من طرف 
في حيه الذي يقع في الطرف الآخر من المدينة، لم ترضى الشهرة أن تترك المدرس والملحن "ناصر ديوب"، بعد أن أصبحت تلازمه في مقر تعليمه كظله، فما الذي يميزه عن غيره؟ سؤال عرفنا الجزء الأهم من إجابته فور التعرف على اسمه، باختصار يمكن القول أنه يمارس ويعلّم الفن من أجل الفن، وعند لقائه أدركنا أنّ الفن أيضاً كغيره من أطياف الثقافة والأدب، رسالة خص بها المجتمع النخبة التي برهنت أنها جديرة بنقلها وحملها.
1- أيهما الأهم في نقل تراث الشعوب، الآلة الموسيقية أم الغناء؟
«إنّ لكل منهما خصوصية في إيصال الإحساس إلى الناس، وكلاهما؛ (الآلة الموسيقية والغناء) لهما الدور الكبير في نقل تراث الشعوب، وخاصة في العصر الحديث، لأنّ التدوين الموسيقي لغة تنقل التراث من جيل إلى جيل، ومن شعب إلى شعب، وعلى العكس من العصور الماضية التي لم يصلنا منها سوى المنحوتات».
2- العود من الآلات الموسيقية التي أسست لبداية الموسيقى الشرقية، فما خصوصية هذه الآلة؟.
«إنّ آلة العود قديمة العهد، فهي من اختراع أحد أولاد سيدنا "نوح" عليه السلام، واسمه "لامك"، وانتقلت آلة "العود" وتطورت قي الاسم والشكل بين أبناء شعوب الشرق، فكان ومازال الملحن والمغني يحتضن آلة العود دائماً، لخفة الوزن والتكيف بالطبقة الصوتية عن طريق شد الأوتار بمفاتيح تساعد على اختيار حدة النغم، الأمر الذي جعل الملحن يكتب ألحانه بعد صياغتها لحناً على أوتار العود».
3- سمعنا أنكم قدمتم عروضاً تقتصر على العزف على بعض الآلات الموسيقية، هل تحدثنا عن هذه التجربة؟.
«نعم قدمت عروضاً لمجموعة من الألحان والمؤلفات الموسيقية العربية لملحنين عرب متميزين، أمثال "عبد الوهاب، فريد الأطرش، رياض السنباطي" وغيرهم، وكانت العروض فيها العزف الجماعي على آلات متنوعة، والعزف الإفرادي لبعض المواهب الجيدة، وكان قصدي إبراز دور الموسيقى بدون الغناء، في تربية الذوق الموسيقي الذي طغى عليه الغناء حالياً».
4- ألا تستحق هذه المواهب مزيداً من الاهتمام من قبل "مديرية الثقافة"، بتخصيص أمسيات فنية بشكل دوري في المراكز الثقافية؟.
«نعم، تستحق هذه المواهب كل الرعاية والاهتمام، وخاصة بعد أن توصلت إلى إقناع أسر هذه المواهب بضرورة الموسيقى؛ لصقلها وإيجاد شخصية قوية لهم، وكم كانت فرحتي كبيرة لفرح الناس الحاضرين، لشدة إعجابهم بما سمعوه وشاهدوه، الأمر الذي يستدعي من وزارة الثقافة التأكيد على مدراء المراكز الثقافية الاهتمام كثيراً بهذه المواهب، حتى تصل إلى أفضل مستوى لها، لذا أقترح برنامجاً شهرياً لتخصيص أمسيات دورية، تسهم في تربية الذوق الموسيقي عند الناس، لأنّ ذلك التواصل يجب أن يكون دائماً».
5- هل تقوم منظمة الشبيبة بدورها في تبني المواهب الشابة، والمتابعين للتدريب على العزف؟
«إنّ رعاية المواهب ومتابعتها من قبل منظمة الشبيبة حالياً ضعيف ولا يكفي».
6- ما هو دور مدرسة "الفنون التطبيقية" بالنسبة للمهتمين بتعلم العزف؟
«إنّ دور مدرسة الأنشطة التطبيقية في رعاية الفنون عامة والموسيقى خاصة كبير، وذلك لاحتضانهم في الصفوف الأولى؛ الرابع والخامس والسادس، في سنين هي في غاية الدقة من حيث الإحساس، وتربية الذوق والشخصية، فننتج منهم الكثير في الغناء والعزف، ولكن كي نصل إلى الهدف الأرقى يجب التعاون والمتابعة من بقية الجهات الرسمية».
7- قد يعتبر البعض تعليم الموسيقى مشروعاً تجارياً، فهل تحدثنا عن الأسلوب السليم، الذي يضمن لهذا الفن حقه؟.
«إنّ الأسلوب السليم الذي يضمن للفن حقه: أن يعتبر المدرس أنّ هذه المواهب أمانة وقدوة للآخرين، فلا يعتبرهم مصدراً للدخل بقدر ما يعتبرهم أناساً في غاية الأهمية، لنشر الذوق الفني الذي سيصل بالآخرين إلى الرقي في الذوق والحضارة عموماً، فيعطيهم بإخلاص ويحضرهم لهذه الرسالة».
8- كيف يؤثر تحول موضوع الموسيقى الشعبية إلى تجارة، على المستوى الفني للأغنية الشعبية؟
«الموسيقى والغناء الشعبيين وما يحملاه من أهمية من حيث الكلمة خاصة ثم اللحن والأداء بصوت جميل، لهما غاية المسؤولية، لأنّ ذلك سيؤثر بشكل سريع وكبير، في نهضة الذوق الشعبي، أو انحطاطه، فإذا تبنت الموسيقى الشعبية جهات الذوق الراقي والفن عند الناس، فستكون النتيجة إيجابية، وإذا تبنت هذا الفن جهات هدفها تجاري فسيؤدي إلى انحطاط الذوق الفني ويسهم سلباً في تدني المجتمع ذوقياً».
9- الرائج حالياً هو عبارة "الموسيقى الشرقية"، فهل طغت على مفهوم "الموسيقى العربية"؟
«يذكرني هذا السؤال باللغة العربية، وكيف أصبح الطالب ضعيفاً فيها وقوياً باللغة الإنكليزية مثلاً، الأمر الذي تنبهت له الجهات العليا، فأصدرت مرسوماً يهتم باللغة العربية، لأنها لغة القرآن، وبالمقارنة مع ما ذكرت سابقاً، فأنّ معنى الموسيقى الشرقية يشمل البلدان التي تجاورنا، مثل "اليونان، تركيا، إيران" وغيرها، لكن الذي يهمنا هو الموسيقى العربية، والتي لها خصوصية في بنيتها التي تحمل ثقافة العرب وأمجادهم، وهذا ما نجده في كثير من المؤلفات الموسيقية بالمقطوعات الموسيقية، والتي لوعزفتها فرق موسيقية كبيرة وقوية، لترسخت في الأذهان والذوق الفني عند الناس أكثر من الغناء، لأنّ عامة الناس يفهمون الموسيقى هي الغناء، والدليل إذا سألتهم من تعرف من الموسيقيين، يعدون لك أسماء مطربين، وذلك بسبب تقصير وسائل الإعلام والمسارح والمراكز الثقافية، وغيرها من المؤسسات التي لو أعادت نشر تلك المؤلفات لـ"محمد قصبجي، رياض السنباطي، فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب"، لتأثرت بها هذه المواهب في هذا العصر، وتابعت بناء تلك الأمجاد الموسيقية الحضارية».
ما تود أن تضيفه؟
«ما أود أن أضيفه هو سؤال أسأله للجهات الإعلامية والثقافية: إلى متى سنظل تحت ظل تلك المؤسسات التي غايتها تخريب الذوق، وأين الموقف الرسمي منها؟؟!»
