بسم الله الرحمن الرحيم
دائما يكون هناك برهة من الزمن تسبق وقوع الحدث غالباً ماتكون قريبة من الواقع, أما الفترة التي تلحق وقوع الحدث والتي تصبح واقعية وإعتيادية ومشبعة بحقائق وتجارب كثيرة ناتجة ليس عن حدث وانما عن مجموعة من الأحداث...
وفي لحظة وقوع الحدث ما هي تطلعاته واستعدادته ومدى تقبله لمرحلة الانتقال وما هي النتائج المرتقبة لهذا الحدث وما هو تأثير الفترة السابقة من حياة الطالب ومدى اختلافها عن حياته في مرحلة الحدث وكيف ستنعكس النتائج على حياته في الفترة اللاحقة للحدث.
هي كذلك حياة أي شخص التي تبدأ منذ ولادته الى مرحلة اكثر تقدماً فدخوله الابتدائية فالاعدادية وانتهائه بالثانوية والتي يمر خلالها بمراحل "القصر" و"عدم التمييز" و"التمييز" التي تحدثت عنها أغلب الشرائع من بينها "الشريعة الاسلامية" و"القانون المدني السوري" وأكدت في نصوصها على مدى أهلية الشخص في المراحل آنفة الذكر, هذه الفترة هي الفترة السابقة لوقوع الحدث اذا افترضنا أن لحظة وقوع الحدث هي "الحياة الجامعية" التي تعد الفيصل بين:
الحياة النظرية التي يسودها "عدم المسؤولية" أو "المسئولية الجزئية" - الفترة الاستهلاكية.
الحياة العملية التي يسودها نوع من المسؤولية الإلزامية وهي الفترة اللاحقة - الفترة الانتاجية.
في بانياس يعيش الواحد منا بين أهله وأحبابه وأصدقائه سواء أكان ذلك في المدرسة او الشارع او حتى في عمله, ومعاملته معهم كثيرا ما توصف بالبساطة, فأغلب أساتذة المدرسة هم اما من الأقارب أو الجيران وكذلك الأصدقاء فالحياة المدرسية كما نقول (أهلية بمحلية) وهكذا حتى الثانوية وعند انتهاء الثانوية تأتي المرحلة الجامعية وهنا تبدأ المفارقات وما يليها من صدمات ناتجة عن ما كان يعيشه والذي سيعيشه وكيف ستكون علاقته مع الناس في ذاك المكان الذي ابتعد فيه عن عالمه الذي اعتاد عليه, هذه الفترة هي الفترة التدريبية للحياة العملية والتي من هنا ستبدأ الشخصية بالظهور للعالم و التي سنستقر عليها ونتعامل من خلالها مع العالم المحيط.
عن هذا تحدثت أنا وأصدقائي من طلاب بانياس في جامعة دمشق, وأرجو المعذرة عن كل هفوة أو خطأ صدر لأن مجمل هذا الحديث صدر عن من عاشو هذه التجربة ولكم التالي:
·ان أكثر الآراء اتجهت الى موضوع (حالة الشخصية) فمهما كانت الشخصية على مستوى عال فإنها بحاجة للمزيد من الصقل, والسبب هو الانتقال من مجتمع بسيط إلى مجتمع أكثر تعقيداً بالإضافة إلى ضرورة امتيازها بالقوة واتصافها بكثير من الجدية...
·الرزانة والعقلانية والتفكير والتصرف الواعي من الضروريات المطلوبة والمؤكد عليها...
·المحافظة والالتزام بالدين وقيمه السامية وتفهم أديان ومعتقدات الآخرين واحترامها....
·نظام الثنائيات الشائع والمتعارف عليه في بانياس (وهو بين الأصدقاء: حيث نجد في بانياس ثنائيات من الأصدقاء مع احتمالية انضمامهم إلى مجموعة تتكون من مجموعة ثنائيات متكاملة فيما بينها ومتعاونة مع بقية المجموعة) وهو محدود لدرجة الانعدام أحيانا في الحياة الجامعية, وحل مكانه نظام الشلل الذي قد يلغي فيه غياب أي فرد من الشلة مشروع الشلة ككل.
·الرقابة أصبحت أكثر دقة, فكل حديث أو تصرف أو حتى اللباس يجب أن يكون متناسق ...
·التمتع بالاستقلالية وتحمل كافة المسؤوليات والتأقلم بشكل جيد لتنظيم الحياة اليومية والتعامل والتصرف في الحياة العملية المستقبلية.
بالتأكيد ليست هذه الأمور ومفارقاتها ناتجة عن سوء المجتمع أو حتى اللذين يعيشون من حولنا وإنما وبحسب رأي ناتجة عن ضيق وصغر المجتمع في بانياس, فلا ضرورة لقوة للشخصية وجديتها الزائدة في التعامل مع ناس أغلبيتهم من الأهل والأقارب والمعارف, وكذلك الأمر فلا داعي لرسميات في معاملاتنا.
أما بالنسبة لتعدد الأديان أو حتى المذاهب والمعتقدات فهو أمر محدود للغاية ولم نعتد عليه في بانياس وأظن بأنه لا داعي للرقابة الشديدة على تصرفاتنا وأحاديثنا أو لباسنا (لأنّو عيشتنا بتكون أهلية بمحلية).
هذا وقد لاحظت بأن حوالي 70% من الشباب يفضلون الدراسة خارج محور بانياس (اللاذقية) رغبة بالاستقلالية.
أما ما يقارب 30% منهم يفضلون الدراسة ضمن محور بانياس (اللاذقية) نظراً لقرب المسافة متجاهلين فرصة صقل شخصيتهم واختبارها للتكيف مع المجتمعات الأخرى (من وجهة نظري: المكاسب التي ستنعكس إيجابا على شخصيتهم في الحياة العملية من قوة الشخصية والتعامل والأداء وأسلوب النظرة للناس والحياة والتي لا تعوض بسهولة هي ذات قيمة كبيرة لكل واحد منّا)...
وأخيرا فإن هذه الأمور لا يمكن ملاحظتها إلا من قبل من يعيشون مثل هذه التجربة واخص من يخرجون من جو أو بيئة المنطقة الساحلية وأضف إلى ذلك أمور كثيرة وبالتأكيد تتضخم الأمور في حال الخروج من سورية....
وشكرا لسعة صدوركم
أحمد مصطفى الشغريبانياس/ رأس النبع
حقوق/ جامعة دمشق