استطاع الأدباء المهاجرون إلى العالم الجديد أن ينقلوا معهم إلى أرض الأحلام صورا شعبية من أوطانهم الأصلية، أضافت للأدب الأمريكي مزيجا ثقافيا فريدا تنوع بتنوع الثقافات التي أثرته. ولم يشذ الكاتب الأمريكي الأرمني الأصل ويليام سارويان عن هذه المعادلة، فقد استطاع أن يتفرد مع الكاتب اللبناني جبران خليل جبران بنقل الروح الشرقية والأرمنية بكل تفاصيلها إلى الأدب الأمريكي، وليس فقط إيحاءات من هذه الثقافات. و سارويان كان يعتبر امتدادا للكتاب الذين سبقوه في تأصيل القصة أو الرواية أو المسرحية الأمريكية، فشخصياته المغامرة المندفعة إلى المرح وحب الحياة، وهي محاصرة بالبؤس أو الخطر، لا تخضع لقيود الحبكات المألوفة في الأعمال الإبداعية التي قد تحد من اندفاعها، فهو يميل إلى السرد الممتع الساخر عموما، ويختار شخصياته التي تبدو كأنها عاشت معه وعاشرها جيدا. بدأ سارويان (1908ـ 1981) بنشر أول أعماله في عام 1934 تحت عنوان «الشاب الشجاع على الأرجوحة الطائرة» ثم جاءت أعماله الأخرى تباعا «مشكلة النمور» و«أيها الحب إنني أخلع لك قبعتي» و«ما أجمل السلام» و« اسمي آرام» ورواية «الكوميديا الإنسانية» وحينما فازت مسرحيته الطويلة «زمن حياتك» بجائزة بوليتزر، أكبر الجوائز الأدبية الأمريكية رفض استلامها لأنها منحت لعمل ليس أفضل من أعماله الأخرى التي تمثل نموذجا أصيلا في الكتابات الانطباعية. أما مسرحيات سارويان فإنها تفيض بمشاعر تأملية وإنسانية، وليس فيها الصخب والأحداث التي نجدها في المسرحيات عموما، ومن مسرحياته «قلبي في البلاد العالية» و«زمن حياتك» و«اذهب أيها العجوز» و«الرجل السمين وقت المجاعة» و«سكان الكهف» و«سائق الدراجة في تلال بيفرلي» وله مؤلفات أخرى تشمل ذكرياته وتأملاته، حيث كان أكثر الكتاب نشاطا حتى وفاته. كان ويليام سارويان شخصية طريفة، يحب المرح والضحك، حاله في ذلك حال المجتمع الأرمني الذي ينتمي إليه، والذي يتميز بالطرافة وحب الحياة، فالتراث الأرمني زاخر بالطرافة والحكايات الضاحكة التي تنسب إلى أرتين الذي يوازي جحا في التراث العربي
منقول
منقول