يصادف غدا اليوم الخامس من الأسبوع العظيم المقدس حيث نعيد غدا لذكرى العشاء السري و ألام السيد المسيح و صلبه
و تتشح الكنيسة الأرثوذوكسية بمظاهر الحزن و ترفع الأجراس بنغمات الحزن وقت تلاوة الاصحاح الانجيلي الذي يتحدث عن الالام و الصلب
وقد اخترت .. قراءة ووصف جميل و مؤثر لأحد الأخوة في هذه المناسبة الحزينة
ولمّا كان المساء
و لمّا كان المساء ، ذاك الذي أُعدَّ قبلَ أن يكونَ العالم.ذاكَ المساءُ الليلكيُّ الذي لا يشبههُ مساءٌ في جلاله..كانَ شاحبَ الوجه، أرجوانيَّ الجسد، قابضَ النفس،..ذاك المساءُ الذي على جبينه صلبوا يسوع، و على ثيابه نزفت دماءُ المخلّص..
ذاك المساءُ ، وياله من مساء..
في ذلكَ الوقتِ من ذاك المساء وقفتُ أرقبُ الجموعَ تمشي مع المعلِّم،فهناكَ كان كلُّ شيءٍ يُجهَّزُ لإتمامِ مشيئةِ الآب.. فالجلدُ و البِصاق.. الهُزىء و اللّطمات ..المساميرُ في أيدي الجنود، و المطرقةُ في أيدي الشيوخ و الكتبةَ و الفريسيينَ و كلّ ُمن لم يتبع و يعشق يسوع...و الخشبةُ كانت على ظهرِ الحمل..و الموكبُ يشقُّ الحشود ، و لا من أحدٍ يرفعُ الصليبَ عن يسوع..
كان السيّد يتصبّبُ عرقاً و لا من أحدٍ يمسحُ جبينه..كان ينزفُ دماً و لا من منديلٍ يزيلُ ألمه، يسوعُ كانَ هناك يبحث عن أخصائه وعن تلاميذه ولكنّ هؤلاء كانوا خائفين فلم يتبعوه و قبلَ أن يصيحُ الديكُ ثلاثاً أنكروه..
و أنا حتّى ذلكَ الوقتِ لم أجترئ أن أتقدّمَ أكثرَ خشيةً من غضبِ اليهود..فقد أبغضوا كلَّ من تَبِعَ يسوع ، و الكلُّ يعرفُ كيفَ يكرهُ اليهود..
قليلاً و يصلُ الموكبُ مقصده..
فها هي الجلجثةُ تنتصبُ من بعيد.. تفتحُ ذراعيها لاستقبالِ ملكها..كانت عرشاً جليلاً لملك ِ الكلّ .. كالعروسِ تنظرُ بلهفةٍ لا مثيلةَ لها عريسها.. فلطالما ترقبتْ و انتظرت ساعةَ يُغرسُ عودُ الحياةِ في قلبها، وها كلُّ شيءٍ يتمّ . و يسوعُ كانَ يقترب..
و أنا ما زلتُ غيرَ مجترئٍ أن أُعلنَ حُبّي للمسيح .
رُحتُ أسمعُ صوتَ المطرقةِ تدُقُّ المساميرَ في جسدِ يسوع، و تناهى لقلبي صراخهُ ، فتحطَّمَت نفسي ألفَ مرّةٍ،و تمزّقَ قلبي مع كلِّ مطرقةٍ كانت تضربُ سيدي و إلهي ، غيرَ أنِّي آثرتُ رميَ حُزني جانباً، و أحجمتُ عن ذرف ِ الدموع، فاليهودُ كانوا يرقبونَ كلَّ من كان مع يسوع..و كنتُ أدرِكُ ما يعنيه حقدُ اليهود...
وبدأَ صراخُ الجنودِ يعلو و يقول: ارفعوه.. ارفعوه..
فتسمّرتُ في مكاني.. و تجمّدتِ الحياةُ في أوصالي ، رفعتُ للعُلا ناظريَّ ..فرأيتُ أنَّ ملكَ الكلِّ قد أصبحَ بين الأرضِ و السماء..ذاكَ الذي خلقَ الأرضَ و صنعَ السماء.
رأيتُ شوكاً مغروساً في هامتهِ، و شاهدتُ دماً طاهراً يسيلُ على خدَّيه..على خَدَّي يسوع، و أنا كانَ معي منديلاً نظيف، لكننّي عن محبّةِ الربِّ أحجمت، فاليهودُ قد كرهوا كلَّ من يساعدُ يسوع و الكلُّ يعرفُ ما يحدُثُ لمّا يَبغضُ اليهود.. فأغمضتُ عنِ الصليبِ عينيَّ و رميتُ بذهني عن كلِّ المشاهدات و الأمور.
راحَ بصوتٍ عظيم ٍ من الألمِ يصرخُ، و لكن، لأنه إلهُ المحبة سامحَ كلَّ معذّبيه و قاتليه..وصارَ ينظرُ من كانَ وفيّاً و ظلَّ معه، و من ثمَّ روحهُ الطاهرُ قد سَلَّمه، و أحنى للموتِ رأسَهُ ، ذاك الذي تَحني له كواكبُ الأرضِ كلّها، فسمعتُ للتوِّ صراخاً و بكاءً و نحيباً يقول: يسوعُ مات، لقد ماتَ يسوع ...و عندها لم أحتملِ السكوت، وبكلِّ غيرةٍ و حماسٍ اندفعتُ أرى يسوعَ و أكلّمه:صرختُ أنا مسيحيٌّ يعشقُ تعاليم المسيح و أتبعه، و لكنَّ أحداً حولي لم أرى لأكلّمه ، فَرُحْتُ عند قدميِّ مخلّصي أجثو و أنوح: أنّي كنتُ معه و سأبقى معهُ .. أني كنتُ أنظرهُ، وبعدَ اليومِ لن أتركهُ، و إني كنتُ أرقُبُ بحسرةٍ سكراتِ آلامه و أني لم أنكره، ولكن إشارةٍ لحسنِ محبّتي لم يُعطني ذاكَ الذي قَبِلَ الصلبَ من أجلي ، فعَرَفَت نفسي للتوِّ ما فَعَلَت بحالِها و بدأت على وترِ التوبة تعزفُ لحن الرجوع و راحت تقول:
يا أيها المصلوب أمامي ،إنك لمصلوبٌ على قلبي...
والمسامير التي سمرت يديك ...سمرتني وآلمتني ...
والحربة التي طعنوا بها جنبك الطاهر ... قد طعنتني ودمرتني ...
ومرارة الخل الذي أذاقوك إياه ... قد ملأت نفسي ...
وهؤلاء الذين هزؤوا بك و ما زالوا ...
أراهم لأجلك حولي ، يهزؤون بي و يسخرون ولمّا ينتهوا ...
إني يا سيدي مثلك متألمٌّ موجوع ..
غيرَ أنّه من عينيكَ استمدت ذاتي الضائعةُ التائهة، قوة عظيمةً ساندتني وأنهضتني ..
أما أنت فنظرت حولك فلم تجد من ينزع إكليل الشوك عن هامتك المقدسة ...
إلا بعد إسلامك للروح المقدسة.. يا أيها المصلوب على قلبي...
لقد سمعت يا رب كلاماً عجيباً :
أنك و في ليلة العشاء الأخير رحت تغسل أرجل تلاميذك ، وكان منهم من أسلمك ،و آخر ثلاثاً أنكرك
فكان ما سمعته عسر القبول، إلا حينما تذكرت أنك ما جئت لتُخدم بل لتَخدُم ،حينها يا رب ، احمرَّ وجهي خجلاً ، و عرفت معنى لما يسمّوه التواضع ..
لمّا رفعوا عن يمينك ويسارك لصّين ..
نظرتُ و تعجبتُ كيفَ جُمعتَ معهما و أنت يا سيدي رب الأرباب ..
غير أنني لما اقتربت أكثر، سمعت وعدك للذي عن يمينك و آمنت ...
و رجعت مسرعاً بيتي و دخلت غرفتي أصلي ، لعلّي أسمع صوتك يوماً يناديني :
( الحق أقول لك : اليوم تكون معي في الفردوس )
و تتشح الكنيسة الأرثوذوكسية بمظاهر الحزن و ترفع الأجراس بنغمات الحزن وقت تلاوة الاصحاح الانجيلي الذي يتحدث عن الالام و الصلب
وقد اخترت .. قراءة ووصف جميل و مؤثر لأحد الأخوة في هذه المناسبة الحزينة
ولمّا كان المساء
و لمّا كان المساء ، ذاك الذي أُعدَّ قبلَ أن يكونَ العالم.ذاكَ المساءُ الليلكيُّ الذي لا يشبههُ مساءٌ في جلاله..كانَ شاحبَ الوجه، أرجوانيَّ الجسد، قابضَ النفس،..ذاك المساءُ الذي على جبينه صلبوا يسوع، و على ثيابه نزفت دماءُ المخلّص..
ذاك المساءُ ، وياله من مساء..
في ذلكَ الوقتِ من ذاك المساء وقفتُ أرقبُ الجموعَ تمشي مع المعلِّم،فهناكَ كان كلُّ شيءٍ يُجهَّزُ لإتمامِ مشيئةِ الآب.. فالجلدُ و البِصاق.. الهُزىء و اللّطمات ..المساميرُ في أيدي الجنود، و المطرقةُ في أيدي الشيوخ و الكتبةَ و الفريسيينَ و كلّ ُمن لم يتبع و يعشق يسوع...و الخشبةُ كانت على ظهرِ الحمل..و الموكبُ يشقُّ الحشود ، و لا من أحدٍ يرفعُ الصليبَ عن يسوع..
كان السيّد يتصبّبُ عرقاً و لا من أحدٍ يمسحُ جبينه..كان ينزفُ دماً و لا من منديلٍ يزيلُ ألمه، يسوعُ كانَ هناك يبحث عن أخصائه وعن تلاميذه ولكنّ هؤلاء كانوا خائفين فلم يتبعوه و قبلَ أن يصيحُ الديكُ ثلاثاً أنكروه..
و أنا حتّى ذلكَ الوقتِ لم أجترئ أن أتقدّمَ أكثرَ خشيةً من غضبِ اليهود..فقد أبغضوا كلَّ من تَبِعَ يسوع ، و الكلُّ يعرفُ كيفَ يكرهُ اليهود..
قليلاً و يصلُ الموكبُ مقصده..
فها هي الجلجثةُ تنتصبُ من بعيد.. تفتحُ ذراعيها لاستقبالِ ملكها..كانت عرشاً جليلاً لملك ِ الكلّ .. كالعروسِ تنظرُ بلهفةٍ لا مثيلةَ لها عريسها.. فلطالما ترقبتْ و انتظرت ساعةَ يُغرسُ عودُ الحياةِ في قلبها، وها كلُّ شيءٍ يتمّ . و يسوعُ كانَ يقترب..
و أنا ما زلتُ غيرَ مجترئٍ أن أُعلنَ حُبّي للمسيح .
رُحتُ أسمعُ صوتَ المطرقةِ تدُقُّ المساميرَ في جسدِ يسوع، و تناهى لقلبي صراخهُ ، فتحطَّمَت نفسي ألفَ مرّةٍ،و تمزّقَ قلبي مع كلِّ مطرقةٍ كانت تضربُ سيدي و إلهي ، غيرَ أنِّي آثرتُ رميَ حُزني جانباً، و أحجمتُ عن ذرف ِ الدموع، فاليهودُ كانوا يرقبونَ كلَّ من كان مع يسوع..و كنتُ أدرِكُ ما يعنيه حقدُ اليهود...
وبدأَ صراخُ الجنودِ يعلو و يقول: ارفعوه.. ارفعوه..
فتسمّرتُ في مكاني.. و تجمّدتِ الحياةُ في أوصالي ، رفعتُ للعُلا ناظريَّ ..فرأيتُ أنَّ ملكَ الكلِّ قد أصبحَ بين الأرضِ و السماء..ذاكَ الذي خلقَ الأرضَ و صنعَ السماء.
رأيتُ شوكاً مغروساً في هامتهِ، و شاهدتُ دماً طاهراً يسيلُ على خدَّيه..على خَدَّي يسوع، و أنا كانَ معي منديلاً نظيف، لكننّي عن محبّةِ الربِّ أحجمت، فاليهودُ قد كرهوا كلَّ من يساعدُ يسوع و الكلُّ يعرفُ ما يحدُثُ لمّا يَبغضُ اليهود.. فأغمضتُ عنِ الصليبِ عينيَّ و رميتُ بذهني عن كلِّ المشاهدات و الأمور.
راحَ بصوتٍ عظيم ٍ من الألمِ يصرخُ، و لكن، لأنه إلهُ المحبة سامحَ كلَّ معذّبيه و قاتليه..وصارَ ينظرُ من كانَ وفيّاً و ظلَّ معه، و من ثمَّ روحهُ الطاهرُ قد سَلَّمه، و أحنى للموتِ رأسَهُ ، ذاك الذي تَحني له كواكبُ الأرضِ كلّها، فسمعتُ للتوِّ صراخاً و بكاءً و نحيباً يقول: يسوعُ مات، لقد ماتَ يسوع ...و عندها لم أحتملِ السكوت، وبكلِّ غيرةٍ و حماسٍ اندفعتُ أرى يسوعَ و أكلّمه:صرختُ أنا مسيحيٌّ يعشقُ تعاليم المسيح و أتبعه، و لكنَّ أحداً حولي لم أرى لأكلّمه ، فَرُحْتُ عند قدميِّ مخلّصي أجثو و أنوح: أنّي كنتُ معه و سأبقى معهُ .. أني كنتُ أنظرهُ، وبعدَ اليومِ لن أتركهُ، و إني كنتُ أرقُبُ بحسرةٍ سكراتِ آلامه و أني لم أنكره، ولكن إشارةٍ لحسنِ محبّتي لم يُعطني ذاكَ الذي قَبِلَ الصلبَ من أجلي ، فعَرَفَت نفسي للتوِّ ما فَعَلَت بحالِها و بدأت على وترِ التوبة تعزفُ لحن الرجوع و راحت تقول:
يا أيها المصلوب أمامي ،إنك لمصلوبٌ على قلبي...
والمسامير التي سمرت يديك ...سمرتني وآلمتني ...
والحربة التي طعنوا بها جنبك الطاهر ... قد طعنتني ودمرتني ...
ومرارة الخل الذي أذاقوك إياه ... قد ملأت نفسي ...
وهؤلاء الذين هزؤوا بك و ما زالوا ...
أراهم لأجلك حولي ، يهزؤون بي و يسخرون ولمّا ينتهوا ...
إني يا سيدي مثلك متألمٌّ موجوع ..
غيرَ أنّه من عينيكَ استمدت ذاتي الضائعةُ التائهة، قوة عظيمةً ساندتني وأنهضتني ..
أما أنت فنظرت حولك فلم تجد من ينزع إكليل الشوك عن هامتك المقدسة ...
إلا بعد إسلامك للروح المقدسة.. يا أيها المصلوب على قلبي...
لقد سمعت يا رب كلاماً عجيباً :
أنك و في ليلة العشاء الأخير رحت تغسل أرجل تلاميذك ، وكان منهم من أسلمك ،و آخر ثلاثاً أنكرك
فكان ما سمعته عسر القبول، إلا حينما تذكرت أنك ما جئت لتُخدم بل لتَخدُم ،حينها يا رب ، احمرَّ وجهي خجلاً ، و عرفت معنى لما يسمّوه التواضع ..
لمّا رفعوا عن يمينك ويسارك لصّين ..
نظرتُ و تعجبتُ كيفَ جُمعتَ معهما و أنت يا سيدي رب الأرباب ..
غير أنني لما اقتربت أكثر، سمعت وعدك للذي عن يمينك و آمنت ...
و رجعت مسرعاً بيتي و دخلت غرفتي أصلي ، لعلّي أسمع صوتك يوماً يناديني :
( الحق أقول لك : اليوم تكون معي في الفردوس )