بركانٌ شعري انبثقَ من قريةٍ مجاورةٍ لمدينتنا بانياس... تتبع القرية لمدينة جبلة، تدعى قصّابين، البركان لم تنسحب آثاره على منطقتنا وحسب، بل امتدَّ ليشملَ العالم... وليغيّر جغرافيا الشعر المعاصر، معيداً لقصيدة النثر(الشعر البعيد عن العروض والتفعيلة) ألقها ومكانها المرموق، وليأخذنا في فضاءاتٍ مدهشةٍ من التلوين الشعري البعيد عن المتوارث والمتكلَّف...
للحقيقة... فإن وقوعَ اختياري على أدونيس كفاتحة لموقعنا الأدبي شعريّاً له ما يبرره...
فالرجل ولدَ على مقربةٍ منّا، في قريةٍ ساحلية رغم أنه يصرّ على هويّته العربية اللغوية البعيدة عن الحدود الضيقة أياً كان نوعها!!
ولأنّ أدونيس أحدث فتحاً شعريّاً مهمّاً وشرخاً في المشهد الشعري الجامد عربياً_على الأقل_...
ولأنَّ أدونيس _أخيراً_ لم يكن سوى فتىً فقيراً في بداياته اعتمدَ على يديه العاريتين الممسكة يمناهما بالقلم!! ليبني مجداً شعرياً فذّاً...
فتعالوا إلى نبذةٍ مختصرة عن أديبنا الجميل، أرجو أن تغنوها قراءنا الكرام بدررٍ مخبوءةٍ لديكم قد أكون بعيداً عنها وهي في أيديكم...
*ولدَ علي أحمد سعيد إسبر في قرية قصّابين_قضاء جبلة عام 1930م
*التقى برئيس الجمهورية آنذاك شكري القوتلي وكان في زيارةٍ إلى اللاذقية، حيث تلا عليه_وكانَ يافعاً_ قصيدةً في مدحه نالت إعجاب الرئيس القوتلي وأمرَ بتخصيص نفقات حكومية حتى يكمل الفتى دراسته...
*لا ننسى أن نشير إلى أنه رغم الفقر المدقع الذي عاش فيه أدونيس، فإنَ والده لم يألُ جهداً في إرسال الفتى إلى الكتّاب وتلقينه وهو صغير آياتٍ من القرآنِ الكريم. كانَ لها أثرٌ كبير في التأسيس لنبوغه الشعري...
*التحق بالدراسةِ الجامعيّةِ في دمشق في قسمِ الفلسفة...
*ثم يمّمَ وجهه صوب بيروت، عاصمة الأدب وقتها، لتأخذ حياته منحىً مختلفاً كليّاً سنة 1956م...
*تميّزت الفترة البيروتيّة في حياة شاعرنا بغناها بالأحداث التي بلورت شخصية شاعرنا الشاب الشعريّة... فقد آثرَ التخلي عن اسمه التراثي!! الذي يعبق بروائح الأسلاف، وليتخذ اسماً يعبق بالسلف الشعري القديم للمنطقة... أدونيس: طائر الفينيق في الميثولوجيا الفينيقيّة، الذي يحترق كلّ عام ويبعث من الرمادِ حيّاً من جديد.
*كما تميّزت بتأسيسه للمجلة الأشهر على الإطلاق (شعر) مع الشاعر الجميل(يوسف الخال) التي كان لها دور عظيم في إبراز وجوهٍ شعريةٍ مغمورة وقتها، وأصبحت الآن قامات سامقة في الأدب العربي المعاصر ولنذكر مثلاً اكتشافه للقامةِ الكبيرة (محمد الماغوط) وسوف نقف عنده لاحقاً ضمنَ قسمنا هذا...
*أسس أيضاً مجلة (مواقف) ضمنَ مشروعه لجمع نخبة النخبة الشعرية العربية...
*غادرَ إلى باريس عام 1985م بسبب ظروف الحرب الأهليّة... ومازالَ شاعرنا يجول في الحواضر الأوروبيّة حتى يومنا هذا ويزور المنطقة العربية ليشارك في لجان تحكيم، أو لتسلم جوائز أدبية رفيعة...........(انظر الأخبار الأدبية)
*مرشحٌ دائم لجائزة نوبل للآداب رغم رأيه المثير فيها... "إذا فزت بجائزة نوبل، سقطتُ كشاعر".......من مقابلة مع الشاعر الكبير في برنامج زاهي وهبي على قناةِ المستقبل اللبنانيّة(خليك في البيت)
من مؤلفاته الكثيرة........
كتابه الهام (الثابت والمتحول) وهو كتاب نقدي لم يؤسس فقط للنقد بقدر ما أسس لقراءةٍ جديدة لتراثنا الأدبي العربي...
مجموعة دواوين: (قصائد أولى) (أوراق في الريح) (أغاني مهيار الدمشقي) (وقتٌ بين الرماد والورد) (هذا هو اسمي) (أول الجسد... آخر البحر) وغيرها...
هذا هو شاعرنا الفذ... ولقد تعمدت إغفال بعض التفاصيل الصغيرة عنه على أملٍ أن تبحثوا في الأوراق وبطون الكتب وترسلوا ما تجود به جهودكم النبيلة عن سيرة شاعرنا إلى البريد الإلكتروني
writer@baniascc.net
وإليكم بعض قصائده، راجياً إعمال الفكر والصبر، فأدونيس صعب القراءةِ أحياناً!!
من ديوانه/أوّل الجسد...آخر البحر/:
موسيقىII
(9)
لا أحبّ الرسائل،كلا
لا أريد لحبي هذا الأرق
لا أريد له أن يُجرجرَ في كلمات.
لا أحبّ الرسائلَ، كلا
لا أريد لأعضائنا أن تسافر في مركبٍ من ورق...
....
....
....
(12)
آهٍ، كلا
لا أريد لعينيَّ أن تسبحا في فضاءٍ
غير عينيه كلا
لا أريدُ لحبي وأشيائه وضوحاً
لا أريد انتماءً ولا نسباً أو هويّة
لا أريد سوى أن نكون لغاتٍ
للجموح، وأعضاؤنا أبجدية...
....
....
....
(19)
لا أحبكَ إلا لأني كرهتكَ يوماً
أيها الواحد المتعدّد في جسمه
آهٍ ما أعمقَ الحب-كرهاً
آهٍ ما أعمقَ الكرهَ-حبّاً
من قصيدة (أبجديّة):
صاد: باسمها، يضطرب ويحارُ في عملِ الطبيعة، مع أنه يحاول أن يرى نفسه فيها. يعرف أن الطبيعة مرآةٌ أجملَ ما فيها أنها لا تصقل، ويحاول أن يتآخى مع الجبال، باسمها، غير أن هذه ليست إلا مقاعد تجلس عليها النجوم.
....
....
....
خاء:خطيئةٌ
كل خيالٍ لا يكون فيكِ
اسماً آخر للحقيقة
"خبزُ الواقعِ خيط التوهم"
يقول مجهول جسدينا.
من مجموعته /تنبّأ أيها الأعمى/
(اثنا عش قنديلاً لغرناطة)
8
وشوشتني زاوية
دخلتَ أيها الشاعر مثلثي،
وهيهاتَ أن تخرج،
لي ضروعٌ وليس لي آنية
كن مثلي
سافر، لكن في جسدك
لكي تحسنَ الإحاطة بالكون
12
أصغِ، أيها الشاعر إلى غرناطة
أنت لم تعشق مساءَ ما مضى
إلا لأنك مأخوذٌ بصباحِ ما يأتي
المساء يهيئ الفجر
جذراً يفتح لك الأفق
وعمقاً يغذيك بالعلو
ولك مثل الشمس، ومثل غرناطة
خدّان:
خدٌّ على الشرق
وخدٌّ على الغرب
(تقويم للفلك2001)
.........
يرفض عصوراً لا تفعل إلا أن تنتظر أنبياءها
وتواريخ تنقل كالسلاسل
بريئاً من ماضٍ اسفنجٍ يمتصّ الحاضر
سابحاً في شمسٍ خضراء تسبح في الحبر
.........
متى سيصغي إلى تمزّقه!؟
لستِ جديرةً بمنيِّ البحر
أنتِ يا شواطئ العودة
.......
وأنتَ، أيها الصياد
رجاءً لا تذبح هذه اليمامة
لعلّها تكون المرأة التي أحببتها
أو أحبّها ،للمرّةِ الأولى، صديقك الشاعر
(قصابين_الكتاب)
1
بين قصّابين والكتاب، عشتُ وأعيش
كثيراً ما أصغي إليهما، فيما وراء رماد المعنى، الذي
يغطي جمرة الحاضر، يقولان لي:
كلا لن تعاش الحياة
إلا في بيت الحرية
ولا تكتب
إلا بضراوة اللغة.
للحقيقة... فإن وقوعَ اختياري على أدونيس كفاتحة لموقعنا الأدبي شعريّاً له ما يبرره...
فالرجل ولدَ على مقربةٍ منّا، في قريةٍ ساحلية رغم أنه يصرّ على هويّته العربية اللغوية البعيدة عن الحدود الضيقة أياً كان نوعها!!
ولأنّ أدونيس أحدث فتحاً شعريّاً مهمّاً وشرخاً في المشهد الشعري الجامد عربياً_على الأقل_...
ولأنَّ أدونيس _أخيراً_ لم يكن سوى فتىً فقيراً في بداياته اعتمدَ على يديه العاريتين الممسكة يمناهما بالقلم!! ليبني مجداً شعرياً فذّاً...
فتعالوا إلى نبذةٍ مختصرة عن أديبنا الجميل، أرجو أن تغنوها قراءنا الكرام بدررٍ مخبوءةٍ لديكم قد أكون بعيداً عنها وهي في أيديكم...
*ولدَ علي أحمد سعيد إسبر في قرية قصّابين_قضاء جبلة عام 1930م
*التقى برئيس الجمهورية آنذاك شكري القوتلي وكان في زيارةٍ إلى اللاذقية، حيث تلا عليه_وكانَ يافعاً_ قصيدةً في مدحه نالت إعجاب الرئيس القوتلي وأمرَ بتخصيص نفقات حكومية حتى يكمل الفتى دراسته...
*لا ننسى أن نشير إلى أنه رغم الفقر المدقع الذي عاش فيه أدونيس، فإنَ والده لم يألُ جهداً في إرسال الفتى إلى الكتّاب وتلقينه وهو صغير آياتٍ من القرآنِ الكريم. كانَ لها أثرٌ كبير في التأسيس لنبوغه الشعري...
*التحق بالدراسةِ الجامعيّةِ في دمشق في قسمِ الفلسفة...
*ثم يمّمَ وجهه صوب بيروت، عاصمة الأدب وقتها، لتأخذ حياته منحىً مختلفاً كليّاً سنة 1956م...
*تميّزت الفترة البيروتيّة في حياة شاعرنا بغناها بالأحداث التي بلورت شخصية شاعرنا الشاب الشعريّة... فقد آثرَ التخلي عن اسمه التراثي!! الذي يعبق بروائح الأسلاف، وليتخذ اسماً يعبق بالسلف الشعري القديم للمنطقة... أدونيس: طائر الفينيق في الميثولوجيا الفينيقيّة، الذي يحترق كلّ عام ويبعث من الرمادِ حيّاً من جديد.
*كما تميّزت بتأسيسه للمجلة الأشهر على الإطلاق (شعر) مع الشاعر الجميل(يوسف الخال) التي كان لها دور عظيم في إبراز وجوهٍ شعريةٍ مغمورة وقتها، وأصبحت الآن قامات سامقة في الأدب العربي المعاصر ولنذكر مثلاً اكتشافه للقامةِ الكبيرة (محمد الماغوط) وسوف نقف عنده لاحقاً ضمنَ قسمنا هذا...
*أسس أيضاً مجلة (مواقف) ضمنَ مشروعه لجمع نخبة النخبة الشعرية العربية...
*غادرَ إلى باريس عام 1985م بسبب ظروف الحرب الأهليّة... ومازالَ شاعرنا يجول في الحواضر الأوروبيّة حتى يومنا هذا ويزور المنطقة العربية ليشارك في لجان تحكيم، أو لتسلم جوائز أدبية رفيعة...........(انظر الأخبار الأدبية)
*مرشحٌ دائم لجائزة نوبل للآداب رغم رأيه المثير فيها... "إذا فزت بجائزة نوبل، سقطتُ كشاعر".......من مقابلة مع الشاعر الكبير في برنامج زاهي وهبي على قناةِ المستقبل اللبنانيّة(خليك في البيت)
من مؤلفاته الكثيرة........
كتابه الهام (الثابت والمتحول) وهو كتاب نقدي لم يؤسس فقط للنقد بقدر ما أسس لقراءةٍ جديدة لتراثنا الأدبي العربي...
مجموعة دواوين: (قصائد أولى) (أوراق في الريح) (أغاني مهيار الدمشقي) (وقتٌ بين الرماد والورد) (هذا هو اسمي) (أول الجسد... آخر البحر) وغيرها...
هذا هو شاعرنا الفذ... ولقد تعمدت إغفال بعض التفاصيل الصغيرة عنه على أملٍ أن تبحثوا في الأوراق وبطون الكتب وترسلوا ما تجود به جهودكم النبيلة عن سيرة شاعرنا إلى البريد الإلكتروني
writer@baniascc.net
وإليكم بعض قصائده، راجياً إعمال الفكر والصبر، فأدونيس صعب القراءةِ أحياناً!!
من ديوانه/أوّل الجسد...آخر البحر/:
موسيقىII
(9)
لا أحبّ الرسائل،كلا
لا أريد لحبي هذا الأرق
لا أريد له أن يُجرجرَ في كلمات.
لا أحبّ الرسائلَ، كلا
لا أريد لأعضائنا أن تسافر في مركبٍ من ورق...
....
....
....
(12)
آهٍ، كلا
لا أريد لعينيَّ أن تسبحا في فضاءٍ
غير عينيه كلا
لا أريدُ لحبي وأشيائه وضوحاً
لا أريد انتماءً ولا نسباً أو هويّة
لا أريد سوى أن نكون لغاتٍ
للجموح، وأعضاؤنا أبجدية...
....
....
....
(19)
لا أحبكَ إلا لأني كرهتكَ يوماً
أيها الواحد المتعدّد في جسمه
آهٍ ما أعمقَ الحب-كرهاً
آهٍ ما أعمقَ الكرهَ-حبّاً
من قصيدة (أبجديّة):
صاد: باسمها، يضطرب ويحارُ في عملِ الطبيعة، مع أنه يحاول أن يرى نفسه فيها. يعرف أن الطبيعة مرآةٌ أجملَ ما فيها أنها لا تصقل، ويحاول أن يتآخى مع الجبال، باسمها، غير أن هذه ليست إلا مقاعد تجلس عليها النجوم.
....
....
....
خاء:خطيئةٌ
كل خيالٍ لا يكون فيكِ
اسماً آخر للحقيقة
"خبزُ الواقعِ خيط التوهم"
يقول مجهول جسدينا.
من مجموعته /تنبّأ أيها الأعمى/
(اثنا عش قنديلاً لغرناطة)
8
وشوشتني زاوية
دخلتَ أيها الشاعر مثلثي،
وهيهاتَ أن تخرج،
لي ضروعٌ وليس لي آنية
كن مثلي
سافر، لكن في جسدك
لكي تحسنَ الإحاطة بالكون
12
أصغِ، أيها الشاعر إلى غرناطة
أنت لم تعشق مساءَ ما مضى
إلا لأنك مأخوذٌ بصباحِ ما يأتي
المساء يهيئ الفجر
جذراً يفتح لك الأفق
وعمقاً يغذيك بالعلو
ولك مثل الشمس، ومثل غرناطة
خدّان:
خدٌّ على الشرق
وخدٌّ على الغرب
(تقويم للفلك2001)
.........
يرفض عصوراً لا تفعل إلا أن تنتظر أنبياءها
وتواريخ تنقل كالسلاسل
بريئاً من ماضٍ اسفنجٍ يمتصّ الحاضر
سابحاً في شمسٍ خضراء تسبح في الحبر
.........
متى سيصغي إلى تمزّقه!؟
لستِ جديرةً بمنيِّ البحر
أنتِ يا شواطئ العودة
.......
وأنتَ، أيها الصياد
رجاءً لا تذبح هذه اليمامة
لعلّها تكون المرأة التي أحببتها
أو أحبّها ،للمرّةِ الأولى، صديقك الشاعر
(قصابين_الكتاب)
1
بين قصّابين والكتاب، عشتُ وأعيش
كثيراً ما أصغي إليهما، فيما وراء رماد المعنى، الذي
يغطي جمرة الحاضر، يقولان لي:
كلا لن تعاش الحياة
إلا في بيت الحرية
ولا تكتب
إلا بضراوة اللغة.