في لجّة البحر الرهيب سفينة تحت السماء | ألقت بها الأقدار في لجج المنايا والشقاء |
الريح تصرخ حولها وتضجّ في ظلم الفضاء | والموج يضربها ويلقيها على شفة الفناء |
سارت ولا رّبان يهديها إلى الشطّ السحيق | حيرى يخادعها الظلام فلا شعاع ولا بريق |
من فوقها هول الرعود وتحتها اللجّ العميق | سارت وما تدري إلى أين المصير وما الطريق |
الريح مزّقت الشراع فأين يضرب زورقي ؟ | والموج أطفأ ضوء مصباحي فماذا قد بقي ؟ |
وغدا سينسكب الدجى في جفني المغرورق | وتسير أمواج البحور على شبابي المغرق |
لا شيء يمسح أدمعي , لا حلم تلمحه عيوني | لا شاطىء ترنو إليه سفينتي , تحت الدجون |
كتبت لي الأقدار أن أمشي على شوك السنين | جسما تعذّبه كآبة خافق جم الحنين |
رحماك يا أيدي الكآبة ما الذي قد كان منّي ؟ | ماذا جنيت لتعصري قلبي وأحلامي ولحني ؟ |
أبدا تمدّين الجناح على خيالاتي وفنّي | وتلوّنين مشاعري بسواد آهاتي وحزني |
ويروح يصرخ تحت عبئك قلبي المتمرّد | قلبي الذي ذاق الوجود به وعذّبه الغد |
قلبي الكئيب المستطار الشاعر المتنّهد | يحيا على ظمأ الحياة فأين أين المورد ؟ |
كم شاعر عبد الحياة وعاش يشدو بالجمال | أبدا يغرّد للطبيعة والكآبة والخيال |
حتى إذا طلع الصباح على الصحاري والتلال | عثر الضياء على فتى مسجى على كثب الرمال |
نّمت عليه كآبة , لم يمحها الموت الرهيب | ووشت به عينان ران عليهما اليأس المذيب |
وإلى يمين رفاته قيثاره الساجي الكئيب | حفظ الوفاء لمن خبت ألحانه وذوى اللهيب |
يا ليل ,ما نفع الأسى ؟ يا بحر , ما معنى الدموع ؟ | ألنوء يصخب داويا , والموج يهزا بالقلوع |
أنّى تسير سفينتي الحيرى إذن ؟ أنّى الرجوع ؟ | فلتمض للمجهول , ذلك وحده ما نستطيع |
هذه القصيدة مهداة لكل قلب شاب أو شابة تعب التعب