الخرافة حينما تصبح علماً - د. صقر أبو فخر
باب الشيطان
سأل أحدهم الشيخ عطية صقر عن التثاؤب في الصلاة. وبدلا من أن يتفكّر هذا الشيخ ويلجأ إلى العلم لمعرفة كيف يحصل التثاؤب، وهو عملية تلقائية لا إرادية يقوم بها الجسم لدفع الدم إلى المخ، غاص في نصوص الكتب القديمة ليستنتج أن التثاؤب من عمل الشيطان، وأن من المفروض إذا تثاءب المرء أن يمسك بيده على فمه حتى لا يدخل الشيطان
(جريدة <المساء> القاهرة، 24/2/1996).
إبليس والقمر
وضع أحد <علماء> الدين كتابا ينكر فيه الصعود إلى القمر إنكارا تاما، وأكد أن الأميركيين لم يكذبوا في هذا الأمر قط، لكنهم وقعوا ضحية خدعة ماكرة من إبليس، فقد انتفخ إبليس في الفضاء حتى بدت صورته كما لو كان كوكبا سابحا أشبه بالقمر، وكان يتربص برواد الفضاء ليخدعهم. وهكذا هبطت المركبة على ظهر إبليس ظنا من روادها أنهم واقفون على سطح القمر
(انظر: عبد الله الغذامي، <الثقافة التلفزيونية>، الدار البيضاء: د.ت.، ص 30).
هذا خيال ربما يصلح لأفلام الفضاء المرعبة. لكنني لا أدري حقا هل أن هذا الخيال صادر عن عقل متوهج أم عن نخاعات مسلوقة.
الهبل المستديم
منذ 2500 سنة وقف أبقراط ليقول: "إن بعض الناس يظنون أن الصرع يأتي من الجن لأنهم لا يفهمون أسبابه". واليوم، بعد 2500 سنة، ما زال الكثيرون من العرب متخلفين 2500 سنة عن أبقراط لأنهم ما انفكوا يعالجون الصرع بالضرب والرقى والتعزيم لإخراج الجان من بدن الإنسان. وفي حادثة جديدة، دفعت امرأة حياتها ثمناً لهذه الشعوذة المرة. فقد شهدت إحدى قرى قضاء الزهراني في لبنان الجنوبي في سنة 2006 موت امرأة في العقد الثالث وأم لطفلتين جراء هذا الخبال الشعبي حينما قرر مشعوذ أن هذه المرأة مسكونة بالجن، وأن الطريقة الوحيدة لإخراج الجن منها هي ضربها ضرباً مبرحاً. وتعاون الزوج وشقيقاها على ضربها بقوة فماتت بعدما تفنن أحد شقيقيها بضرب رأسها ببوابة من حديد، فأصيبت بنزف حاد في الرأس، فعاش الجن وماتت المرأة (جريدة <المستقبل>، 29/5/2006).
هذا ما وقع في لبنان في القرن الحادي والعشرين. وهذا الهبل ليس أمراً استثنائياً أو معزولا، بل هو ظاهرة شائعة جدا في المجتمع العربي في أقاليمه المختلفة. وفيما يلي ضروب من هذا العياء اليومي والبلاء الدهري اللذين يكتنفان أدمغة الناس و<عقولهم> إلى حد مريع.