أبيض أسود 8 ((الجنة والنار))

كنت اتصفح عبر صفحات زوربا.... وا ستوقفني مقطع اثار فضولي و افكاري... و مثير للجدل... فكل منا له فكرته الخاصة عن الحياة ما بعد الموت عن الطريق الذي ينتظره... ما لفت نظري بتعابير زوربا... قربها للصورة التي قد تسمعها من أحدهم هذه الأيام.... وها اليكم زوربا:

"انني اتمثل الله شبيهاً بي, انما اكبر, و اقوى, و اكثر هموماً.وقبل كل شئ, خالد. انه يجلس مرتاحاً فوق جلود خراف لدنة, وكوخه هو السماء. انه ليس مصنوعاً من صفائح الوقود مثل كوخنا, من الغيوم. و بيده اليمنى لا يمسك سيفاً او ميزاناً - فهذه الآلات انما هي للجزارين و العطارين - بل يمسك باسفنجة مليئة بالماء, و كأنها غيمة من المطر. و عن يمينه, الفردوس, وعن يساره, الجحيم. وعندما تأتي روح من الارواح, مرتجفة, عارية تماماً, المسكينة لأنها اضاعت جسدها, فينظر اليها الله وهو يخفي ضحكته, لكنه يتظاهر بالغضب, و يقول لها بصوت جهوري:"تعالي هنا, ايتها اللعينة!".
ويبدأ الاستجواب. وتلقي الروح بنفسها على قدمي الله. وتصرخ به:" الرحمة! سامحني!". و تبدأ بتعداد خطاياها. وتعد ولا تنتهي و يتملك الضجر الله. ويتثاءب. ويصرخ بها: "اسكتي,فقد صدعت رأسي!". وبلمحة بصر, يمسح بالاسفنجة كل خطاياها. ويقول لها: "هيا عني, اغربي الى الفردوس! بطرس, ادخل ايضاً هذه الفتاة المسكينة!". لأن الله, ايها الرئيس, يجب ان تعلم ذلك, سيد كبير, والنبل هو ان تغفر"

قرأتُ القصة فما كان من الإبتسام بدّ.
ثم أوحى موضوعك إلي شيئا يتصل به.
و في طرحك هذا فكرة نبيلة استوقفتني و حكمت عليك " بعد اذنك" من خلالها

انا اعتقد ان الجنة هي العيش مع الله والجهنم هي البعد عن الله.

إن لك قلبا رقيقا يسأل على الدوام.. من أنا؟ من هؤلاء. هذه الجملة يا "سامر" إن كنت فعلا مؤمن بها فلا تبعد كثيرا عن الوصول إلى الحقيقة.
لكنك لا تفتأ تتخبط لكثرة تساؤلاتك و بحثك عنها.

اسمعني يا سامر: تابع بحثك و لكن!. أزل كل الضغوطات التي تراكمت من امتعاضك من الواقع الذي نعيشه, و أمط عنك الهموم و الأثقال.

قصة زوربا هذه و ان كنتُ أجهل من هو زوربا فليس موضع بحثنا الآن, أقرؤها بطريقة أفهم من خلالها نفسية منشئ الأسطورة...إنه يشعر بالضعف, و الفقر, و العجز الذي منه تنشأ "النكات" و الإسقاطات الساخرة. .. لكنه لم يقطع الأمل مع تسليمه بكثرة خطاياه فلم ينكرها.. لكنه تجاوز حق الله و العباد بمعاقبة الظالم, و تناسى حق الله و العباد بنصرة المظلوم. فإذا كان الله غافرا لجميع عباده كافرهم و مؤمنهم, محسنهم و مسيئهم فلا جدوى من يوم القيامة على ما أعتقد.

في شرعنا الحنيف, كلنا سنرد النار,أو يكتوي أو يلفح بلهيبها. لكن في النهاية بقاء المسيء منا في جهنم يطول أو يقصر بحسب خطاياه, لأن الله سيقتصّ للمظلوم من الظالم..و يحاسب المسيء جزاء إساءته و يكافئ المحسن لإحسانه. و بعد أن يغسلَ ثوب الظالم و يدفع ما عليه من الحقوق و يغسل من الذنوب... ساعتها يفرج عنه.. و إن غمسة في نعيم الجنة تنسيه لهيب جهنم طوال آلاف السنين أو ملايين السنين التي ربما قضاها في العقاب. , و من منا لا يخطيء! (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ))[مريم:71]؛

هناك مبدأ في المسيحية لا يعجبني: و هو أن الغفران بيد رجل مثلكم, قد يكون مخطئا مثل غيره, ثم يغفر لمن زنا, أو قتل نفسيا بغير حق, أو سرق أموال اليتامى أو ظالم للناس و لنفسه. و بجرّة قلم.. غفِرَ له ما تقدّم من ذنبه..و التي نراها متجلّية بقصة زوربا هذه لما غفر الله لتلك الروح الظالمة.. فقط لأن الله ضجر من كثرة خطاياها, و في هذا وحده إجحاف للمولى و تقليل من شأنه.. و نفس الأمر نرى أن الأسطورة جعلت لله وكيلا و هو "بطرس" يدخل الناس النعيم..أفنجعل الله معاقبا لخلقه و نترك الرحمة للخلق؟ أمرهم عجيب.
و الله أرحم من العالمين و لا يكل أمور الناس للناس,.. لأن الرسل مجرد رسل, من البشر. يحملون رسالة اصطفاهم الله لحملها, فإذا قضى الرسل رسالاتهم أدوا أماناتهم رحمة بالرسل. لأن مهمة الحكم بين الناس و حسابهم و القيام بشؤونهم مهمة لا يقدر عليها سوى خالقهم.. و رحمة بالناس لما ترك لهم تلك الرسالة السمحة التي تأخذ بيد المحسن زيادة باحسانه, و تضرب على يد الظالمين زجرا لهم و لصدهم عن متابعة ظلمهم...

و اقبل مني ملاحظة أخرى عن التوراة التي اقتبست من الأساطير فجعلتها شيئا مقدسا, إن الذين أدخلوا الأسطورة إلى التوراة إنما أرادوا شيئا واحدا فقط..ليس إلا.. تحقيق المكسب المادي.. فالمكسب المادي لا يأتي إلا عبر تقنين دور رجال و إطلاق أيديهم بذاك الكسب.
و عند ايراد اسم بطرس بجانب اسم الله فهذا دليل على أن بطرس له حقوق, أما الحقوق ففسرها رجال الدين كما تتفق مع أهوائهم..
و أنت تحوم حول هذا المعنى في جميع مواضيعك و تشتكي منه و ناقم عليه..

أشكرك على سعة صدرك و اعذرني إن أطلت عندك أو خرجت عن الموضوع. "أتمنى ألا أكون فعلت.

اختصرت ردي الطويل حتى لا نبدو كالمتحاورين في الاتجاه المعاكس لدى الجزيرة.. و لا حاجة لأشير إلى مواطن الإتفاق الكثيرة , و أرجو ألا تكون جناية بحقك إن فهمتمك..

أعيد إليك الإقتباس اللطيف و الجملة الرقيقة و أرجو أن تجيب على سؤالي بشكل مختصر و معبّر, حتى لا نكرّس صورة المتحاورين النمطية.

انا اعتقد ان الجنة هي العيش مع الله والجهنم هي البعد عن الله.

كيف تكون قريبا من الله و كيف تبتعد عنه؟.

أنيس زوزو كتب:

البدوي كتب:



في شرعنا الحنيف, كلنا سنرد النار,أو يكتوي أو يلفح بلهيبها. (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ))[مريم:71]؛

.

تحية طيبة لكم

على الرغم من معلوماتي البسيطة إلا أنني يمكنُ لي أن أقول لكَ أخ " البدوي" أن معلومتكَ مغلوطةٌ بعض الشيء
إذ أنني أعتقد أن معنى الأية الكريمة التي تفضّلت بها أننا جميعا سنمرُّ على الصراط الموجود فوق النار
ولكن ليس من الضروري أن يقع أيٌّ منا بالنار
ومعلومٌ لجميع المسلمين أن هذا المرور قد يكون بلمح البصر كما أخبر الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام

وهذا بحسب علمي معنى الآية الكريمة

لا أجد تعارضا بين ما قلتُ و تفسير الآية.. قلتُ, إلا أن يدخلها أو يكتوي بها أو يلفح بلهيبها !.. أما إن كنت تؤمن بأن المسيء من المسلمين و الظالمين لن يدخلوا النار لأنهم مسلمون!.. فأرجو أن تراجع معلوماتك ..
أما القول بأنه الصراط المستقيم فإنه أحد التفاسير و ليس جميعها.. و الله أعلم
على العموم ليس المكان مكان هذه النقطة.

الحق الواجب النظام القوة كتب:
وأنا لي قناعة أن من يريد أن يتكلم مع الله ليس بحاجة إلى واسطة

شمس الاصيل كتب: .
وأقصد من هذا الكلام المحاور الذي يختبأ بين كلماته ليس محاورا وانما يدعي الحاور ليبث أفكاره السامة
ولكن كلنا نعي لهذه الافكار السخيفة التي لا يتقبلها عقل او منطق

الزميلة..تحية وبعد..لضرورة منطقية الجدل..أتمنى أن توضحي\بالتحديد\ الأفكار السامة التي أشرتِ إلى محاولة بثها
والنقطة الثانية..هي أنه وباعتقادي على من يدخل في مسألة حوارية أن يحترم كلا الطرفين المتحاورين وهذا من أدبيات الحوار الجاد
النقطة الثالثة..مادام الحوار مفتوحاً فلتبق الردود في صلب الحوار ولنترك آرائنا الشخصية في الآخرين جانباً ..\

معذرة منك يا سامر,
لا يجب عليك أن تفرضَ نمطا معينا تستسيغه وحدك فقط.

فلا ينبغي أن ترفض الاستشهاد بالمراجع و أنت من يقتبسها أولا.

و لا ينبغي أن تكره الأسئلة و هي التي تؤسّسُ أرضا لأي حوارا.
على العموم. شكرا لك. لن تلقاني في مواضيعك نهائيا.