصة بالأولاد والواجبات المدرسيّة، إنما هي تعرّض نفسها لمشكلة، إذا أساءت هذا الاستخدام، من خلال دخول منتديات مجهولة، أو ملتقيات الدردشة والتعارف، إضافة إلى عرض الصور الشخصية والحميمة عبر مواقع التعارف، مثل (تويتر) و(فيس بوك)، لأنها بذلك تعرّض نفسها للتشهير والابتزاز وسوء الاستغلال». ويشير الرائد الهاجري إلى أنه «في بعض المنتديات وصل الأمر ببعض الصديقات غير الصادقات إلى القيام بالاحتيال والابتزاز وقضايا التشهير تجاه صديقاتهن. لذلك، على الفتاة أن تنتبه إلى هذا الأمر ولا تثق بأحد، أو أقلّه لا تنشر صوراً أو معلومات تخشى أن تصبح على مرأى من العامة». ويصرّح الرائد الهاجري قائلاً: «إن الفتاة التي تقع في فخ عمليات التشهير والاحتيال والابتزاز، هي التي تبلّغ عن الأمر، في الغالب عبر الهاتف، فيتمّ تحويلها إلى برنامج التواصل مع الضحيّة، ليتابع معها العنصر النسائي التفاصيل اللازمة لتحقيقنا. أما نحن، فنحقق في الشكوى إذا كانت صحيحة، وبعدها نلجأ إلى الاستدلالات وإثبات الواقع بكل الطرق القانونية». ويشير إلى أن «الأحكام تطبّق بحسب الجرائم، ونعتمد في ذلك على قانون العقوبات وجرائم تقنية المعلومات من القانون الاتحادي، ونستند إلى هذا القانون، في قضايا الاحتيال والتشهير والابتزاز واختراق الكمبيوتر واستغلال بطاقات الائتمان. والأحكام على هذه الجرائم قد تصل إلى السجن لفترة ثلاثة أعوام أو لدفع غرامة، أو للعقوبتين معاً». وفي هذا الإطار، يجد الرائد الهاجري أنه «لا بدّ من أن تحسن الفتاة استخدام الإنترنت، لكي لا تقع في فخ المجرمين». ويشدد على أن «المطلوب من الأسرة أن توجهها في ذلك، لتجعلها قادرة على إطلاعها على مشكلتها عند وقوعها، بدلاً من الخوف منهم وإخفائها».
ضحايا الإنترنت
من جهّتها، تكشف الملازم حليمة السعدي (ضابط في إدارة المبـــــاحــث الإلكترونية والمسؤولة عن برنامــــــج التــواصل مع الضحيّة) أن «التشـــهير بالصور، وإرسال الشتائم، وتسريب معلومات خاصة أو تأليف معلومات غير حقيقيّة، هي أكثر الجرائم التي تتعرض لها المرأة». وتقول: «في الغالب، تتصل بنا الضحيّة فنطلب منها الحضور لتسجيل إفادتها. وإذا تعذّر عليها الحضور بسبب ظروفها الخاصة، أذهب أنا إليها لآخذ إفادتها، ثم نبدأ تحقيقاتنا بحسب المعلومات التي تفيدنا بها، ودائما ما نتوصّل إلى حلّ مشكلتها والتعويض عليها». وتوضح الملازم السعدي، أن «ضحايا جرائم الإنترنت هن نساء من جميع الأعمار ومن مختلف الجنسيات، ولا يمكن حصر جريمة من جرائم الإنترنت بفئة عمرية واحدة، فمثلاً نجد أن جرائم التشهير تمس المراهقات والكبيرات في السن على حدّ سواء. لكن الملاحظ أن الفتيات اللواتي يقمن بعمليات الاحتيال، هنّ في معظمهن أجنبيات وغريبات عن مجتمعنا وتقاليده وقوانينه». ولا تنسى الملازم حليمة السعدي في ختام حديثها أن تتوجّه إلى المرأة بالنصيحة قائلة: «احذري أقرب المقرّبات إليك. ولا تترددي في إبلاغنا فور تعرّضك لأي مشكلة، وثقي بأننا سنتعامل مع مشكلتك بسريّة تامة. وأتمنى أن تكوني أكثر شفافيّة مع أهلك وتعلميهم بما يحدث معك فوراً، كما أنه من المهم جداً ألا تتصرفي من تلقاء نفسك وقبل استشارتنا، لأنك قد تتسببين في زيادة المشكلة تعقيداً، في حين أننا قادرون على مساعدتك واسترداد كل حقوقك».
المرأة والإنترنت علاقة سوية أم عنكبوتية؟
ثمة نسبة كبيرة من النساء يستخدمن الإنترنت بشكل يوميّ، ومعظم هؤلاء يؤكدن أن الشبكة العنكبوتية تسهّل وتنظم حياتهن، وتساعدهن على إنجاز الكثير من الأعمال، إضافة إلى كونها وسيلة تثقيفيّة تضيف إلى مهاراتهن ومعلوماتهن الكثير. فما الذي يربط المرأة بالإنترنت؟ في استبيان أجرته «زهرة الخليج» حول المرأة والإنترنت وشمل 100 سيدة من جميع الأعمار، ومختلف المستويات الاجتماعية والثقافية، تبين أن 83 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت، مقابل 17في المئة ممن قلن إنهن لا يستخدمنها. وأشارت نسبه 82 في المئة من مستخدمات الإنترنت، إلى أنهن يمتلكن بريداً إلكترونياً خاصاً بهن، مقابل 18في المئة ممن أكّدن أن لا بريد إلكترونياً خاصاً بهن. وكان لافتاًً في الاستبيان أن 76 في المئة من هؤلاء السيدات، لم يتعرفن إلى أي صديقات جديدات عبر الإنترنت، مقابل 24 في المئة أكدن أنهن تعرفن إلى صديقات عبر الشبكة. إلى ذلك، أكّدت 75 في المئة من السيدات، أن الإنترنت أسهمت في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن، في حين وجدت 21 في المئة منهن أن الإنترنت أسهمت في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن إلى حدّ ما، مقابل 4 في المئة من الجنس اللطيف، ممن رأين أنها لم تسهم في تطوير مهاراتهن ومعلوماتهن. كما نفت 73 في المئة من النساء أن يكون تعاملهن مع الإنترنت يخضع لرقابة مباشرة أو غير مباشرة من الأهل أو الزوج، في حين أكّدت 27 في المئة منهن أن تعاملهن مع الإنترنت يخضع لرقابة مباشرة أو غير مباشرة من الأهل أو الزوج.
بين البيت والعمل
ورأت نسبة 68 في المئة من النساء، أن البيت هو المكان الذي تستخدم فيه الإنترنت غالباً، في حين اختارت نسبة 20 في المئة منهنّ العمل كمكان لاستخدامهن الإنترنت، مقابل 12 في المئة ممن اخترن البيت والعمل على حدّ سواء. وعلى الصعيد نفسه، أكدّت 63 في المئة من النسوة أنهن لم يجرين عمليات شراء عبر الإنترنت، في حين تبيّن أن 37 في المئة أخريات قمن بذلك. كما أظهر الاستبيان أن 62 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت يومياًً، و22 في المئة يستخدمنه أقل من ذلك، في حين أن 16في المئة قلن إنهن يستخدمن الإنترنت 3 مرّات في الأسبوع. أيضاًً، جاء في الاستبيان أن 55 في المئة من النساء يستخدمن الإنترنت لأغراض ترتبط غالباً بالتسلية، مقابل 27 في المئة يستخدمن الإنترنت لأغراض ترتبط غالباً بالعمل، و18 في المئة لأغراض ترتبط غالباً بالدراسة. هذا وقد أشارت نسبة 51 في المئة من النساء إلى أنهن لسن عضوات في أحد المنتديات أو المدونات، مقابل 49 في المئة ممن أكدن أنهن عضوات في أحد المنتديات أو المدوّنات.
مشاكل
وفي قياس لمدى سلامة تلك العلاقة التي تربط المرأة بالإنترنت، كشف الاستبيان أن 13 في المئة من المتعاملات مع الشبكة العنكبوتية، سبق أن تعرضن لمشاكل من جراء الإنترنت. ولكن على ما يبدو فإن تلك المشاكل لم تترك أثراً سلبياً يذكر في نظرة المرأة إلى الإنترنت، ظهر ذلك من خلال السؤال الأخير في الاستبيان حول الوصف الذي ينطبق أكثر من غيره على الإنترنت، حيث أجاب 29 في المئة من السيدات بأنهن «لا يتصورن حياتهن من دون الإنترنت»، في حين أجمعت الأغلبية 65 في المئة على أنه «مفيد، ولا يمكنهن الاستغناء عنه لفترات طويلة»، في مقابل 6 في المئة فقط وجدن أن «ضرره أكبر من نفعه».
في الواقع
قبل شروعه في قراءة عدد من المؤشرات التي وردت في هذا الاستبيان، يكشف مستشار العلاقات الأسرية في «مركز النهضة» في دبي الدكتور عبدالله الأنصاري أن «من بين القضايا الواقعية التي تصلنا، حادثة وقعت مع امرأة قصدتنا وملخّصها، أن هذه المرأة تشاجرت مع زوجها، فخرج هو من البيت غاضباً ليعود بعد ساعة تقريباً، وكانت هي تستخدم الإنترنت، وما إن شعرت بوصوله حتى أغلقت الكمبيوتر وسارعت إلى فراشها تتظاهر بالنوم. إلاّ أن هذه الزوجة وبدلاً من إقفال الكمبيوتر، أعادت تشغيله، وهو ما اكتشفه الرجل وهو جالس في الصالة. المهمّ هو أنه أدرك أن زوجته كانت تدردش مع صديقتها في أميركا. وجنّ جنونه حين قرأ الصفات التي نعتته بها ومنها أنه حيوان، وخاتم في إصبع والدته، وغيرهما من العبارات المؤلمة. وتطوّر الأمر بينهما إلى أن تدخّل والد الزوجة، ومن ثم وصلت المشكلة إلينا». أما الحادثة الثانية، فهي عن «امرأة وقعت ضحية لأحد المجرمين عبر الإنترنت، حيث أوهمها الأخير بأنه استشاري نفسي، ومستعد لمساعدتها في حل مشكلتها مع زوجها الذي كان شبه غائب عن البيت. فعاشت الزوجة مع هذا الدجّال عبر الإنترنت، في ما يعرف بغرف الدردشة، وارتبطت به عاطفياً إلى أن بدأ يبتزها». ويضيف د. الأنصاري قائلاً: «كثيرة هي القصص الواقعيّة التي تؤكّد تعرّض المرأة لمشاكل جمّة، من خلال سوء استخدامها لمواقع محظورة أو غير محببة عبر الإنترنت». ويشير إلى أن «استخدام الإنترنت في حدّ ذاته، حتى ولو كان بهدف بحث علميّ أو العمل، بدأ ينعكس سلباً في وقت المرأة، ويظهرها منصرفة إلى الإنترنت»، لافتاً إلى أن «في ذلك نوعاً من الإهمال في حق الزوج والأولاد، وهو ما يشكل خطورة على الأسرة وعلى ترابطها وتواصلها. ذلك أن علينا ألا ننسى أن بعض الأزواج، إضافة إلى شعورهم بتضييع الزوجة وقتها على الإنترنت على حساب الاهتمام بهم، يأتيهم الشكّ في أنها ربما تنقل أسرار بيوتهم عبر هذه الوسيلة، أو أنها تدخل إلى مواقع محظورة».
إفادة موضوعية
ويرى د. الأنصاري أن «تأكيد 83 في المئة من النساء، أنهن يستخدمن الإنترنت، يعني أن هذه الوسيلة دخلت باستحكام إلى حياة المرأة، وبالتالي بات يمكننا، كأصحاب تخصص، الاستفادة من الموضوع، فإذا أردنا حلّ مشكلة بين زوجين، لنفعل ذلك عبر الإنترنت، من خلال مواقع مفيدة لإنماء الأسرة». ويضيف: «في سياق الإجابة عن السؤال الثاني من الاستبيان، نجد أن 68 في المئة من السيدات يستخدمن الإنترنت في البيت، وشخصياً لي قراءتان في هذا الموضوع: الأولى تؤيّد المرأة إذا كانت تستخدم الإنترنت بهدف التوعية والتثقيف، باعتبارها متنفساً لها في غياب الزوج عن البيت. لكني في المقابل لا أوافق أن تستخدمها في وجود زوجها وأولادها في البيت. ففي هذه الحالة هم أولى باهتمامها ورعايتها». أما النسبة التي تشير إلى أن 62 في المئة من النسوة يستخدمن الإنترنت يومياًً، فتشير إلى أن كثيرات أدمن الإنترنت وصرن لا يقدرن الاستغناء عنها». ويتابع: «من جهة ثانية، أرى أن من الطبيعي أن تستخدم ما نسبته 55 في المئة من النساء الإنترنت لأغراض ترتبط بالتسلية، بسبب الفراغ الذي يعانينه لظروف خاصة بهن، علماً بأنهن قادرات على سدّ هذا الفراغ بالانشغال بالبيت والأولاد». ويقول: «إلى ذلك يبيّن الاستبيان مناصفة تقريباً في نسب النساء اللواتي هن أعضاء في أحد المنتديات أو المدونات 49، حيث إن 49 في المئة منهن عضوات و51 في المئة لسن كذلك، ويشير هذا الأمر إلى أن دخول المرأة المنتديات أو خروجها منها، هو منظّم ويرتبط بعضويتها، سواء أكانت في المكان الصحيح أم الخاطئ». ويعتبر أن «نسبة 76 في المئة من السيدات اللواتي أكّدن أنهن لا يتعرّفن إلى صديقات عبر الإنترنت، تظهر بوضوح أن المرأة لا تتورط في صداقات غامضة أو مجهولة وهي واعية لهذا الأمر». وحول ما يتعلّق بالسؤال عما إذا كانت الإنترنت أسهمت في تطوير مهارات المرأة، والذي أجابت 75في المئة من السيدات عنه بنعم، فيعتبر د. الأنصاري أن «هذا يعني أنهن حسمن موضوع استفادتهن من هذا الاستخدام». أما في ما يتعلق بموضوع الرقابة، فقال: «إن الرقم العالي (73 في المئة)، هو دليل على وجود الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ولعله يدفع المرأة إلى احترام هذه الثقة، والالتزام بآداب الاستخدام العام للإنترنت».
إنجاز
لأن عملها يحتّم عليها استخدام الإنترنت،تشير شيرين المهدي (إدارية متزوجة منذ خمسة أعوام ولديها ولد وحيد) إلى أنه يتوجّب عليها «التعايش مع هذه الوسيلة طيلة النهار تقريباً». وتقول: «أبحث من خلال الإنترنت عن الفنادق والمطاعم ومكاتب السفريات، لأني مسؤولة عن هذه الترتيبات في عملي، مثل حجز الفنادق وتنظيم الاجتماعات ودعوات الغداء والعشاء على العمل، وهذا كلّه توفّره لي هذه الوسيلة». ولا تنتهي علاقة شيرين بالإنترنت في العمل، «بل ترافقني إلى البيت، لأني أتفقّد فيها بريدي الخاص، وأشارك زوجي هوسه في متابعة أخبار السيارات السريعة والدراجات الناريّة. كما أني غالباً ما أنسى نفسي في المواقع الخاصة بالأزياء والموضة، علماً بأني لم أحاول إلى اليوم أن أشتري شيئاً بواسطتها». وإذ تشكر شيرين من اخترع الإنترنت، تعلّق ممازحة: «لولا هذا الإنجاز العلمي الذي يفتح عينيّ على العالم الخارجي، لكنت مت ضجراً، لأني لا أملك الوقت للخروج وللنظر عن كثب عمّا يحدث حولي. لذلك أقول ومن دون تردد، أستطيع أن أعيش من دون إنترنت لكني أرفض ذلك، لأنها ضرورة عمليّة في حياتي. يكفي أنها تتيح لي أن أرى أصدقائي الذين يعيشون في الجزء الآخر من العالم، عبر الـ(facebook)».
صعوبة الاستغناء
لا تخفي فائدة سعادة (ربّة بيت متزوجة منذ 32 عاماً ولديها 4 أولاد)، سعادتها الكبيرة بالإنترنت، تصرّح: «يجب أن أتعامل مع الإنترنت ما يقرب الساعتين يومياًً، لأتابع بريدي الخاص، ولأدردش مع أولادي خارج الدولة، كما أني أحب الـ(facebook)، وأدخل كثيراً إلى المنتديات الثقافية والدينية والتاريخيّة، لأنها تقدّم إفادة كبيرة ومعلومات ثمينة». تبتسم فائدة لفكرة تمرّ بخاطرها، تقول: «أقرر أحياناًً الامتناع عن الجلوس أمام الكمبيوتر، إلاّ أن أولادي يرسلون لي رسائل، لأدردش معهم. يعني أنه من الصعب عليّ الاستغناء عن هذه الوسيلة بالتحديد». وإضافة إلى ظروفها الخاصة التي تربطها بالإنترنت، تجد فائدة أن «الإنترنت توسع أفق المرأة وتفكيرها، وتصلها بالعالم كله، وتوصل إليها المعلومة التي تريدها». وتقول: «المثال على ذلك أني وزوجي من الناس الذين يحبّون السفر والسياحة، لذلك ترانا نبحث عبر الإنترنت عن البلدان التي نريد أن نقصدها، ونحصل على كل المعلومات التي نريدها.. ما نراه أحياناً يغنينا عن الزيارة، أو يشجّعنا عليها». وإذا كانت فائدة لا تحب إنشاء صداقات من خلال الإنترنت، إلاّ أنها، وعلى حدّ قولها تعرّفت إلى أقارب «كنت أسمع عنهم ولا أعرفهم لأنهم بعيدون عنا»، وتختم: «أستخدم الإنترنت في حجز الفنادق وتذاكر السفر، كما أن لا مانع عندي في شراء بعض السلع من خلالها، وقد خصصت للأمر بطاقة ائتمان محدودة الرصيد».
تنظيم وتسهيل
بدورها، تجد آية أحمد التي تتابع دراستها الجامعية في قسم الاقتصاد، أنها هي أيضاً لا تستطيع أن تعيش من دون إنترنت، تقول: «اعتدت العيش مع هذه الوسيلة لساعات طويلة يومياً، لأنها تنظّم حياتي وتسهّل عليّ الكثير من الأمور، بدءاً من الدروس، إلى الأبحاث المطلوبة مني في الكليّة، وصولاً إلى الاستخدام الشخصي والاستمتاع بمشاهدة الأفلام، والمشاركة في ألعاب تثقيفية وممتعة مع ناس من العالم كلّه». وعلى الرغم من الارتباط الشديد بين آية والإنترنت، إلاّ أن الأولى لا تثق بالثانية، في بعض المسائل، تقول: «لا أشتري شيئاً من خلال الإنترنت، لأنه يجب عليّ استخدام بطاقتي الائتمانية، وهذا أمر يخيفني جداً. بصراحة، لا أثق بالتعامل في الأمور الماديّة عبر مواقع الإنترنت التي يلجها الملايين غيري، وأنا أعرف أنها تتعرّض لعمليات القرصنة والسرقة على مدار الساعة».
حلّ
وعلى صعيد متصل، تقول سارة عبدالله (طالبة في قسم إدارة الأعمال في السنة الأخيرة): «أعمل يومياً على الإنترنت أكثر من 4 ساعات. فالمشروعات التي تكلّفنا بها الكليّة ننجزها من خلالها، وكذلك برامج الاتصال بالمدرّسين والطلبة، وحلّ مشاكلنا العالقة في ما يخص دروسنا وواجباتنا. فكلنا متصلون ببرنامج واحد، نستخدمه بسهولة عبر النت». كما تبوح سارة بأنها تستخدم الإنترنت «للهو والتسلية من خلال تحميل الموسيقى التي أحبها، واللهو بالألعاب، إضافة إلى أنى أدخل مواقع جميلة كثيرة، تهمّ الفتاة والمرأة بشكل عام، لأنها تزيد في خبراتها ومعلوماتها». من ناحية ثانيّة، تعترف سارة بأنها تحبّ أن تعيش «من دون إنترنت»، وترد ذلك إلى «أني أعتقد بأن الحياة ستكون أفضل. وذلك لشعوري بأني تجاوزت سن المراهقة وارتباطي الشديد بها. صحيح أنها وسيلة نافعة لكثير من الأمور، لكني أستطيع أن أنجز عملي وأمضي بحياتي من دون الاتكال عليها».
وسيلة اتصال
من جهتها، تقول ميرندا شحّود (مشرفة موارد بشرية متزوجة منذ 11 عاماً ولديها ولدان)، إن عملها يستدعي أن تستخدم الإنترنت يومياً لساعتين أو أكثر، مقابل ربع ساعة فقط للاستخدام الشخصي. تعتبر ميرندا الإنترنت «وسيلة تصل الناس في بيوتهم ومراكزهم مع العالم الخارجي»، لافتة إلى «أنها مصدر للمعلومات، ولا بدّ من أن تكون مفيدة للمرأة بشكل أو بآخر. هذا اللهم إذا عرفت كيف توظّفها لإغناء معلوماتها». وتضيف: «أنا مثلاً عرفت كيف أستغل الإنترنت للبحث عن عمل وقد وفقت». وتبوح ميرندا بأنها تستخدم الإنترنت «لشراء الثياب والاكسسوارات»، وتقول: «لقد خصصت لهذا الأمر بطاقة ائتمان بمبلغ محدود، والحمدلله أني إلى اليوم لم أتعرّض لعملية نصب أو احتيال، ربما لأني أختار الخدمات المضمونة لمواقع معروفة وموثوق بها».
إزعاج
«أستخدم الإنترنت من 3 إلى 4 ساعات يومياً، ولدي بريد خاص، وأقوم بالدردشة عبرها، وبإرسال الرسائل، كما أجري بعض البحوث التي يطلبها أساتذة أولادي في الواجبات، وما إلى ذلك من أمور كثيرة». بهذه العبارات، تلخّص غالية اللولو (ربّة منزل متزوجة منذ 9 أعوام ولديها ولدان) علاقتها مع الإنترنت، وتتابع بحماس: «كنت قد فتحت صفحة على «فيس بوك»، لكنني عدت وأقفلتها بعد شهر واحد، لأنني شعرت بأن الأمر لا يمكن ضبطه إلى حدّ كبير، لا بل إنه في الغالب يخرج على المعقول، ويتجاوز حدّ الإزعاج». وتؤكّد غالية أن زوجها لا يراقب ما تنجزه عبر الإنترنت «ربما لأنني أستخدمها وهو خارج المنزل»، بحسب ما تقول. وتضيف: «صحيح أني أحب الإنترنت، لكني أستطيع العيش من دونها، فهي ليست بالأمر الضروري ولو أنها تسهّل الكثير من أمورنا اليومية». أما عن مسألة شراء بعض السلع عبر الإنترنت، فتعلّق قائلة: «من خلال مراقبتي بعض السلع، وجدت أن الأسعار مغرية على الإنترنت، لا بل أرخص بكثير من الذي نجده في السوق. لذلك أتوقّع أن أبدأ بالشراء (أون لاين) قريباً».
خوف
وبحجّة البحث عما يفيد الأولاد من معلومات، تعترف جيداء زين الدين (سيدة منزل، متزوجة منذ 9 أعوام ولديها ولدان) قائلة: «أستخدم الإنترنت ما يقارب الساعتين يومياً. ولكن ليس بهدف تضييع الوقت أو التسلية، إنما للبحث عن معلومات مطلوبة لواجبات الأولاد، أو للبحث عن عمل لي. لذلك، أنا أعتقد بأني قد أكون من الناس الذين لا يستغنون عنها». تتنفّس جيداء مرتاحة، وكأنها ألقت عن ظهرها حملاً كبيراً، أو قامت باعتراف خطير كان يكدّر راحتها، تكمل: «لا أستخدم النت في أمور تسبب لي مشكلة، فأنا لست مثل السيدات اللواتي يلجن المواقع المحظورة، ولا أسعى إلى الدردشة مع أشخاص لا أعرفهم. كما أني لا أشتري أي شيء من خلالها». ولكن هذا لا يمنع جيداء من الإفادة من النت «في دفع فواتير الكهرباء والماء والهاتف المحمية من قبل الجهات الرسمية».
مراقبة
في المقابل، ما رأي الرجل في علاقة المرأة مع الإنترنت؟ سؤال لم يكد يسمعه عبدالله الرئيسي (إداري متزوج منذ 38 عاماً) حتى بادر إلى القول: «أيام زمان لم تكن هناك إنترنت، أي لم يكن هناك من وجع رأس. اليوم حملت لنا هذه الوسيلة العديد من المشاكل، خصوصاً لمن يستسلم للدردشات الفارغة والتعارف الرخيص». يرجع عبدالله رأسه إلى الوراء ويسترسل: «بالتأكيد هناك من يحسن استخدام الإنترنت ويستفيد منها، في إنجاز عمله أو في إغناء معلوماته وثقافته. ولكن هنالك أيضاً من يسيء استخدامها». ويضيف: «المهم أن يهتمّ الأهل بهذه الوسيلة إذا كان أولادهم يستخدمونها»، ويقول محذّراً: «من جهّتي أحاول قدر المستطاع مراقبة أولادي، خصوصاً المراهقين منهم، لأن الكبار تزوجوا واستقلّوا بحياتهم وهم أدرى اليوم بمصلحتهم. أما زوجتي، فأعرف أن ما يهمّها في الإنترنت هو الأمور المرتبطة بأولادنا ودروسهم ومتطلّباتهم الثقافية». يشرد عبدالله قبل أن يتوجّه بالنصيحة قائلاً: «كلنا نعلم أن الإنترنت مفيدة للمرأة بشكل عام، ولكن عليها في المقابل أن تحترم شروط الاستخدام الصحيحة، كي لا تقع في فخّها أو في شرك الاستخدام السيئ».
للنجاح
«أول ما تفعله المرأة حين تفتح الإنترنت، هو أن ترى إذا كان زوجها (أون لاين) أم لا». بهذا التعليق يبدأ عبدالله ياسين (موظّف متزوج منذ 8 أعوام ولديه 3 أولاد) كلامه ممازحاً، إلاّ أنه سرعان ما يتكلّم بجديّة: «أنا من مشجعي المرأة على استخدام الإنترنت، فهذه الوسيلة تصبّ في خدمتها وتنويرها وتوسيع آفاقها وطموحها ومعلوماتها». ويتابع قائلاً: «علينا كمجتمع ذكوري أن نتيح هذه الفرصة لها، لأنها قادرة على توسيع قدراتها الشخصية من خلالها». ويقول: «أعرف كثيرات، تعلّمن أو أسسن أعمالهن الخاصة ونجحن عن طريق الإنترنت». وعند سؤاله عما إذا كان يراقب زوجته حين تستخدم الإنترنت، يجيب محتداً: «لقد ائتمنت زوجتي على أولادي وعلى تربيتهنّ أفضل تربية، لذلك، لن أخشى أن تستخدم الإنترنت. فأنا أثق بها وبأخلاقها الحميدة، وأعرف أنها إذا استخدمتها فستحسن ذلك، وبهدف محق لها أو لأولادنا. إضافة إلى أنها تؤمّن لها وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي، مع الأهل والأقارب والأصدقاء».
المرأة والتكنولوجيا
في تعليقها على موضوع المرأة والإنترنت، تشير المديرة التنفيذية في «مركز المعلومات للتدريب التقني» في «الاتحاد النسائي» في أبوظبي، ريم البوعينين إلى أن «العالم تديره التكنولوجيا حالياً». وتقول: «من هنا كان اهتمامنا في مساعدة المرأة على دخول هذا المعترك مسلّحة بالأدوات التي تحتاج إليها، وعلى أساسه تمّ تدشين برنامج (المرأة والتكنولوجيا) الذي نظمه (الاتحاد النسائي العام) في نوفمبر 2006 تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة «الاتحاد النسائي العام» الرئيس الأعلى لـ«مؤسسة التنمية الأسرية»، في إطار توجيهات سموها بضرورة تطوير وتمكين المرأة في مجال تقنيات المعلومات في مختلف الميادين العامة وفي مجال التكنولوجيا خاصة». وفي هذا الإطار، تقول البوعينين: «نحن نشجّع المرأة على استخدام هذه الوسيلة بشكل عام، ولقد وجدنا أن المرأة في الإمارات، سواء أكانت ربّة منزل أم عاملة، لديها اطلاع لا بأس به بالإنترنت، وذلك على حسب خلفيّتها الدراسيّة وثقافتها، وقد نجحت إلى حدّ كبير في توظيف المعلومات التي تكتسبها من الإنترنت على أرض الواقع». وتتابع: «هذه الرؤية التي طبعتها في ذهننا المرأة في الإمارات، جعلتنا نركّز أهداف البرنامج الذي انطلقنا فيه، على تمكين الإماراتية من المشاركة الفعالة في تنمية المجتمع، وزيادة مشاركتها في القوى العاملة، وبناء القدرات الأساسية للمؤسسات الشريكة لتوسيع انتشارها وقدرتها على خدمة النساء، وإنشاء قاعدة قوية من النساء ممن لديهن مهارات حيوية في تكنولوجيا المعلومات، والمهارات الشخصية التي تسمح لهن بالحصول على مهن جديدة وفرص تدريبية جديدة، وتمكين المشاركات في برنامج المرأة والتكنولوجيا من لعب دور أساسي في تشكيل مســــتقبل بلادهن». وإذ تتوقّع البوعينين «تطوّراً كبيراً فـــي علاقة المرأة مع الإنترنت في المســــتقبل»، تجد في المقــابل أن «هذه الوسيلة تتيح للمرأة أن تطوّر ذاتها وتزيد في مهاراتها الشخصيّة. وتقدّم لها بشكل أو بآخر تثقيفاً يساعدها على تربية أطفالها، وتواصلاً جديّاً مع مدارسهم مثلما بتنا نشهد مؤخراً». كما تعتقد أن الإنترنت «تهب المرأة فرصة تحصيل عمل يناسبها، إضافة إلى اعتبارها وسيلة تسويق لسلع تصب في عمل المرأة الخاص، وتؤمّن عمليات الشراء المختلفة. إلى ذلك هي تسهّل المعاملات اليوميّة الخاصة بالمصارف أو حجوزات الفنادق وتذاكر السفر وغيرها.علماً بأن الخدمات الحكومية ستكون في المستقبل القريب online، وسيكون مفــيداً للمرأة استخدام الإنترنت لتسهيل أمورها». وتختم البوعينين قائلة: «أتمنى على المرأة أن تستمرّ في تطوير نفسها وأن تســــتفيد من الإنترنت، مع الحرص على إبقاء أمورها الشخصية وأسرارها وبياناتها الخاصة طيّ الكتمان، فلا تدخلها كمعلومات على أي موقع من مواقع الإنترنت، ولا تتشارك بها حتى مع أقرب الصديقات».
جرائم الإنترنت
التشجيع الذي تحظى به المرأة في استخدام الإنترنت، يقابله حذر ملحوظ من جهة قسم المباحث الإلكترونية في شرطة دبي، الذي تأسس منذ عامين تقريباً، نزولاً عند الحاجة لحلّ المشاكل المرتبطة بجرائم الإنترنت على أنواعها. فما هي هذه المشاكل وكيف يتمّ التعامل معها؟ يقول مدير إدارة المباحث الإلكترونية في شرطة دبي الرائد سعيد الهاجري: «إن المرأة لا تعرّض نفسها لأي مشكلة إذا استخدمت الإنترنت في القراءة والتثقيف والمعلومات العامة، أو في إجراء أبحاث خاصة بالأولاد والواجبات المدرسيّة، إنما هي تعرّض نفسها لمشكلة، إذا أساءت هذا الاستخدام، من خلال دخول منتديات مجهولة، أو ملتقيات الدردشة والتعارف، إضافة إلى عرض الصور الشخصية والحميمة عبر مواقع التعارف، مثل (تويتر) و(فيس بوك)، لأنها بذلك تعرّض نفسها للتشهير والابتزاز وسوء الاستغلال». ويشير الرائد الهاجري إلى أنه «في بعض المنتديات وصل الأمر ببعض الصديقات غير الصادقات إلى القيام بالاحتيال والابتزاز وقضايا التشهير تجاه صديقاتهن. لذلك، على الفتاة أن تنتبه إلى هذا الأمر ولا تثق بأحد، أو أقلّه لا تنشر صوراً أو معلومات تخشى أن تصبح على مرأى من العامة». ويصرّح الرائد الهاجري قائلاً: «إن الفتاة التي تقع في فخ عمليات التشهير والاحتيال والابتزاز، هي التي تبلّغ عن الأمر، في الغالب عبر الهاتف، فيتمّ تحويلها إلى برنامج التواصل مع الضحيّة، ليتابع معها العنصر النسائي التفاصيل اللازمة لتحقيقنا. أما نحن، فنحقق في الشكوى إذا كانت صحيحة، وبعدها نلجأ إلى الاستدلالات وإثبات الواقع بكل الطرق القانونية». ويشير إلى أن «الأحكام تطبّق بحسب الجرائم، ونعتمد في ذلك على قانون العقوبات وجرائم تقنية المعلومات من القانون الاتحادي، ونستند إلى هذا القانون، في قضايا الاحتيال والتشهير والابتزاز واختراق الكمبيوتر واستغلال بطاقات الائتمان. والأحكام على هذه الجرائم قد تصل إلى السجن لفترة ثلاثة أعوام أو لدفع غرامة، أو للعقوبتين معاً». وفي هذا الإطار، يجد الرائد الهاجري أنه «لا بدّ من أن تحسن الفتاة استخدام الإنترنت، لكي لا تقع في فخ المجرمين». ويشدد على أن «المطلوب من الأسرة أن توجهها في ذلك، لتجعلها قادرة على إطلاعها على مشكلتها عند وقوعها، بدلاً من الخوف منهم وإخفائها».
ضحايا الإنترنت
من جهّتها، تكشف الملازم حليمة السعدي (ضابط في إدارة المبـــــاحــث الإلكترونية والمسؤولة عن برنامــــــج التــواصل مع الضحيّة) أن «التشـــهير بالصور، وإرسال الشتائم، وتسريب معلومات خاصة أو تأليف معلومات غير حقيقيّة، هي أكثر الجرائم التي تتعرض لها المرأة». وتقول: «في الغالب، تتصل بنا الضحيّة فنطلب منها الحضور لتسجيل إفادتها. وإذا تعذّر عليها الحضور بسبب ظروفها الخاصة، أذهب أنا إليها لآخذ إفادتها، ثم نبدأ تحقيقاتنا بحسب المعلومات التي تفيدنا بها، ودائما ما نتوصّل إلى حلّ مشكلتها والتعويض عليها». وتوضح الملازم السعدي، أن «ضحايا جرائم الإنترنت هن نساء من جميع الأعمار ومن مختلف الجنسيات، ولا يمكن حصر جريمة من جرائم الإنترنت بفئة عمرية واحدة، فمثلاً نجد أن جرائم التشهير تمس المراهقات والكبيرات في السن على حدّ سواء. لكن الملاحظ أن الفتيات اللواتي يقمن بعمليات الاحتيال، هنّ في معظمهن أجنبيات وغريبات عن مجتمعنا وتقاليده وقوانينه». ولا تنسى الملازم حليمة السعدي في ختام حديثها أن تتوجّه إلى المرأة بالنصيحة قائلة: «احذري أقرب المقرّبات إليك. ولا تترددي في إبلاغنا فور تعرّضك لأي مشكلة، وثقي بأننا سنتعامل مع مشكلتك بسريّة تامة. وأتمنى أن تكوني أكثر شفافيّة مع أهلك وتعلميهم بما يحدث معك فوراً، كما أنه من المهم جداً ألا تتصرفي من تلقاء نفسك وقبل استشارتنا، لأنك قد تتسببين في زيادة المشكلة تعقيداً، في حين أننا قادرون على مساعدتك واسترداد كل حقوقك».