وفتحت مصر صلحا بين عمرو والقبط,وولى الروم مصعدين الى الاسكندرية,وكانت مارية في ذلك تستقري أخبار الفاتح تطوف منها على أطلال من شخص بعيد,وكان عمرو عمرو من نفسها كالمملكة الحصينة من فاتح لا يملك الا حبه أن يأخذها,وجعلت تذوي وشحب لونها وبدأت تنظر النظرة التائهة,وبان عليها أثر الروح الظمأى وحاطها اليأس بجوه الذي يحرق الدم,وبدت مجروحة المعاني,إذ كان يتقاتل في نفسها الشعوران العدوٌان:شعور أنهاعاشقة,وششعور أنها يائسة!ورقت لها أرمانوسة,وكانت هي أيضا تتعلق فتى رومانيا,فسهرتا ليلة تديران الرأي في رسالة تحملها مارية من قبلها الى عمرو كي تصل اليه,فاذا وصلت بلغت بعينيها رسالة نفسها....واستقر الأمر أن تكون المسألة عن مارية القبطية وخبرها ونسلها وما يتعلق بها مما يطول الإخبار به إذا كان السؤال من امرأة عن امرأة.فلما أصبحتا وقع إليها أن عمراً قد سار إلى الاسكندرية لقتال الروم,وشاع الخبر أنه لما أمر بفسطاطه أن يقوض أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه,فأخبروه فقال
(قد تحرمت في جوارنا,أقروا القسطاط حتى تطير فراخها))فأقروه!ولم يمض غير طويل حتى قضت مارية نحبها ,وحفظت عنها أرمانوسة هذا الشعر الذي أسمته:نشيد اليمامة: على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها تركها الأمير تصنع الحياة,وذهب هو يصنع الموت! هي كأسعد امرأة؛ترى وتلمس أحلامها إن سعادة المرأة أولها وآخرها بعض حقائق صغيرة كهذا البيض * * * * على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها لو سئلت عن هذا البيض لقالت:هذا كنزي هي كأهنأ امرأة,ملكت ملكها من الحياة ولم تفتقر هل أكلف الوجود شيئاً كثيراً إذا كلفته رجلاً واحداً أحبه! * * * * على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها الشمس والقمر والنجوم,كلها أصغر في عينها من هذا البيض هي كأرق امرأة؛عرفت الرقة مرتين:في الحب والولادة هل أكلف الوجود شيئاً كثيراً إذا أردت أن أكون كهذه اليمامة! * * * * على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها تقول اليمامة:إن الوجود يجب أن يرى بلونين في عين الأنثى؛ مرة حبيباً كبيراً في رجلها,ومرة حبيباً صغيراً في أولادها كل شيء خاضع لقانونه؛والأنثى لا تريد أن تخضع إلا لقانونها * * * * أيتها اليمامة,لم تعرفي الأمير وترك لك فسطاطه! هكذا الحظ:عدل مضاعف في ناحية,وظلم مضاعف في ناحية أخرى احمدي الله أيتها اليمامة,أن ليس عندكم لغات و أديان, عندكم فقط : الحب و الطبيعة والحياة * * * * على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها, يمامة سعيدة,ستكون في التاريخ كهدهد سليمان, نسب الهدهد إلى سليمان,وستنسب اليمامة إلى عمرو واهاً لك يا عمرو!ما ضر لو عرفت (اليمامة الأخرى)...!
![Sad](https://2img.net/i/fa/i/smiles/icon_sad.gif)