منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

أهلاً بكم في منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

بتسجيلكم والدخول الى حساباتكم تصبحون قادرين على المشاركة وارسال المساهمات وتبادل المعلومات والرسائل الخاصة مع باقي الأعضاء ضمن حدود الإحترام..

نرجو منكم الالتزام بالأخلاقيات العامة واحترام الآخرين وارسال المساهمات ذات القيمة المضافة وذكر مصدر أي معلومة جديدة تضيفونها الى المنتدى في مشاركاتكم تحت طائلة العقوبة..

شكراً لإهتمامكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

أهلاً بكم في منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

بتسجيلكم والدخول الى حساباتكم تصبحون قادرين على المشاركة وارسال المساهمات وتبادل المعلومات والرسائل الخاصة مع باقي الأعضاء ضمن حدود الإحترام..

نرجو منكم الالتزام بالأخلاقيات العامة واحترام الآخرين وارسال المساهمات ذات القيمة المضافة وذكر مصدر أي معلومة جديدة تضيفونها الى المنتدى في مشاركاتكم تحت طائلة العقوبة..

شكراً لإهتمامكم

منتدى موقع بانياس والساحل الرئيسي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    إكسير الحياة

    Anonymous
    زائر
    زائر


    إكسير الحياة Empty إكسير الحياة

    مُساهمة من طرف زائر 14/6/2010, 11:36

    إكسير الحياة


    كان التاريخ جالسا في إحدى زوايا الغرفة. تموج فوقه سحابة كثيفة من الدخان. لم تكن هذه السحابة غبار آثار الحوادث التي مرت عليه . ولم تكن غبار أحزانه التي ملأت فضاءات العائلة ولونتها بلون الليل . ولكنها كانت الأدخنة الثلجية التي تخرج من سيجارته الهرمة التي رافقته مذ كان في السادسة عشر من عمره والذي امتد بعدها لسبعين عاما .

    كعادته دائما كان ممددا على سريره في زاوية غرفته ذات الخزانة البنية الداكنة التي أحضرها معه من طرطوس يوم زفافه والى جانبها إيوان خشبي عتيق مغطى بغطاء أبيض ذو ورود هندسية الشكل . وعلى يمين الباب ترقد كتلة ثقيلة مجللة بغطاء أبيض مزركش يخفي تحته فرش النوم التي أصبحت مخصصة للضيوف بعد أن كانت مخصصة للأولاد العشرة الذين شغلوا جوانب البيت الريفي النموذجي .

    ذلك البيت ذي الغرف الثلاث المصفوفة وكأنها تقف محيية الزوار تمتد أمامها الفسحة السجينة بسور من الحجارة الموضوعة بشكل عشوائي والمتوج بأنواع الأزهار المنزلية ذات الألوان البيضاء والحمراء والصفراء والتي تتخللها نباتات الريحان والنعناع ذات الرائحة الفواحة .

    والتي كانت تشارك شجرتي التين والتوت العملاقتين أحاديث السمر الصيفية . تلك الشجرتين السنتين بلاضافة الى شجيرات العنب والمشمش ملاءوا فناء البيت وشكلوا عائلة نباتية رائعة حمت أهل البيت من غضب الشمس وعيون الجيران.

    ( أحضر الكتاب ) قال آمرا ....

    وبدون تعقيب أو انزعاج من قطعه لتأملاتي بالصور التي يزدان بها الجدار المنتصب خلف سريره . تلك الصور التي تضم أغلب أفراد العائلة والتي تزين صدر الجدار كالأوسمة . فقد كان تعليق صورة ما على الجدار الهرم يعني إضافة شخص معين الى قائمة المميزين عنده . لقد خص عدد محددا من أفراد العائلة بهذه الأوسمة والتي كانت تعبر بصمت رهيب عن محبته العارمة لأصحاب الصور . لقد احتلت صور أبي أكبر مساحة فقد كانت مرسومة بألوان زيتية فاتحة بينما شغلت ثلاث صور بين صغيرة ومتوسطة على حائط الأوسمة هذا. لقد كانت هذه طريقته في التعبير عن مكانتي ومحبته لي إذ كنت الأوفر حظا بين الجميع الذي كان يخصني بحكاياته وقصصه الرائعة . أحضرت الكتاب بهدوء من الخزانة وهو كتاب أخضر اللون وعنوانه مكتوب بخط كوفي ذهبي ( رياض الصالحين )

    فتحت الفهرس وبدأت أقرأ له المحتويات فاختار بابي الصلاة وآداب الطعام. لقد كانت حياته مرتبطة بشدة الى الصلاة وقراءة القرآن وكتاب الأحاديث هذا ......

    لم يكن مهتما أبدا بالمأكل والمشرب . فقد كان يحب تناول الزيتون و الصعتر وأطعمة الطبيعة البائسة ولم يكن يأكل كثيرا . لقد استغربت بصمت حول طلبه أن أقرأ عن آداب الطعام. غير أني بدأت أقرأ بهدوء محاولا تفسير ما أقرأه من الأحاديث النبوية بما يتوفر لدي من معرفة . أخرج علبة التبغ خاصته ولف سيجارته ببطء جليل وأخذ ينفث روحها البيضاء بكثافة شديدة وعيناه محدقتان الى رأسها المتوهج. ظننت أنه



    سرح بعينيه الصغيرتين المختبئتين وراء نظارته البراقة ربما ليتذكر شيئا من ماضيه ولكنه كان يستمع بصمت الى القراءة فقد هز رأسه بوقار

    وقال لي ( لقد قرأت هذا الحديث البارحة ) فسألته هل أكمل فصمت بدون تعقيب ففهمت أن هذا كاف اليوم .

    أغلقت الكتاب وبدأت أمعن النظر في هذا الرجل ذي الوجه المتغضن المتوج بكوفية بيضاء ناصعة. لقد شعرت بأني نيزك عابر في فضائه وكم كنت أتمنى أن أكون كوكبا سيارا في مجموعته الخالية من أي كواكب . إنه كالشمس الوحيدة لا يدور في فلكه إلا كويكبات متناثرة لا تكاد ترى ونيازك تزعج هدوءه المهيب . نظر الى ساعته ذات اللون الفضي واستدار يسارا , أدار المذياع وأخذ يستمع الى نشرة الأخبار من إذاعة لندن. كنت أستمع معه دون حراك عندما قال لي بعد انتهاء النشرة .

    عندما كنا صبية كنا نذهب من الصباح الباكر الى الحقول الواقعة أسفل جبال القرية والمعروفة ب وطى المرقب* نساعد في حصاد القمح والشعير. كنا نعمل كل النهار وعند المساء كنا مأكل خبز اللوبياء ..............

    وهل اللوبياء تطحن وتخبز ؟ ..............

    قلت مقاطعا نفسي دون أن أتجرأ على سؤاله لأني أحببت ألا أقاطع كلامه

    أكمل قائلا : إنه مذاق مقرف ولكننا كنا لا نملك غيره

    لقد عاش حياة قاسية ولكنه اليوم يملك العديد من القطع المزروعة بالزيتون واللوز ومنزلين وقد أصبح جدا وعاد الى حياة الهدوء فقد تزوج كل أبنائه وغادروا القرية الى المدينة التي لاتبعد أكثر من خمس كيلومترات أسفل جبل القرية . كانوا يزوروه كل يوم جمعة فقد كان هذا اليوم هو يوم اجتماع العائلة في منبتها الأول . العشرة أضحوا ثلاثين لقد كان هذا هو انجازه العظيم .

    تلك الليلة كان سروره كبيرا فقد تزوجت أولى حفيداته وابنه يكاد يكون جدا وحتى هو نفسه يكاد يرى الجيل الثالث من ذريته . شعرت بأنه كان منتشيا برفقتي له وبإبداعاته المدونة بدقة على صفحات عقله .

    قام من على سريره واتجه نحو الخزانة التي كنت أسميها بيت الأسرار .أخرج منها صرة وأعطاني إياها ......

    فتحتها وإذا بها مليئة بالعملات النادرة المتنوعة

    أظهرت له مدى سروري بهذا الكنز لقد كان يعلم ممارستي لهواية جمع العملات

    أرقدني في سريره تلك الليلة..............

    ذلك العرين الذي لم يسمح لأحد بالدنو منه... بينما رقد هو على الإيوان الخشبي

    وبعدها بخمس سنوات انطفئ جسده النحيل تاركا لي منظارا ذو عدستين كان يحتفظ به لأكثر من خمسين عاما .... وقبعة صلاته البيضاء ..... وكتاب الأحاديث ( رياض الصالحين....



    انهمرت دموعي بحرارة وأنا أراه مسجى

    وانهمرت أكثر عندما نزل أبي ليلحده في مثواه الأخير

    لقد كان مغطى بكفنه الأبيض وأبي يقف في اللحد وان مسمرٌ على سطح الأرض

    كنت أنظر في عيون أبنائه وأحفاده وهم يستمعون بصمت الى همهمات أصدقائه القدامى يرددون عبارات الوداع الأخير................ ( رحمة الله عليك يا أبا علي )

    أحمل اليوم أشياءه الخاصة وأسمعه ينادني من بعيـــــــد هاتفاً :

    ...أرى فيك امتداداً لروحي .....

    لقد حملت منظاره وقبعة صلاته وكتاب الأحاديث

    نعم أنا من أحمل اسمه .... أحمل اليوم .... رموز حياته ....

    ولكن لماذا اختارني لهذه الأشياء الثلاثة ؟

    ولماذا أرقدني في عرينه ذلك اليوم ؟

    ولماذا اختار لي ثلاث صور على جداره ؟

    فيما بعد ... رمي عرشه مع القمامة

    ودنس الجدار بصور غريبة

    وتحولت غرفته الى ما يشبه استديو مقاهي الليل

    ولكن شجرة الزيتون العتيقة التي زرعها بيديه طفلاً لازالت راسخة في وجدان القرية

    فأبناءه لازالوا يملؤن ذلك البيت كل جمعة

    بــــــــــــــــــــذكر ذلك التــــــــــــــــــــــتاريخ......

    بانياس 2002
    Anonymous
    زائر
    زائر


    إكسير الحياة Empty رد: إكسير الحياة

    مُساهمة من طرف زائر 18/7/2010, 13:34

    لازالت ذكراك تدق في روحي كالناقوس
    أشعر بك تحيا في أنفاسي
    وتنظر بعيني
    لقد رسمت ملامح حياتي وخطت طريقي
    شكرا لك
    ورحمة الله عليك
    Anonymous
    زائر
    زائر


    إكسير الحياة Empty رد: إكسير الحياة

    مُساهمة من طرف زائر 19/7/2010, 00:07

    الله يرحم جدّك
    قد لا تصدّقني إذا قلت لك أنّني عرفته
    وأذكر جيّداً يوم وفاته عليه رحمة الله
    كان معلماً مهمّاً من معالم القرية
    شكراً لك
    عبد الرحمن الجندي
    عبد الرحمن الجندي
    رئيس "هيئة الإشراف" .. نائب "الإدارة العامة"
    رئيس


    ذكر عدد الرسائل : 2205
    العمر : 45
    الموقع : www.baniascc.net
    العمل/الترفيه : مدير أعمال
    المزاج : متفائل دائماً
    تاريخ التسجيل : 06/10/2007

    إكسير الحياة Empty رد: إكسير الحياة

    مُساهمة من طرف عبد الرحمن الجندي 19/7/2010, 00:47

    حركت كلماتك كل جميل في داخلي واعمق مكنوناتي وأحاسيسي أيها العراب بأسلوبك الجميل جداً وطرحك المتزن وتصويرك المبدع للكثير من تلك الصور

    إنه "اكسير الحياة"

    فليس بعد المهد إلا اللحد .. وقد عرف جدك ذلك وفهمه جيداً بتجربته الطويلة وأراد منك أن تكون قريباً منه وتأخذ شيئاً من تجاربه
    بوركت شجرة الزيتون وبوركت اليدين اللتين زرعتاها
    بوركت روحه النقية الطاهرة
    بوركت روحك
    ..
    .
    دمتم مبدعين
    Anonymous
    زائر
    زائر


    إكسير الحياة Empty رد: إكسير الحياة

    مُساهمة من طرف زائر 11/8/2010, 09:20

    يسعدني جدا مروركما

    السيدة ام العيال

    والسيد الأخ العزيز عبد الرحمن

    الحقيقة ما نحن إلا عصارة تجارب من سبقنا

    فالإنسان هو مزيج من ثقافات وعادات وتقاليد الآباء والأمهات .............. وعندما يمتزج هذا الخليط ويستقر في شخصية الإنسان

    يضاف اليه تجاربه الخاصة وطرق تفكيره الذاتية ... وهذا ما يشكل الإنسان

    تربية الآباء.. وتجربته الشخصية .. التي بدوره ينقلها الى اولاده

    شكرا لكم

    ومرحبا بكم

      الوقت/التاريخ الآن هو 8/9/2024, 04:18