الخامسة صباحاً..لوّح لي صديقي للمرة الأخيرة قبل أن يغيب في زحام الداخلين الى قاعة المغادرين..ذاهباً الى لندن..أنا الآن وحدي..أغادر المطار الى دمشق التي مازالت تتمطى بعد رقاد..أتخيل رائحة فنجانٍ ساخن من القهوة..أين؟في أي المقاهي يا دمشق سنلتقي..هل نلتقي في \الهافانا\ولكنها يا صديقتي مكتظة على الدوام بالعراقيين..في المرة الأخيرة التي كنت فيها هناك..كنت أنا وعاملي المقهى وحدنا سوريون..أحب حين أكون في دمشق أن أسمع لهجة الدمشقيين..ليس هذا مطلباً كبيراً..الى أين نفرّ إذاً..نذهب الى\صباح ومسا\ملجأ الليبراليين..والأجيال الجديدة المثقفة..نحشر نفسينا في أغنية فيروزيّة..أو صورة زياد الرحباني المعلقة على الجدار أو صورة مارسيل خليفة..ألى أين نفرّ..الى النوفرة..نتسكّع كسائحين غريبين..ثم ندخل الى متجر اللوحات الذي على الناصية..ونتفرّج ..نتفرّج فقط..الى أين نذهب يا دمشق يا صديقتي الراقية جداً ..والمثقفة جداً..والجميلة جداً والتي لطالما تأبطت ذراعي ونحن نسير في الزواريب العتيقة..وحدثتني ..حدثتني طويلاً عن الحمام..والياسمين .والهوى..هانحن كما اعتدنا نمر بكشك الجرائد ونبتاع جريدةً أو اثنتين ثم نعبر المفارق والساحات المرصوفة بالزمن العتيق..ليجمعنا أخيراً مقهاً برجوازي في الشعلان..نحتسي فيه قهوتنا \اللازهيدة الثمن\ قبل أن نغادر في انتظار صباح آخر يجمعنا
..