نوبلزنيوز: في أواخر العام الماضي 2008 بدأت تطرح مجموعة من الأسئلة حول الانتحار في سوريا ، هل هو مشكلة اجتماعيّة أم هو ظاهرة ؟ .
والأعداد المتزايدة للمنتحرين خلال بدايات العام 2009 بدأت تؤشر إلى تحوّل الانتحار إلى ظاهرة إشكاليّة في المجتمع السوري .إذ تشير الاحصائيّات إلى وجود حوالي 31 حالة انتحار على الأقل في المجتمع السوري خلال العام 2008 وحتّى شهر 4 / 2009 أي بمعدل حالتيّ انتحار شهريّاً ،و بلغت حالات الانتحار الذروة ما بين 23 إلى 30 / 4 / 2009 حيث وصلت إلى إحدى عشرة حالة.
و تدفع الأخبار المتزايدة عن حالات الانتحار للتوقّف حول هذه الظاهرة ودراستها ، ويبدو أنّ صعوبة دراسة هذه الظاهرة في مجتمعاتنا ترجع إلى الموقف السلبي جدّاً للمجتمع من هذا السلوك ويعود ذلك بمعظمه إلى الخلفيّة الدينيّة لأفراد مجتمعنا وبالتّالي محاولة المحيط لإخفاء الاعتراف بالانتحار والتستّر عليه بكلّ الوسائل الممكنة لأنّ المنتحر بالعرف هو شخص مخالف للإرادة الإلهيّة لأنّ الروح من شأن اللّه فقط .
تبيّن في العيّنة المبحوثة أنّ 32,2% من المنتحرين ينتمون إلى الفئة العمريّة من ( 10ـ 20 ) عاماً وهم يشكّلون النسبة الأكبر بين المنتحرين وتنحصر أعمارهم بين ( 15 ـ 20 ) عاماً . تليهم الفئة العمريّة من ( 31 ـ 40 ) حيث يشكّلون 22,5 % من حالات الانتحار ، أمّا الفئة العمريّة من ( 21 ـ 30 ) فتشكّل 19,4 % من المنتحرون . والفئة العمريّة من ( 41 ـ 50 ) تشكّل 12,9 % من حالات الانتحار .، بينما تتساوى الفئتان العمريتان من (51 ـ 60 ) و 61 وما فوق فتشكّل كل منهما 6,5 % من حالات الانتحار . و تركّزت أكبر نسبة حالات انتحار في مدينة حلب بنسبة 54,8 % ثمّ في حمص بنسبة 22,7 % ودمشق بنسبة 6,5% ، وما تبقّى من محافظات بنسبة 16% ، ولوحظ تركّز أعلى نسبة انتحار في المدن حيث بلغت النسبة 91.5%, بيما بلغت 9.5% في الأرياف. و كانت نسبة المنتحرات من الإناث أقل من المنحرين الذكور الذين بلغت نسبتهم 71% من حالات الانتحار.
رغم أنّ الدراسات العلميّة حددت أسباباً عديدة للانتحار ، وربطت في بعضها الانتحار بعوامل اجتماعيّة أو نفسيّة أو حتّى اقتصاديّة ، إلّا أنذ أغلب الدراسات الّي سجّلت في حالات الانتحار في سوريا ( التي تمّت دراستها ) أو محاولات الانتحار الّتي وصلت إلى المشافي العامة والخاصّة هي نفسيّة واقتصاديّة بالدرجة الأولى .
تبيّن النسب في العيّنة المدروسة أنّ العامل النفسي هو العامل الأبرز من مسببات الانتحار حيث بلغت نسبة المنتحرين لأسباب نفسيّة 35,4 % من بين الحالات ، وعزّز هذا العامل استطلاع للرأي الّذي نشرته صحيفة بلدنا في عددها الصادر في 19 / 4 / 2009 حيث أنّ معظم الذذين شملهم الاستطلاع أعادو الانتحار لأسباب نفسيّة .
بينما شكّل السبب الاقتصادي نسبة 25,8 %، والسبب العاطفي 19,4 % ومثلها للاجتماعيّة . وهذه بعض حالات الانتحار التي تعرض لها البحث _ أقدمت فتاة على الانتحار بعد أنّ مازحها أهلها بأنّ أحداً لن يتزوجها بسبب النمش الموجود في وجهها ، الّتي تبلغ من العمر 15 عاماً ، فقد أقدمت على الانتحار شنقاً بواسطة حبل بلاستيكي في مستودع بمنزلها بمحافظة إدلب ، لكن أهلها أنقذوها قبل أن تموت . ووفقا لنظريّة القهر الاجتماعي تولّد عند الفتاة نوعين من الاحباطات :
- الاحباط الجنسي بالدرجة الأولى لخوفها من عدم الزواج .
- الإحباط العاطفي بالدرجة الثانية بسبب معايرة المحيط لها .
ممّا أدّى إلى إحباطها من الوجود بشكل عام فولّدت لديها خيبة الأمل والكآبة والميل إلى الانتحار الّذي حاولت القيام به .
_ أقدمت سيّدة عشرينيّة على الانتحار بإضرام النّار في جسدها وذلك لعجزها عن تأمين مطالب أطفالها ،فهي تقيم في محافظة طرطوس الساحليّة ، قامت بسكب البينزين على جسدها واضرام النّار فيه بعدّ أن ألحّ أطفالها عليها بطلباتهم وذلك حسبما أبلغت الشرطة في المستشفى الّتي نقلت إليها . وتنطبق على هذه الحالة ( نظريّة الأحوال الاقتصاديّة والطبقيّة والأزمات الاجتماعيّة ) حيث شعرت بعدم الفاعليّة في البحث الإيجابي النشط للتخلص من المعاناة وسوء المعيشة وأصيبت باليأس والعجز وفقدان الأمل ما دفعها للانتحار